الجزائر العاصمة تحت حصار أمني لمنع قدماء الجيش من التظاهر
عاشت العاصمة الجزائرية، أمس الأحد، ولليوم الثاني على التوالي، حصارا أمنيا غير مسبوق، تحسبا لمظاهرة يريد قدماء الجيش تنظيمها للمطالبة بما يعتبرونها حقوقهم، في حين ترفض السلطات الاستجابة للمطالب المرفوعة، وتؤكد إبقاء قنوات الحوار مفتوحة.
وتفاجأ سكان العاصمة خلال اليومين الماضيين بالترسانة الأمنية الكبيرة المنتشرة داخل المدينة وعلى مداخلها المختلفة، فالسلطات قررت منع المظاهرة التي كان قدماء الجيش ينوون تنظيمها في العاصمة، لإدراكها أن وصول المتظاهرين إلى وسط المدينة سيضعها أمام خيارين أحلاهما مر، إما السماح لهم بالتظاهر، أو اللجوء إلى استخدام القوة لتفريقهم، والخياران لهما كلفة غالية، الأول سيفتح الباب أمام مظاهرات أخرى، خاصة في وقت تعيش فيه البلاد غليانا حقيقيا في عدة قطاعات، والثاني سيحرج السلطة أكثر، خاصة أن تبعات قمع مظاهرة الأطباء المقيمين ما زالت تطاردها، لهذا قررت السلطات منع المظاهرة من المنبع، وذلك بفرض طوق أمني غير مسبوق على مداخل العاصمة وعلى بعد عشرات ومئات الكيلومترات، لمنع وصول المتظاهرين، وبما أن هؤلاء يعرفون أنهم لو تحركوا بشكل جماعي سيتم منعهم بسهولة، لذا فالحل هو الوصول فرادى إلى مكان المظاهرة، وهو الأمر الذي جعل السلطات الأمنية تفرض عمليات رقابة دقيقة على كل السيارات والأتوبيسات التي تتجه نحو العاصمة، وحتى على مستوى القطارات، الأمر الذي تسبب في طوابير طويلة، وفي تعطل حركة السير.
وقد استشعر سكان العاصمة والعاملون فيها آثار خنق هذه المظاهرة في المهد بشكل أكبر أمس الأحد، على اعتبار أن يوم السبت هو ثاني أيام عطلة نهاية الأسبوع، وبالتالي فإن الموظفين نجوا من جحيم الطوابير، لكن في اليوم التالي عانى مئات الآلاف من الجزائريين الأمرّين لدخول العاصمة، ووصل الكثير من الموظفين متأخرين إلى عملهم، كما ضيع الكثير من الطلبة امتحاناتهم، خاصة أن الكثير من الجامعات تجري امتحانات السداسي الأول في هذه الفترة، وتجرى الامتحانات حتى يوم السبت، وبالتالي وصل المئات من الطلبة متأخرين إلى مراكز الامتحان.
ولم يقتصر الأمر على مداخل العاصمة، بل إن قوات الأمن انتشرت بشكل لافت داخل العاصمة، فقد اصطفت شاحنات الشرطة في كل النقاط الاستراتيجية في العاصمة، مدعمة بقوات التدخل الخاص، التي انتشرت أيضا بشكل ظاهر أيضا في مطار العاصمة الجزائرية، ولم يقتصر الانتشار على محيط المطار ومداخله ومخارجه، بل شمل أيضا المطار نفسه من الداخل، وكان المنظر غريبا بالنسبة للمسافرين الذين لم يعهدوا هذه التعزيزات الأمنية.
وكان رئيس الوزراء أحمد أويحيى قد أكد السبت أن المظاهرات ممنوعة في العاصمة، وأن السلطات لن تسمح بها، لأنها تمثل خطرا على الأمن العام، مذكرا بما حدث سنة 2001، فيما عرف بمظاهرة العروش التي جاءت في خضم الربيع الأسود الذي ضرب منطقة القبائل، وأن تلك المظاهرة لم يسلم منها الأشخاص ولا الممتلكات الخاصة ولا العامة، على حد قول أويحيى.
ولام أويحيى الذين يريدون التظاهر وهم يعلمون أن المظاهرات ممنوعة في العاصمة، معتبرا أن ذلك يعتبر نوعا من تحدي السلطات، قبل أن يضيف: «يوم نتعلم أن نتظاهر بطريقة سلمية سيتم الترخيص للمظاهرات».
القدس العربي