تلاعب الدلالين يلحق الخسائر بأصحاب المزارع القطرية
أكد عدد من أصحاب المزارع القطرية لـ “الشرق” أنهم يتعرضون لخسائر فادحة جراء ممارسات التلاعب التي يرتكبها ما يسمى “بالدلالين” أو “الوسطاء” والذين يتحكمون بشكل فعلي في المزاد الرسمي لبيع الخضراوات بالسوق المركزي على مستوى الدولة، مما تسبب في النيل من قدرات ومنتجات المزارعين القطريين.
وأشاروا إلى فقدان الرقابة الواضحة من الجهات المعنية التي تحمي حقوق المزارعين القطريين من الإستغلال الواضح الذي يمارسه ” الدلالين ” أو الوسطاء والذي تنحصر مهمتهم في شراء صناديق الخضراوات الطازجة من أصحاب المزارع في المزاد اليومي بأسعار بخس، ثم يقومون بإعادة بيعها للتجار والمحلات بأرباح باهظة لتصل إلى يد المستهلك في النهاية بأسعار مرتفعة، ليبقى الخاسر هو صاحب المزرعة الذي يضطر إلى بيع منتجاته بأسعار بخس إلى المتحكمين في السوق نظرا لعدم وجود منافذ بيع أخرى مصرح بها سوى المزاد في السوق المركزي والخاسر الثاني المستهلك الذي يشتري تلك المنتجات بأسعار مرتفعة عندما تصل إليه.
عملية تسويقية شائكة لها تداعياتها الكبيرة كما ذكرها البعض من أصحاب المزارع المتضررين لـ الشرق والتي ينتج عنها خلق حالة من الإحباط واليأس لديهم بسبب الخسائر الباهظة التي يتكبدوها نتيجة عدم تغطية بيع منتجاتهم تكلفة الإنفاق على المنتج سواء من حيث أجور العمال أو البذور الزراعية وغيرها من أدوات الإنتاج الأخرى.
وحول وجود الساحات الخاصة بالدولة باعتبارها أحد الحلول لحل إشكالياتهم وتسويق منتجاتهم أكدوا أن تلك الساحات تمثل حلولا مؤقتة لعدة أسباب منها أنها تقام على مدار 3 أيام فقط في الاسبوع والأمر الثاني أنها ليست منتشرة مثل المجمعات التجارية أو محلات الخضراوات داخل المناطق والفرجان، والسبب الثالث يعود إلى أنها تقام في أشهر معينة في السنة وبالتالي ليست الحل الجذري في الإشكالية التي يتعرض لها المزارعون في عمليات التسويق.
مطالب أصحاب المزارع
وطالب أصحاب المزارع المتضررون لـ الشرق بتوفير موظفين من وزارتي الاقتصاد والبلدية لمراقبة ومتابعة المزاد اليومي لبيع محاصيل ومنتجات المزارع القطرية للحد من عمليات التلاعب التي ترتكب ، أما المطلب الثاني فهو تحديد حد أدنى لبيع المنتج في المزاد ، والسبب في ذلك هو إتفاق الدلالين فيما بينهم على تحديد سعر صندوق الطماطم على سبيل المثال بسعر ريال واحد فقط من المزارع القطري في المزاد ثم يباع للمستهلك بـ 15 ريالا ويحتوي الصندوق على ما يقارب من 4 إلى 6 كيلو وفي النهاية يضطر المزارع إلى بيعه بهذا الثمن البخس نظراً لعدم وجود منافذ تسويق له مسموح خلالها ببيع المنتجات إلى المحلات مباشرة وكذلك للتخلص من المنتج بسبب عدم تعرضه للتلف في حالة عدم بيعه بهذا السعر البخس.
حد أدنى للمزاد
وأرجع المتضررون كافة العراقيل إلى عدم وضع وزارة الاقتصاد الحد الأدنى للمزاد وكذلك الحد الأقصى شرط ألا يزيد عنه السعر وفقا لمتطلبات السوق بأن يكون تحديد الحد الادنى للسعر بشكل يومي مع وجود رقابة مباشرة.
دعا إلى تفعيل اللجان الزراعية.. أحمد الخلف:
ضرورة توفير شركة لتسويق المنتجات الوطنية
قال رجل الأعمال أحمد الخلف صاحب واحدة من كبرى المزارع القطرية إن إشكالية المزارعين القطريين في تسويق منتجاتهم وما يتعرضون له من ضغوط في المزاد الخاص بعمليات البيع والشراء يحتاج إلى وقفة حقيقية لإنهاء تلك الإشكالية ، خاصة في الوقت الذي تطالب فيه الدولة أصحاب المزارع القطرية على مستوى الدولة بالتعاون من أجل زيادة إنتاج المحاصيل المحلية والعمل على تنمية القدرات المحلية الوطنية ، وأشار إلى أن هناك 1400 مزرعة لم يعمل منها سوى عدد قليل والباقي تحول الى سكن للعمال أو مزارع مهجورة بسبب احتياجها الى الدعم من مياه وكهرباء وتفعيل دورها في الإنتاج.
وأوضح الخلف أن إشكالية المزاد والوسطاء موجودة منذ سنوات، مشيرا إلى أن المزارع القطري يقوم بالإنتاج خلال موسم واحد فقط وتحديدا في فترة الربيع ، لذلك فإن حل هذه الإشكالية تتلخص في تفعيل اللجان الزراعية وتوفير شركة لتسويق المنتجات الوطنية وتعبئتها وان يتوجه المصدر إلى مقر صاحب المزرعة في مزرعته من أجل الحصول على المنتج، وأن تتعهد الشركة بتسويق المنتجات في منافذ البيع المختلفة وتبيعها للمستهلك مباشرة .
وقال رجل الأعمال : لا أؤيد تدخل الدولة في عمليات البيع والشراء للمنتجات الزراعية الخاصة بالمزارعين ولكن يمكن أن يكون الدعم في شكل قروض ميسرة من بنك التنمية لفترة 20 سنة وليس على مدار 10 سنوات كما هو الآن وان تتحمل الدولة 50 % من قيمة القرض وهذا يسهم في تكلفة اقل يتحملها المزارع وإنتاج أكبر حيث هناك العديد من الدول تقوم بمنح مثل هذه القروض على فترة 25 عاماً.
وأكد على ضرورة حل هذه الاشكالية حفاظاً على الأمن الغذائي متسائلا كيف أطلب من المزارعين زيادة إنتاجهم وهذه الإشكالية تحاصرهم والتي تخلق حالة من الإحباط لديهم وبالتالي تنال من عزيمتهم لذلك لا بد من حلول جذرية عن طريق القطاع الخاص المتخصص في مجال الزراعة مشيرا إلى أن الإشكالية تحتاج إلى حل تشريعي يجبر منافذ البيع على استقبال المنتج الوطني بدون رسوم ويعطيه المساحات الكافية وبالتالي تصل البضاعة إلى يد المستهلك بأقل تكلفة.
د. راشد الكواري: أصحاب المزارع يحتاجون إلى التنسيق بينهم للتسويق الصحيح
الدكتور راشد الكواري رجل أعمال وصاحب مزرعة كان له وجهة نظر مختلفة حينما أشار إلى أن شكاوى المتضررين متباينة، موضحا أن سوق الخضراوات يعتمد على العرض والطلب وبالتالي كلما زادت كميات المعروض من الخضراوات المختلفة انخفض سعرها وهذا أمر طبيعي، مؤكدا أن ما استعرضه المزارعون يمثل شكوى قديمة.
وقال : أعتقد أن الإشكالية تحتاج إلى تنسيق بين أصحاب المزارع ووضع آليات واضحة في طرح المنتجات الخاصة بمزارعهم وفي أوقات محددة وبشكل مدروس وبالتالي تنسيق في إنتاج المحاصيل فليس من المعقول أن تقوم مجموعة من المزارع وفي وقت واحد بإنتاج محصول واحد من الخضراوات وطرحه في السوق في نفس التوقيت لذلك من الطبيعي أن يقل سعره عند الشراء.
وأوضح أن بعض أصحاب المزارع لا يحتاجون إلى الدعم المادي من الدولة بقدر ما يحتاجون إلى الدعم المعلوماتي في إمدادهم بالاحصائيات والمعلومات ودراسة الجدوى الصحيحة التي تمكنهم من انتاج المحاصيل في أوقات صحيحة وبالتنسيق فيما بينهم وطرحه في السوق بالشكل السليم وليس قيام مزارع عدة على سبيل المثال بطرح محصول الطماطم في وقت واحد في المزاد فمن الطبيعي أن يقل سعره ، وأشار إلى أن هناك مجموعة من أصحاب المزارع غير المستخدمة قامت بالحصول على القروض من بنك التنمية وللأسف الشديد ليس لديهم الخبرة الكاملة في مجال الزراعة فعجزوا عن إدارة تلك المزارع وكانت النتيجة مؤسفة لذلك فإن المزارعين يحتاجون إلى الجلوس فيما بينهم للتنسيق في عمليات الانتاج والتسويق وعمليات البيع والشراء.
أحمد الصديقي: تلاعب واضح يمارس ضد المزارع القطري
قال رجل الأعمال أحمد الصديقي صاحب مزرعة إن هناك بالفعل اشكالية يواجهها أصحاب المزارع القطرية في المزاد في السوق المركزي ويكمن الحل في إيجاد ضوابط محددة لهذا المزاد والتي تنقسم إلى: أولاً توحيد العبوات التي يوضع بها أصناف الخضراوات المختلفة مثل الطماطم والخيار وغيرهما، وثانياً توحيد المواصفات الخاصة بالمنتج.
واكد أن هناك بالفعل تلاعب من قبل البعض في عمليات المزاد والتي تعود بالخسارة على صاحب المزرعة القطري لذلك لا بد من بدء تشديد الرقابة قبل بدء المزاد، موضحاً أن ما يتم تداوله ويشكون منه عدد ليس بقليل من المزارعين هو وجود بعض الشركات الكبرى تقوم بالسيطرة على المزاد لشراء ما تريده وبأسعار رخيصة لذلك لا بد من الضوابط اللازمة لحماية المنتج الوطني ، وأكد ايضا أنه لا بد من الضغط على المجمعات التجارية لتحديد هامش الربح من المنتجات التي تستقبلها وذلك تعزيزا للحفاظ على المستهلك من أي استغلال..
الحل في إنفتاح السوق.. ناصرالخلف: التسعيرة لا تغطي تكلفة الإنتاج
أشار السيد ناصر الخلف صاحب مزرعة إلى أن الحل في إشكالية المزاد التي يتعرض لها المزارع القطري هو انفتاح السوق بمعنى أن صاحب المزرعة هو الذي يحدد سعر صندوق الخضار ويقوم بنقله من المزرعة مباشرة إلى منفذ البيع وان كل مزارع يقوم بتحديد السعر وهذا بالتأكيد يخلق نوعا من التنافس والذي يصب في صالح المستهلك مع وجود متابعة من الجهات المعنية ، وأكد أن صاحب المزرعة يتعرض محصوله للعديد من المخاطر وبالتالي يتحمل نفقات مالية باهظة خاصة لو أن حشرة معينة أو أمراض تصيب الانتاج وبالتالي وقتها يتعرض لخسائر لذلك لا بد من توفير الدعم للمزارع القطري ، موضحاً ترك تحديد الأسعار لأصحاب المزارع يسهم في انخفاض الاسعار نظرا لوجود التنافسية الكبيرة.
وأوضح ان السوق هو الذي يتحكم في عمليات البيع والشراء من خلال العرض والطلب مؤكدا أن التسعيرة لا تغطي تكلفة الإنتاج، واشار ان السعر يجب أن يحدد ايضا في المزاد من خلال الاتفاق مع أصحاب المزارع والاطلاع على تكلفة أصحاب المزارع في انتاج المحاصيل.
علي أبو جميعان: تشديد الرقابة يحمي أصحاب المزارع من الاستغلال
قال علي أبوجميعان مدير المزرعة العالمية إن هناك بالفعل تلاعبا في المزاد الذي يباع فيه منتجات أصحاب المزارع القطرية مما يتطلب وجود موظفين من الجهات المعنية داخل المزاد اليومي ومتابعة عمليات البيع. مشيراً إلى ضرورة تشديد الرقابة حتى تسهم في الحفاظ على حقوق المزارعين القطريين.
وأكد أنه لا بد من قيام الجهات المعنية بالإجتماع مع 10 على سبيل المثال من أصحاب المزارع الكبرى بالدولة للعمل على حل اشكالياتهم والاستماع الى مقترحاتهم لأنهم الاقرب الى السوق وبالتالي سوف تكون توصياتهم ومقترحاتهم في غاية الاهمية. واكد أن هناك كميات هائلة تعرض في المزاد اليومي من قبل المزارعين ولكن للأسف الشديد هناك خسائر شديدة يتعرض لها المواطن بسبب عمليات التلاعب.
وقفة قوية
استطلعت الشرق آراء عدد من أصحاب المزارع الكبرى بالدولة ، لاستعراض إشكالية المتضررين من المزارعين القطريين وطرق معالجتها، فأكدوا أن المشكلة بالفعل قائمة ، ولها أسبابها وتداعياتها وأنها إشكالية منذ سنوات عديدة ولكن حان الأوان للقضاء عليها ، خاصة مع مطالبة أصحاب المزارع بزيادة إنتاجهم ضمن خطوات تحقيق الاكتفاء الذاتي.
وأوضحوا أنه رغم وجود الاشكالية منذ زمن إلا أن أحدا لم يهتم بها وقد يرجع ذلك إلى قلة إنتاج المحاصيل قبل الحصار نظرا لسيطرة منتجات الدول المجاورة التي كانت تأتي منها الخضار ، أما الظروف الحالية فقد تغيرت عقب الحصار الجائر على الدولة وبات لزاماً وجود وقفة واضحة وقوية لحل إشكالية تسويق منتجات أصحاب المزارع في المزاد وخلق وسائل أخرى لهم طالما أن الجهات المعنية تسعى إلى تحقيق الإكتفاء الذاتي في هذا المجال الهام ، وفي ظل الدعم التشجيعي والتحفيزي الذي تقدمه لأصحاب المزارع.