العرب تريند

زينة المناسبات.. إصرار على الفرح في بيوت الأردنيين رغم ضيق الحال

عربي تريند_ رغم المشاكل اليومية وضيق الحال يبحث الأردنيون كالكثير من الشعوب العربية وغيرها عن منافذ للسعادة يخرجون من خلالها من واقعهم المعيشي.

ويستغل الأردنيون أفراحهم بترديد الأهازيج الشعبية المعبرة، وفي مناسباتهم المختلفة، وخاصة الموسمية والسنوية كشهر رمضان وعيد الأم وحفلات التخريج والأعراس، يرتادون محال الزينة لتزيين منازلهم سواء بعبارات الفرح أو البالونات أو غيرها من أنواع الزينة.

ومن بين العبارات التي يرددها الرجال الأردنيون في زفة العريس “خَش الفرح دارنا.. يا مين يهنينا”، كما أنها تردد أيضا لدى النساء في تجمعاتهن المنفصلة داخل المنازل وهي بمثابة دعوة صريحة للمشاركة في فرحة عزيزة على قلوب أهل الدّار.

طرق باب الفرح في المناسبات ثقافة تختلف من دولة إلى أخرى، لكنها في محصلة الأمر تعطي الإنسان ما يبحث عنه ليجلي ما في قلبه من هموم، وينفض غبار التّعب والمشقّة، ويدخل إلى نفسه السعادة حتى لو كان واقع معيشته ضيق الحال.

عبارات مكتوبة

“رمضان كريم”، و”في بيتنا بيبي”، و”في بيتنا عريس”، و”في بيتنا خريج”، وغيرها من العبارات الأخرى تزين مداخل بيوت الأردنيين في أسلوب أراد به أصحاب البيوت أن يُظهروا لزائرهم طبيعة المناسبة التي أدخلت الفرح إلى قلوبهم.

أما ألوان البالونات، فالزّهر يدلّ على أن المولود أنثى، واللون الأزرق للذّكر، فضلاً عن أحرف اسم المولود باللغة الإنجليزية، تعُلّق هي الأخرى على جدران الغرف الداخلية.

أشكالٌ وطقوسٌ مختلفة للتعبير عن الفرح، باتت أساليب حديثة لدى الأردنيين، ولم تعد تقتصر على الأغنياء كما كانت في السابق، ولكنها أصبحت تنتشر بين عمومهم الأردنيين، فالفرح ليس حكراً على طبقة معينة، وهذه المظاهر دفعت بمراسل الأناضول أن يقف على تفاصيلها وقصة شيوعها.

زينة متنوعة

حسام أبو هنية (28 عاما)، صاحب أحد المحال التي تُعنى ببيع الورود وزينة المناسبات بالعاصمة عمان بين في حديثه للأناضول، أن “هناك إقبالا كبيرا من الأردنيين على زينة المناسبات، ولكن طبيعة الطلب تعتمد على الظروف المادية لصاحب المناسبة”.

وقال هنية: “الزينة لدينا متنوعة، الغني يأخذ بقدر ماله، والفقير يأخذ أيضاً ولكن الأشياء البسيطة، وطبيعة الطلب هي ما تبين ظروف صاحبها”.

وأضاف: “الورود هي الأكثر طلباً للأعراس (حفلات الزفاف)، ثم يأتي بعدها الولادة والتخرج من الجامعات ورأس السنة وعيد الأم، ولكل مناسبة زينتها الخاصة”.

وعن العبارات اللاصقة والخشبية، فاعتبر هنية أنها “بسيطة وفي متناول الجميع، فأسعارها تراوح بين 3 و5 دنانير (4 و7 دولارات)”.

أحمد أبو عاشور (18 عاماً)، متخصص بأشكال الزينة وتركيبها، ويتواصل مع زبائنه عبر وسائل التواصل الاجتماعي قال للأناضول: “أكثر الزينة خاصة للتخرج ولأعياد الميلاد والمواليد الجدد بالبالونات الملونة، ونقوم بالكتابة عبر أجهزة مخصصة لهذه الغاية”.

وزاد: “الزينة داخلية وخارجية، الداخلية منها تكون داخل بيت أو مدرسة أو مستشفى، والخارجية للمحال التجارية، ولأبواب المنازل، وعادة ما تكون مصحوبة بكلمة أو عبارة توضح طبيعة المناسبة”.

واعتبر أن “الإقبال على الزينة بحسب ما أراه يكون للطبقات المتوسطة فما فوق، فلم يسبق لي على سبيل المثال أن زينت لمولود داخل مستشفى حكومي، وجميعها في مستشفيات خاصة”.

تحسين الحالة النفسية

سيرين دراج (26 عاماً)، إحدى المسؤولات عن إدارة مركز للتجميل في العاصمة عمان، كان لها رأي آخر؛ إذ قالت: “إن أسباب قيامنا بتجديد الزينة داخل المركز بشكل متكرر يهدف إلى تحسين الحالة النفسية للزبائن والعاملين لدينا”.

واستطردت “في كل المناسبات لدينا زينة مختلفة، الأعياد، ورأس السنة، وشهر رمضان، ومناسبات أخرى، وقد ساهم ذلك بمشاركة زوارنا بآرائهم حول طبيعة ما نقوم به، فبعضهم لا يخفي إعجابه، وآخرون يقدمون بعض المقترحات”.

واعتبرت “البعض يرى ما نقوم به مكلف مادياً، ولكننا نعتقد بأن تحسين نفسية الزائر هو أساس النجاح وعامل مهم لاستقطابه، وقد وجدنا بالزينة طريقاً لتحقيق ذلك”.

مساحة من الفرح

حسين محادين، أستاذ علم الاجتماع في جامعة مؤتة الحكومية، بين أن “الأردنيين بطبعهم وبحكم البيئة التي يعيشون في كنفها اعتادوا على مغالبة واقعهم، سواء على الصعيد الاقتصادي أو بانحيازهم الدائم لمعاني الفرح”.

وتابع: “دورة الحياة من الميلاد إلى الوفاة هي محطاتٌ متناوبة أصرّ الأردنيون على أن يأخذوا مساحةً واسعة من الفرح، سواء في الغناء التراثي من قبيل (شباب قوموا العبوا والموت ما عنوا والعمر شبه القمر ما ينشبع منو)، ولهذه الثنائية تعابير تعني دائماً لدينا كأردنيين الميل إلى الفرح والإقرار بحق الموت”.

وزاد محادين: “على الرغم من الظروف الاقتصادية الضاغطة، فإن هناك حصة وفيرة من وجدان الأردنيين نحو فرح الميلاد وتبادل التهاني والهدايا، ومشاركة بعضهم بعضا في الأفراح، ولا ننسى طبيعة اختيارهم للألوان الفاتحة لبوابات بيوتهم ولافتات محلاتهم وحتى حواف شوارعهم الكبرى”.

وأردف: “كل هذا يتجلى بكثافة في ميل الأردنيين القوي للضوء والوهج على الدوام”.

وتابع محادين، أن ذلك “ليس بعيدا عن تأثيرات العولمة التي يستثمرها الأردنيون عبر أدوات التواصل الاجتماعي في مختلف المناسبات من توظيف مميز للتكنولوجيا والصور الملونة والحروف المبهجة أثناء تبادلهم التهاني في مناسبات الفرح”.

وزاد: “ما يمكن ملاحظته هو تميزهم واستخدامهم لأدوات وأشكال الزينة التي نراها أثناء تبادل التهاني والتعبير عن الفرح”.

ويعيش الأردنيون أوضاعاً اقتصادياً صعبة؛ جراء تداعيات الأزمات المحيطة بالمملكة، لكن الفرح بالنسبة لهم لا يقترن بالظروف، فهو قيمة فطرية بالإنسان، ولا يحتاج العيش فيه سوى إرادة، دون الالتفات لأي منغّصات تحول دون تحقيقه وإتمامه.

(الأناضول)

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى