المغرب العربي

هل يختبئ زعيم “داعش” أبو بكر البغدادي في ليبيا؟

عاد الحديث مجددا عن زعيم تنظيم “داعش” الإرهابي، أبو بكر البغدادي، وإمكانية وجوده في ليبيا، بعد مرور شهر على ظهوره في شريط فيديو مع عدد من أنصاره، متحدثا عن ليبيا وموجها عبارات التشجيع لأنصاره بعد تنفيذهم عدة هجمات إرهابية، لا سيما في بلدة الفقهاء القريبة من مرتفعات الهروج جنوب البلاد.

تقارير أمنية مشتركة مع دول صديقة، أثبتت وجود عناصر “داعش” في بنغازي


ورغم تأكيد عدة مصادر عسكرية وأمنية متطابقة لـ”العربي الجديد”، في يوليو/تموز الماضي، تركّز بقايا مقاتلي “داعش” في جبال الهروج، إلا أن المتحدث باسم قوة حماية وتأمين مدينة سرت، طه حديد، يوضح أن الغموض لا يزال يلف صحة تلك التقارير.
حديد أكد، في حديثه لـ”العربي الجديد”، أن “التعاون والتنسيق بين أجهزة ومخابرات حكومة الوفاق ومخابرات دول صديقة لم تتوقف منذ عملية البنيان المرصوص في سرت، والتي كللت بطرد داعش من سرت”، مشيرا إلى أن التقارير الدورية المشتركة لم تلاحظ وجود البغدادي في ليبيا.
لكنه في ذات الوقت تطرّق إلى إمكانية أن يستفيد البغدادي وقيادات التنظيم من الفوضى الأمنية التي أحدثها هجوم قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر على العاصمة طرابلس، للتنقل السهل والمريح إلى مناطق بعيدة عن الرصد والمتابعة، مضيفا أن تقارير عديدة تؤكد استعداد التنظيم لشن هجمات على مواقع حيوية، لا سيما مواقع النفط.
وكان المبعوث الأممي إلى ليبيا، غسان سلامة، قد أعرب عن قلقه، خلال إحاطة قدمها لمجلس الأمن، منتصف الشهر الجاري، من إمكانية استغلال “داعش” للوضع الأمني واستئناف نشاطه، مستدلا بارتفاع عدد هجماته مؤخرا على بلدات ومواقع في الجنوب. وقال في هذا الصدد إن “داعش استغل الفراغ الأمني الناشئ عن انسحاب العديد من قوات الجنرال حفتر من الجنوب، إلى جانب تركيز القوات الغربية على الدفاع عن العاصمة”.
من جهته، أشار حديد إلى أن “التحقيقات المستمرة مع عناصر داعش الذين تم القبض عليهم، خلال الشهرين الأخيرين، لم تكشف أي شيء يشير إلى وجود البغدادي في ليبيا، لا سيما وأن أحد المقبوض عليهم يتولى منصبا كبيرا في التنظيم”، لافتا إلى أنه لو كان البغدادي في ليبيا لتوصلت إليه التحقيقات مع القيادي الذي يتولى منصبا هاما في التنظيم.
لكن حديد كشف، في الوقت ذاته، عن توفر تقارير أمنية مشتركة مع دول صديقة، لم يسمها، أثبتت وجود عناصر “داعش” في بنغازي، من خلال اتصالات هاتفية تم اختراقها بين عناصر من التنظيم، بالإضافة إلى ثبوت وجود أكبر تمركز للتنظيم في جبال الهروج الواقعة في أراضي سيطرة حفتر. وأضاف قائلا إن “أجهزة الأمن التابعة لحفتر التي تدّعي مكافحتها للإرهاب لا تتحدث عن هذا التمركز الكبير ولا جهودها في مداهمته ولا قطع طرق اتصالاته بالحدود الجنوبية المفتوحة”.

ويقلل حديد من أهمية قوة التنظيم، قائلا “التنظيم دخل منذ مدة طويلة في مرحلة التفكك والانهيار، وكل محاولاته للرجوع إلى ساحات القتال كانت يائسة، فهو ليس عدوا للدولة فقط، بل للمدنيين، والناس أجمعت على أنه خطر ولا يمكنه أن يجد حاضنة بينهم”، مؤكدا أن انهيار التنظيم في سرت أفقده القدرة على المناورة.
كذلك أوضح حديد أن العمليات التي نفّذها التنظيم في طرابلس وفي الفقهاء ومناطق الجنوب تعكس محاولاته للنهوض والاستمرار من أجل إيجاد موضع قدم، والإشارة إلى أنه قادر على الرجوع، ولكنه في كل مرة يفشل.

في المقابل، لا تزال التقارير الإعلامية تتحدث عن إمكانية وجود البغدادي في ليبيا، آخرها مجلة “جون أفريك” التي أكدت، أول من أمس الخميس، استنفار الأمن التونسي على طول الحدود مع ليبيا، بعدما وردت معلومات عن وجود البغدادي.

وتسبب ظهور البغدادي في فيديو بثته مواقع التنظيم عبر تطبيق “تليغرام” في 29 إبريل/نيسان الماضي، في تسارع الحديث عن إمكانية وجوده في ليبيا، لا سيما وأنه وجّه تشجيعه لأنصاره في ليبيا وحثّهم على مضاعفة هجماتهم الإرهابية، لأول مرة منذ فقدان أثره في سورية، في فبراير/شباط الماضي، إثر هزيمة مقاتليه في بلدة الباغوز.

وكانت صحيفة “ديلي إكسبريس” البريطانية قد نقلت، في 13 مايو/أيار الماضي، عن مصادرها ما يؤكد تنفيذ طائرات رصد وتجسس تابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني عدة طلعات للبحث عن البغدادي في ليبيا.

وفيما أشارت الصحيفة إلى أنه “ليس من الواضح كيف قرر تحالف من القوات العسكرية الغربية بدء البحث عن زعيم داعش في ليبيا”، إلا أنها قالت إن معلومات استخباراتية موثوقة من داخل ليبيا تلقّتها السلطات البريطانية تثبت وجود البغدادي في البلاد بعد فراره من سورية.

وفيما ترفع قوات حفتر ومواليه شعار الحرب على الإرهاب، وتؤكد نجاحها في تقويض وجوده في الجنوب الليبي، إلا أن النائب في مجلس النواب في طبرق، إبراهيم الدرسي، الموالي لحفتر، رجّح إمكانية انتقال البغدادي إلى الجنوب الليبي.

وقال الدرسي، في تصريحات صحافية سابقة، إن “وجود البغدادي وفراره من سورية إلى ليبيا احتمال كبير”، موضحا أنه “بالإضافة إلى هزيمته في سورية والعراق، فإن أسبابا أخرى تجعل من وجوده في ليبيا أمراً ممكناً، منها سلطة الدولة المركزية في ليبيا، والمساحة الواسعة لليبيا وتميزها بالتضاريس الصحراوية الوعرة”. كذلك أوضح أن الصحراء الشاسعة والمفتوحة واحدة من أهم الأسباب التي تجعل منها مقصدا للبغدادي القادر على التنقل فيها بحرية، لارتباطها بحدود مشتركة مع دول عربية وأفريقية مليئة بالجماعات المتطرفة، التي يميل بعضها إلى رؤية وفكر زعيم تنظيم “داعش” الإرهابي.

المصدر
العربي الجديد
اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى