قصة القرية الصغيرة التي شهدت أكبر مجزرة في مصر
كانت قرية الروضة، في شمال سيناء، آمنة لكن الإرهاب جعلها تلبس الأسود، بعد أكبر مجزرة حصلت في مسجد.
تقع قرية الروضة – التي وقعت بها مجزرة المسجد الجمعة، وأسفرت عن مئات القتلى والجرحى – غرب مدينة العريش شمال سيناء بحوالي 30 كيلومتراً، وتتبع إدارياً مدينة بئر العبد، ويقدر عدد سكانها وفقاً لآخر إحصاء سكاني قامت به مصر 2400 نسمة.
يعمل أغلب سكان القرية بالزراعة واستخراج الملح، وينتمون لإحدى الطرق الصوفية التي يكفرها تنظيم داعش.
تعتبر قرية #الروضة من معاقل الطريقة الصوفية الجريرية الأحمدية، التي تنتمي في النهاية لقطب الصوفية أحمد البدوي، ولهدوئها والسمعة الطيبة لأهلها والتزامهم الديني، لجأ إليها نازحون من قرى جنوب الشيخ زويد للإقامة بها هرباً من الدواعش.
فقدت القرية، بالحادث الأخير، ما لا يقل عن 305 من أبنائها بينهم 30 طفلاً و160 مسناً، وعائلات بأكملها تشمل الجد والابن والحفيد، وتم تشييع جثامين الجميع مساء أمس في موكب جنائزي مهيب.
أما الطريقة الجريرية فترفض الإرهاب وتعادي داعش، وسبق للتنظيم في 19 نوفمبر 2016 أن قاموا باختطاف أحد كبار مشايخ الطرق الصوفية وهو سليمان أبو حراز البالغ من العمر 98 عاماً وقتله ذبحاً.
وفق الروايات المتعددة التي ذكرها أهالي القرية لـ”العربية.نت” فهم يرفضون الدواعش وأفكارهم، ولا يمكن لأحد الغرباء أن تطأ قدمه أرض القرية، ويقيم فيها دون أن يعرف أهلها هويته، ولذلك فشل الدواعش في التخفي والاختباء في القرية والاحتماء بالأهالي.
ولاستهداف الإرهابيين القرية دوافع عدة، كما ذكر أحد الأهالي، وهي أنهم جميعاً رفضوا تواجد داعش في قريتهم أو بالقرب منها، إضافة لأنهم جميعاً ينتمون للطرق الصوفية والتي يعاديها الدواعش، كذلك من أجل الانتقام من النازحين الذين تركوا قراهم في الشيخ زويد وأقاموا في القرية، معتبرين أن نزوحهم كان سبباً في تطهير الشيخ زويد من الإرهابيين، حيث كانوا يختفون وسط الأهالي وعقب نزوحهم اضطروا للهرب من قرى ومناطق المدينة خشية ضربات الجيش.
بدورها، كشفت دار الإفتاء المصرية دافع عداء الإرهابيين للصوفيين وأهالي القرية، حيث قالت إن استهداف مسجد الروضة يكشف عن تصعيد جديد من قبل التنظيمات الإرهابية ضد التيارات الصوفية في سيناء، خاصة أن تلك التنظيمات ترى في الطرق الصوفية، تهديداً خطيراً لها ولمعتقداتها التي تحاول نشرها في قبائل سيناء إلا أنها تلاقي مواجهة قوية من قبل الصوفية هناك، مؤكدة أن تلك الطرق الصوفية تتخذ مواقف وتتبنى أفكاراً تناقض وتهاجم أفكار التنظيمات الإرهابية كداعش والقاعدة وغيرها.
وكما ترى دار الإفتاء، فإن الدافع الآخر لانتقام الإرهابيين هو تكاتف قبائل سيناء ومساندتها لقوات الجيش والشرطة في حربها ضد معاقل #الإرهاب وعناصره التي تختبئ هناك، وبطبيعة الحال تكون التيارات الصوفية في مقدمة المؤيدين والمساندين لجهود القضاء على الإرهاب والتطرف هناك.
إلى ذلك، قررت قبائل سيناء “الأخذ بالثأر”، وأصدرت بياناً قالت فيه إن “اتحاد قبائل #سيناء لن يتقاعس عن محاربة الإرهابيين وقتلهم أينما وجدوا”، مرجعين دافع مجزرة المسجد إلى الكراهية التي يكنها المتطرفون لأهالي القرية حيث قاطعوهم وطردوهم.