حكاية «الحمار الشامي» وواقع الحال!/د.تركي العازمي
ذكرنا لكم في المقال السابق، موقف أبو سفيان عندما كان كافراً في زمن الجاهلية الأولى، آخذين منه درسا من شيم وأخلاق رجال المجتمع الجاهلي الذي كان رجاله أكثرا حرصاً على سلامة السمعة ولا يقبلون الاتصاف بالكذب… واليوم ننقل لكم حكاية «الحمار الشامي»!
يحكى انه في العام 1898 زار الإمبراطور الألماني غليوم الثاني، دمشق، وعند مدخل القلعة لاحظت الإمبراطورة زوجة غليوم، حماراً أبيض جميلاً، وطلبت من والي دمشق حينها مصطفى عاصم باشا أن يأتيها به لكي تأخذه معها ذكرى إلى برلين… وراح الوالي لصاحب الحمار ويدعى أبو الخير تللو، وطلب إليه أن يهدي الحمار إلى زوجة الإمبراطور، فاعتذر. وعرض عليه شراء الحمار، فرفض وأصر على الرفض. وقال أبو الخير: «يا أفندينا ٬ لديّ ستة رؤوس من الخيل الجياد٬ إن شئت قدمتها كلها إلى الإمبراطورة هدية من دون مقابل… أما الحمار فلا»!
أستغرب الوالي من الجواب وسأله عن السبب، فرد تللو مبتسماً: «سيدي إذا أخذوا الحمار إلى بلادهم، ستكتب جرائد الدنيا عنه وسيسأل الناس منين هالحمار؟ فيردون عليه: من الشام. ويصبح الحمار الشامي حديث كل الناس وربما معرضا للسخرية٬ ويقول الناس هل يعقل ان إمبراطورة ألمانيا لم تجد في دمشق ما يعجبها غير الحمير؟ لذلك لن أقدمه لها ولن أبيعه».
نقل الوالي الخبر للإمبراطور والإمبراطورة، فضحكا، وصدر أمر بمنح بتللو وساماً رمزياً…. وكان التعليق على هذه القصة بعبرة مفادها «هناك ناس يخافون على سمعة بلادهم من أن تمسها الألسن بالسوء وهناك XX تبيع كل شيء»!
عندما يسرق مواطن ويلجأ لدولة أجنبية… فهذا فيه إساءة لسمعة البلد.
عندما يسرق وافد ويغادر أو يسفر قبل أن يحاسب ويعرف من وراءه… فهذا فيه إساءة لسمعة البلد.
عندما يأخذ الموظف عمولة أو يتغاضى عن حادثة فيها فساد أو إفساد… فإنه يسيء لسمعة البلد.
بعض إخواننا افتقدوا أدنى متطلبات الأخلاق ولم تعد السمعة مهمة لهم ما دام هناك مقابل مادي أو غيره.
وبعض أحبتنا لا يعلم عاقبة الإساءة للوطن… وبعضهم وصل فساده إلى سويسرا ولندن وغيرهما من البلدان.
لهذ السبب٬ وجد المشرع قوانين حازمة لمنع ضعاف الأنفس من النيل من سمعة الوطن وسرقة مدخراته والعبث بمؤسساته والعقوبات هي الرادع.
ومن يعتقد اننا بحاجة إلى تشريعات فهو واهم إلا في بعض الجوانب وهي تكاد لا تذكر ونحن كل ما نريده أن نتصف بسلوك أبو سفيان الذي ذكرناه في المقال السابق وأن نكون أكثر حرصا على سمعة البلاد من أبو الخير تللو.
نحن نعيش تيهاً منقطع النظير… الكل أصبح يشتكي من سوء الوضع، والغريب ان قلة لاحظنا عليهم الحرص والتغني بكل مفردات الإصلاح وهم في واقع الحال قابعون بالفساد إلى أخمص أقدامهم.
الزبدة:
إذا كنا مؤسساتياً واجتماعيا نبحث عن الإصلاح المراد بلوغه٬ فقط علينا تطبيق القانون وأن يتقدم «الأخيار/الكفاءات» الصفوف في المناصب القيادية وأن يحرص الناخبون على اختيار من يستحق تمثيلهم ليكون الشق الرقابي والتشريعي أكثر فاعلية.
راجعوا التغيرات في الأعوام الماضية وفقط تابعوا ما تم نشره أو عرضه في وسائل التواصل الاجتماعي وستعلمون السبب وراء تردي الأوضاع.
ونحن هنا نكتب ناصحين ونعرض الأمثلة لعل وعسى أن يستيقظ الضمير«المنوم نفسيا» والذي تاه بين دهاليز المحاصصة والمصالح وأصحاب النفوذ ولا ننتظر الرد، لأن ما نكتبه لا يتعدى كونه واجبا وطنيا يهدف إلى تحقيق الإصلاح والقضاء على أوجه الفساد… الله المستعان.
terki.alazmi@gmail.com
Twitter: @Terki_ALazmi
الرأي الكويتية