“النصابون” في مصر.. عمليات بالملايين وضحايا بالمئات
النصاب دائما يلعب على فكرة الطمع لدى ضحاياه.. ولا شك أن النصب موجود في كل أنحاء العالم، لكن وكالعادة مصر لها نكهة خاصة، فلا يمر شهر في مصر دون أن تخرج قصة جديدة عن نصاب تمكن من الحصول على ملايين الجنيهات من ضحاياه.
وتختلف طرق النصب باختلاف أصحابها والضحايا، فهي ليست واحدة، إذ هناك نصاب يستثمر الأموال في سوق العملات، وآخر في الذهب، وثالث يحصل على الأموال لتوظيف الشباب في الحكومة وغيرها الكثير.
الغريب أن النصاب في مصر أصبح يلقب بـ”المستريح”، حيث تعود هذه التسمية إلى أحد أشهر من عملوا في مجال توظيف الأموال منذ سنوات وهو “أحمد مصطفى المستريح” الذي صدر ضده حكم قضائي بالسجن 15 عاما ورد 266 مليون جنيه للمدعين بالحق المدني وتغريمه 150 مليون جنيه ليسقط بعدها سلسلة من المتهمين يعملون بنفس طريقته من خلال جمع الأموال من المودعين مع وعدهم بحصولهم على مبالغ شهرية مجزية تتراوح ما بين 10 و12%، تعينهم على مصاعب الحياة والغلاء الكبير في الأسعار.
وقبل يومين ألقت أجهزة الأمن بالقاهرة على عصابة جديدة في بمدينة نصر استولت على 100 مليون جنيه من الضحايا عن طريق النصب، حيث تمتلك مكتب استيراد مواد بناء وحصلت على الأموال بهدف توريد مواد بناء، ولكنها هربت.
وفي سبتمبر الماضي تم القبض على عصابة أخرى في الدقهلية استولت على 6 ملايين جنيه من المواطنين، وفي مايو تم القبض على نصاب “Vip” استولى على 120 مليون جنيه من أصحاب معارض سيارات، وفي يناير الماضي القبض على نصاب استولى على 30 مليون جنيه من 28 مواطناً.
وتمثل سلسلة القضايا المثارة على الساحة حاليا إعادة إنتاج لما يسمى بشركات توظيف الأموال التي ظهرت في السبعينيات من القرن الماضي التي وقع الكثير من المواطنين ضحية لها مع إلقاء القبض على أصحابها لتظهر بطريقة أخرى في الوقت الحالي مع تردي الأحوال الاقتصادية وحلم الكثير من المصريين بالهروب من شبح الفقر.
وعلى الرغم من وصول أسعار الفائدة في مصر إلى معدلات 20% وهي معدلات مرتفعة كما أن البنك المركزي المصري أعلن مبادرته منذ سنوات لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة بقيمة 200 مليار جنيه بفائدة تتراوح بين 5% و10%.
واعتبر هاني توفيق الخبير الاقتصادي، أن وجود ظاهرة “المستريح” في الحياة الاقتصادية ما هو إلا أثر جانبي للركود وارتفاع نسبة البطالة، إضافة إلى ارتفاع نسبة التضخم، وهو ما يزيد من نشاط هؤلاء النصابين، ويمنحهم مساحة للتحرك بين المواطنين لخداعهم والعمل على جمع أكبر قدر من أموالهم تحت مزاعم تشغيلها ثم الهروب.
وأضاف توفيق أنه كل فترة يبدأ ما يسمى بـ”المستريح” في النشاط حين ينسى الناس جرائمهم، وأبرز دليل على ذلك شركات توظيف الأموال في القرن الماضي التي كانت تعمل بقوة حتى سقطت فور تعثرها.
وأشار توفيق إلى أن الجهل هو أحد أهم الأسباب التي يعمل عليها من يرغبون في العمل بمجال توظيف الأموال لجمع حصيلتهم ثم الفرار بها، فضلا عن ضعف الأداء الرقابي، مما يمنح هؤلاء مساحة كبيرة للتحرك في مختلف القطاعات.