هيومن رايتس ووتش: مصر من أسوأ الدول في حبس الصحفيين
الصحفيون في السجون المصرية يعانون من معاملة سيئة وتدهور صحي
صحفي الجزيرة محمود حسين يكمل عامه الأول في الحبس الاحتياطي
السلطات المصرية اعتقلت العديد من الصحفيين في قناة الجزيرة
قالت “هيومن رايتس ووتش” إنه منذ وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى منصبه عام 2014، أصبحت مصر إحدى أسوأ الدول التي تسجن الصحفيين، حيث جاءت بين أعلى 3 مراتب عالميا من حيث عدد الصحفيين المسجونين عام 2017، بحسب “لجنة حماية الصحفيين”.
وأوضحت المنظمة في تقرير صدر أمس أن أكثر من نصف الصحفيين الـ 20 المتبقين في السجون المصرية يعانون من تدهور صحي. وتحتفظ الحكومة بسياسات تقييدية للغاية تجاه منتقديها، وقد أنشأت مؤخرا هيئات لرصد وسائل الإعلام، تفرض رقابة فاعلة على جميع أشكال المطبوعات والتلفزيون، حيث يُحظر في مصر أكثر من 425 موقعا على الإنترنت، معظمها إخباري وسياسي.
وأشار التقرير إلى أنه بموجب القانون المصري، تتمتع النيابة العامة بسلطة واسعة في انتهاك للقانون الدولي لاعتقال المشتبه بارتكابهم جنايات، بما فيها جرائم الأمن السياسي والوطني. كما يمكن أن يصل الحبس الاحتياطي إلى 5 أشهر دون مراجعة قضائية، ويمكن للقضاة تمديده إلى سنتين بدون مطالبة النيابة العامة بأي مبرر موضوعي. لاحقا، أُطلق سراح مئات السجناء ممن أمضوا أشهر في الحبس الاحتياطي، دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة.
محمود حسين نموذجا
وعرض التقرير قضية الصحفي محمود حسين، الذي تحتجزه السلطات المصرية منذ عام. وقال التقرير إن 22 ديسمبر الجاري يصادف مرور سنة على احتجاز حسين في الحبس الاحتياطي، دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة. وألقت السلطات المصرية القبض على حسين، صحفي في قناة “الجزيرة”، في 22 ديسمبر من العام الماضي بعد يومين من وصوله لقضاء العطلة في مصر، كما أخبرت ابنته آية هيومن رايتس ووتش. وأمرت نيابة أمن الدولة باحتجازه بتهمة “التحريض على مؤسسات الدولة وبث أخبار كاذبة بهدف نشر الفوضى”.
من جانبها قالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش:”يزداد سجل مصر في سجن الصحفيين واستخدام الحبس الاحتياطي سوءا كل عام. بغض النظر عما إذا كانت السلطات تعتزم المضي قدما في التهم ضد حسين، عليها إنهاء الحبس الاحتياطي بحقه”. وأضافت ويتسن “يثبت مكوث محمود حسين لأكثر من سنة في الحبس الاحتياطي وقوف مصر ضد حرية التعبير، فضلا عن استخدامها غير القانوني للحبس الاحتياطي كعقوبة. لكل إنسان الحق في الإجراءات القانونية الواجبة، ولا يجوز سجن أحد لأنه صحفي”.
وأشار تقرير هيومان رايتس ووتش، إلى أن عناصر “قطاع الأمن الوطني” استجوب حسين لأكثر من 15 ساعة لدى وصوله إلى مطار القاهرة الدولي في 20 ديسمبر الماضي، ثم أطلقوا سراحه مع احتفاظهم بجواز سفره، كما أخبر جمعة هيومن رايتس ووتش. بعد ذلك بيومين، اتصل به عناصر الأمن الوطني وطلبوا منه القدوم لاستعادة جواز سفره ذاك الصباح. أُقفل هاتفه الساعة 11 صباحا ولم يُسمع اى خبر عنه حتى 10 ليلا، عندما ظهر في منزل عائلته مكبلا بالأصفاد يرافقه عناصر الأمن الوطني، الذين خربوا ممتلكات خاصة في المنزل واعتقلوا شقيقيه. وأُطلق سراح شقيقيه بعد 11 يوما.
عوار قضائي
وأوضح التقرير أن حسين يُحتجز في سجن طرة في القاهرة. وجدد القضاء المصري بانتظام حبسه الاحتياطي منذ يوم اعتقاله، وكان آخر تجديد يوم 14 ديسمبر لمدة 45 يوما إضافية. ويُسمح لعائلته بزيارات أسبوعية، كما أخبرت جمعة هيومن رايتس ووتش. وقال زملاء حسين في الجزيرة إنه عاد إلى مصر لزيارة عائلته وليس للعمل. وقد عمل حسين في قناة “الجزيرة مباشر مصر”، وهي قناة مصرية تتبع الجزيرة في الدوحة. وتمت مداهمة مكتبها في القاهرة وإغلاقه في يوليو 2013 بعد أن أطاح الجيش بالرئيس محمد مرسي آنذاك. وعلقت الجزيرة لاحقا بث محطتها المصرية في ديسمبر 2014 إلى حين حصولها على “التصاريح اللازمة”. ولا تزال عمليات الجزيرة مباشر مصر معلقة، وتبث الآن على تردداتها “قناة الجزيرة مباشر”، وهي قناة مرتبطة بها تبث بالعربية. وكان محمود حسين يعمل مع الجزيرة مباشر وقت اعتقاله. وفي عام 2017، واجهت الجزيرة إغلاق مكاتب قنواتها الإنجليزية في عدة بلدان بعدما قطعت السعودية، والبحرين، والإمارات، ومصر العلاقات الدبلوماسية مع قطر، وفرضت حصارا عليها.
استهداف الصحفيين
وأشار التقرير إلى أن السلطات المصرية اعتقلت سابقا صحفيين آخرين في الجزيرة، بينهم رئيس مكتب الجزيرة الإنجليزية السابق محمد فهمي وبيتر جريست وباهر محمد؛ وجميعهم واجهوا أحكاما بالسجن لسنوات من دون أي أدلة موثوقة على ارتكاب مخالفات جنائية، وقد أطلق سراحهم.
وقبل عدة أيام، كشفت لجنة حماية الصحافة بنيويورك أن المجتمع الدولي أخفق فى الضغط على الدول التى تحبس الصحفيين فى العالم، ومنها مصر، من أجل تحسين أوضاع حرية الصحافة، وقالت المنظمة غير الحكومية إن مصر تأتي في المرتبة الثالثة بين دول العالم في حبس الصحفيين.
وقالت إن معظم الصحفيين السجناء في مصر، يعانون من ظروف صحية سيئة أيضًا، ومن بينهم المصور الصحفي محمود أبو زيد، المعروف أيضًا باسم شوكان، الذي اعتُقل بينما كان يغطي عملية التفريق العنيفة للاحتجاجات على يد قوات الأمن المصرية.
مزيد من القمع
وظل شوكان في الحبس الاحتياطي منذ أكثر من أربع سنوات، ويواجه مع 738 متهمًا آخرين تهمة حيازة أسلحة، والتجمع غير المشروع، والشروع في القتل، والقتل، وفقًا للجنة حماية الصحفيين.
وأوضح التقرير، أن شوكان مصاب بفقر الدم ويحتاج إلى نقل دم، إلا أنه حُرم من العناية الطبية في المستشفى، حسبما أفادت عائلته. وأشار إلى أن من بين الصحفيين العشرين السجناء في مصر، هناك 12 صحفيًا لم يدانوا بارتكاب أي جريمة أو لم تصدر ضدهم أي أحكام. وفي أحدث اعتقالاتها للصحفيين، ألقت قوات الأمن المصرية القبض على الصحفيين أحمد عبدالعزيز وحسام السويفي، خلال مشاركتهما في مظاهرة ضد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن القدس المحتلة، ورغم تعرض السويفي لجلطة في القلب إلا أن النيابة العامة قررت حبسه 15 يوما بتهمة الانضمام لجماعة محظورة.