تجريم الفصل بين الجنسين في المدارس يثير جدلا في تونس
اتهم رجال دين ونشطاء تونسيون وزير التربية، حاتم بن سالم، بممارسة حرب على «الهوية» بعدما أصدر قرارا جرّم بموجبه أي محاولة للفصل بين الجنسين في المؤسسات التربوية.
وكان بن سالم أصدر الثلاثاء قرارا يقضي بـ«منع تخصيص أقسام أو فضاءات للإناث وأخرى للذكور، أو تعمد الفصل بين المتعلمات والمتعلمين بأي وجه كان في الفصول أو القاعات أو الساعات والملاعب الرياضية (…) وكل مخالفة لهذه الأحكام تمثل خطرا تأديبيا فادحا موجبا لمباشرة الإجراءات التأديبية ضد مرتكبيه وفق القوانين»، مشيرا إلى أن هذا القانون يهدف إلى المساواة بين الجنسين وعدم التمييز بينهما، مستندا إلى الفصل 21 من الدستور التونسي.
وأثار القرار بعض الانتقادات من قبل رجال الدين والنشطاء وبعض العاملين في الحقل التربوي، حيث كتب شوقي بن سالم (معلم): «شخصيا، لا أعرف أنّ في المدرسة التونسية فصلا بين الجنسين في الأقسام، الفصل قائم فقط في دورات المياه، اللهم إلاّ إذا كان السيد وزير التربية يريد ان تكون دورات المياه مشتركة بين الجنسين فهذا أمر آخر!».
وأضاف على صفحته في موقع «فيسبوك»: «هذا المنشور في اعتقادي يشي أنّ السيد وزير التربية لا يفقه في التربية، وليس له مشروع تربوي بل دُفع للمدرسة في أتون خلافات ثقافية وأيديولوجية، فما مبرر هذا المنشور في منتصف شهر جانفي (كانون الثاني)؟ ارفعوا أيديكم عن المدرسة فلو سقطت ستسقط الدولة».
وأضاف مستخدم يدعى بهاء الدين يحيى «هو كوزير التربية السابق ناجي جلول، يسعى لإسعاد الأولياء وكسب رضاهم على حساب القيمة التعليمية والعملية التربوية، وإفراغ المدرسة العمومية من محتواها نحو الهجرة الى المدارس الخاصة والتخفيض من الإنفاق وإيقاف الانتدابات».
وانتقد الشيخ عادل العلمي (رئيس حزب تونس الزيتونة) هذا القرار، مشيرا إلى أنه يأتي في وقت «يتبع فيه العالم المتقدم سنة محمد صلى الله عليه وسلم ويفصل بين الجنسين». وأضاف أحد النشطاء «ما بعد الحداثة وزمن السيولة وغياب المعنى وفقدان القيمة، تلك هي العناوين الكبرى التي يشتغل عليها الوزير»، مشيرا إلى أن التلاميذ يحتاجون أساسا إلى المزيد من الاهتمام بالأخلاق، التي قال إنها بلغت مستوى مدنيا جدا في المدارس التونسية.
وكتب آخر يُدعى منصف الشامخ «يجروننا جرا إلى مربع صراع الهويات من أجل قضايا فاشلة». وأضاف بتهكم «بهكذا «إنجاز» يمكننا ان نبارك إنهاء إصلاح المنظومة التربوية والتقدم بالتعليم من الصفوف الأمامية للدول المتحضرة، ولا تقولوا بعد ذلك أن ثمة من يحرّض ضد إنجازات الحكومة».
وهذه ليست المرة الأولى التي تثير فيها مواقف وقرارات القائمين على القطاع التربوي الجدل في تونس، حيث أكد وزير التربية السابق ناجي جلول أن المدارس التونسية تخرّج الإرهابيين، وهو ما عرّضه لعاصفة من الانتقادات وصلت لحد المطالبة بإقالته بعد اتهامه بـ«إهانة» القطاع التعليمي وتشويه صورة البلاد.
من جهة أخرى دعت مسؤولة تونسية إلى تنظيم مسيرة شعبية كبيرة للضغط على السلطات باتجاه تفعيل مقترح المساواة بين الجنسين في الميراث، في محاولة لحسم الجدل المستمر حول هذا الأمر.
وكتبت الباحثة رجاء بن سلامة، مديرة المكتبة الوطنية، على صفحتها في موقع «فيسبوك»: «مسيرة كبرى يوم 10 مارس (آذار) 2018 للمطالبة بالمساواة في الميراث، تشارك فيها نساء الجمهوريّة التّونسيّة ورجالها. مساواة تامّة يفرضها القانون، وتحقّقها الدّولة احتراما للفصل 21 من دستور البلاد. المطلوب الاستعداد قبل أسبوعين أو أكثر لهذه المسيرة بالتّنسيق واكتراء وسائل النّقل».
وتأتي هذه الدعوة مع تواصل الجدل حول المقترحات التي ستقدمها لجنة «الحريات الفردية والمساواة» التي كلّفها الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي بدراسة مقترح المساواة بين الجنسين، وخاصة موضوع المساواة في الميراث وتمكين الأم التونسية من منح لقبها لأبنائها وإلغاء المهر من عقد الزواج، وهو ما دعا عددا من رجال الدين أخيرا للتحذير من «الفتنة» في البلاد.