المغرب العربي

استمرار التجند السياسي والرسمي في الجزائر لنصرة فلسطين بعد مظاهرات الخميس الحاشدة

عربي تريند_ تستمر القضية الفلسطينية للأسبوع الثاني على التوالي في تصدر الأولويات في الجزائر، ففي كل النشاطات الرسمية والحزبية والتدخلات في البرلمان، يتحدث السياسيون عن فلسطين بوصفها “أمّ القضايا التي يجب على الجزائريين نصرتها بشتى الوسائل المتاحة إلى غاية اندحار العدوان وقيام الدولة الفلسطينية”.

وبعد مظاهرات الخميس الحاشدة التي جابت كل ربوع الجزائر، أبدى العديد من السياسيين ارتياحهم لمستوى تجاوب الجزائريين مع دعوات الخروج بما يقوي الموقف الوطني العام الرافض للتطبيع والداعم للمقاومة ولصمود الشعب الفلسطيني في ظل ما يواجهه من حصار وتزوير للحقائق بخصوص ما ترتكبها آلة القتل الإسرائيلية.

وفي هذا المعنى، قال صالح ڤوجيل، رئيس مجلس الأمة وهو الرجل الثاني في الدولة الجزائرية بروتوكوليا كلمة إن المظاهرات الداعمة للقضية الفلسطينية التي شهدتها جميع أرجاء الجمهورية، تعبر بحق عن مدى التفاف الشعب الجزائري بقيادته جنبا إلى جنب بخصوص القضية المركزية للأمة الإسلامية، وهي بذلك توجه رسالة للمشككين بوحدة الجزائر، وكذا المناورات الهدامة التي تحاك ضد البلاد، والتي غالبا ما تغذيها الشيطنة الإعلامية الأجنبية.

وخلال مناقشة بيان السياسة العامة للحكومة، طغى الوضع في فلسطين على تدخلات أعضاء مجلس الأمة. وقال أحمد صالح لطيفي، رئيس المجموعة البرلمانية لحزب جبهة التحرير الوطني، إن تصرفات الاستعمار الصهيوني الجائر وما يقترفه في أبناء غزة الأبرياء يجب أن تدان بكل الوسائل، مستغربا صمت المجتمع الدولي وعلى رأسها الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي.

أما ساعد عروس، رئيس المجموعة البرلمانية للثلث الرئاسي، فقد عبّر عن الغضب إزاء “الإبادة الجماعية التي يتعرض لها سكان غزّه المحتلة، مبديا تعاطفه معهم في ظل الظرف العصيب الذي يمر به أهلنا في القطاع والضفة الغربية”. وأبرز ما قال إن “هذا الظرف ما هو إلا بداية النهاية وهزيمة الاستعمار الصهيوني، وهو حتمية تاريخية ووعد إلهي”، حسب تعبيره.

من جانبه، ندد رئيس المجموعة البرلمانية لحزب التجمع الوطني الديمقراطي، بعصابات القتل والإجرام ‌‌‏الصهيونية التي قصفت عمدا مستشفى لجأ إليه نساء وأطفال وعائلات في غزة. وتحدث لزرق بطاهر، رئيس المجموعة البرلمانية للأحرار، عن الموقف الرسمي للجزائر الذي قال إنه يبعث على الاعتزاز في نفس جزائري بدولته، التي تحافظ على المقدسات، والتي لم تهرول نحو التطبيع.

وعلى المستوى الحزبي، قال يوسف أوشيش الأمين الأول لجبهة القوى الاشتراكية إن “العدوان الهمجي الصهيوني ضد شعب فلسطيني يتم تقتيله، يُنهب، يُضطهد، يُهجر من أرضه ومحروم من أبسط حقوقه منذ عقود، يستوقفنا كلنا ويجعلنا ننتفض”.

وأكد في لقاء المجلس الوطني أن حزبه يدين “بأشد العبارات ما يرتكبه هذا المحتل الغاشم من جرائم ضد الإنسانية على شعب أعزل، مستغلا سياسة اللاعقاب التي يوفرها الغرب المتواطئ وتحت أنظاره”، مشيرا إلى أنه “أمام كل هذا، تسقط الخرافة القائلة بأن الغرب وحضارته حاملة لكل قيم الحرية، العدالة واحترام حقوق الإنسان”.

وأضاف أوشيش: “فإذا فتحت الحرب في أوكرانيا الطريق للتشكيك وإعادة النظر في الهيمنة الغربية، فإن الانحياز غير المشروط للقوى الأنغلوساكسونية وأذرعها من الأوروبيين لصالح دولة الكيان الصهيوني ذات الطبيعة الدينية تؤكد سقوطهم الأخلاقي والسياسي وهذا لن يكبح سرعة قدوم عالم متعدد الأقطاب أكثر عدالة وأكثر توازنا”.

وأبرز أن مسيرات الغضب والسخط الضخمة التي انطلقت في عدة عواصم للعالم ضد المجازر المرتكبة في غزة من طرف المحتل الصهيوني أظهرت التناقض الموجود بين الشعوب وقادتها، خاصة عند الدول العربية التي أقامت تحالفات مع الكيان الصهيوني. ودعا “المسؤولين العرب على وجه الخصوص إلى تحمل مسؤولياتهم وتدارك الإخفاقات السابقة، فإقامة دولة فلسطينية سيدة بحدود 1967 عاصمتها القدس الشريف لا يمكن أن يخضع لأي مساومة مذلة ومهينة”.

ووفق أوشيش، فإن القضية الفلسطينية هي “قضية تصفية استعمار تحررية، فكفاح الشعب الفلسطيني لاسترجاع حقوقه الوطنية هو قضية عادلة وكفاح مشروع تماما مثل كفاح الشعب الجزائري ضد الاستعمار الفرنسي”. لذلك، فإن تصنيف هذه القضية حسبه على أنها “قضية دينية وتصويرها أنها حرب بين الأديان والحضارات هو خضوع للعبة التي يلعبها الكيان الصهيوني بهدف تحييد أي إسناد ودعم يأتي من الدول الغير المسلمة”، على حد قوله.

واستغل مسؤول الحزب العارض في الجزائر المسيرات التي شهدتها البلاد نصرة لفلسطين ليوجه رسالة سياسية للسلطة، بالقول “لقد كشفت هذه المظاهرات التي شهدها كافة التراب الوطني عن النضج السياسي الاستثنائي لمواطنينا وتشكل تنصلا صريحا من كل الانتقاميين في الداخل أو الخارج الراغبين في استغلال الوضع لإعادة البلاد إلى سنوات العشرية السوداء”.

وأضاف المسؤول الحزبي أن مظاهرات الخميس الأخير تؤكد بأن الشعب الجزائري، لا سيما الشباب، في حال تم تحرير فضاءات التعبير قادر على إظهار حسه السياسي العالي وفطنته الاستثنائية، مشيرا إلى أن الهدوء والرزانة اللذان ميزا مسيرات اليوم التاريخية تؤكد على أن شبابنا على أتم الإدراك والوعي بالرهانات الجيوسياسية وبالتهديدات التي تستهدف بلادنا. وختم بالقول: “لقد حان الوقت للسماح لهم بالانتظام المستقل والتعبئة بعيدا عن كل أشكال التوظيف والاستغلال وهذا لتقوية الجبهة الوطنية وجعلهم يساهمون في تطوير اقتصادنا”.

وفي الشق الديبلوماسي، أجرى وزير الخارجية أحمد عطاف مباحثات هاتفية مع نظرائه من كندا والبرتغال استعرض فيها سبل وآفاق تعزيز الجهود الدبلوماسية للتكفل بالأزمة الإنسانية في قطاع غزة والوقف الفوري للتصعيد وحماية المدنيين الفلسطينيين.

كما تلقى عطاف، اتصالاً هاتفياً من نظيره الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، تباحثا فيه مستجدات القضية الفلسطينية في ظل العدوان الصهيوني على قطاع غزة. وأكد الطرفان على ضرورة تحرك الهيئات الدولية بصفة استعجالية لوقف العدوان وإغاثة الشعب الفلسطيني وتوفير الحماية الدولية له. كما شددا على حتمية معالجة جذور الصراع برمته عبر إطلاق عملية سياسية جدية تفضي إلى إنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقوقه الوطنية المشروعة.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى