فتيات غزة يواجهن قسوة السرطان بالتزيين
ذلك التاريخ كان شاهداً على مجموعة أفكار راودت الأخصائية بن سعيد، وزادت حدتها خلال فترة مضاعفات والدتها، وتشخيص المرض، والمسح الذري، وصولاً للعلاج داخل الخط الأخضر “الأراضي المحتلة عام 1948″، إذ ولدت التجربة لديها فضولاً حول هذا المرض، وتفاصيله.
وأتمت الأخصائية النفسية رسالة الماجستير الخاصة بها بعنوان “برنامج إرشادي نفسي مقترح لتخفيف حدة أمراض الاكتئاب وقلق الموت عند الأشخاص المصابين بسرطان الدم “اللوكيميا” غزة”، ومن ثم شكلت فريق “مسار” لدعم مرضى السرطان، ويضم كوكبة متخصصة في علم النفس، وقام الفريق بسلسلة أنشطة وفعاليات وجلسات دعم نفسي لمرضى السرطان.
وتشير غادة لـ “العربي الجديد” إلى أن الآثار السلبية للعلاج الكيميائي الخاص بمرضى السرطان، والتشوهات التي قد تصيب المريضات، وَلَّدت فكرة لدى الفريق بأن يتم تغطية تلك الآثار “فنياً” بالورد بهدف إيضاح الجمال الأنثوي المتأصل في حواء، وشجع على ذلك الحالة النفسية السيئة التي وصلت لها سيدات اعتقدن أن شكلهن تأثر سلباً نتيجة العلاجات.
وتضيف: “بدأنا بتنفيذ الفكرة عبر مبادرتين، كانت الأولى بعنوان (ليلى والذئب)، والتي تهدف لتغطية الآثار الجانبية السلبية للعلاج الكيميائي عبر مواد التجميل والورد، حيث يساهم ذلك العلاج في تغيير معالم الوجه، ويفقده النضارة، الرموش، الحواجب، إلى جانب تغير لون الشفاه، لتصبح باهتة.
أما المبادرة الثانية، “لسة حأعيش”، فهي عبارة عن فستان زفاف أبيض مزين بإشارات مرض سرطان الثدي باللون الزهري، وتهدف أولاً لتنبيه النساء لأهمية الفحص، للكشف المبكر عن المرض، إذ إنّ نسبة العلاج منه في حالة الكشف المبكر تصل إلى 100 بالمئة، إلى جانب تغيير بعض العادات والمعتقدات، والنظرة المجتمعية لمريضات السرطان.
وتوضح بن سعيد أن “للفتاة والمرأة المصابة بالمرض الحق في الزواج والعيش كباقي أفراد المجتمع، لأن المرض ليس ذنبا أو جريمة أو عارا”، مضيفة: “نريد أن نوصل رسالة للعالم أن السرطان يموت بالعلاج والإيمان والقوة، وأن الإصابة به ليست نهاية العالم، هو ليس حكماً بالإعدام”.
بدورها؛ تقول الفنانة التشكيلية مريم صلاح إنها تلقت عرضاً من الأخصائية النفسية غادة بن سعيد، يحاكي فكرة كانت قد راودتها بالتزامن، وهي تزيين وجوه مريضات السرطان بالماكياج والورد، مضيفة: “غادة شجعتني على الفكرة، وقمنا بتنفيذها مباشرة”.
وتشير مريم لـ “العربي الجديد” إلى أن الأدوات المستخدمة بسيطة للغاية، وهي مساحيق التجميل وبعض أدوات المطبخ، لكن قيمتها الإنسانية والنفسية قيمة للغاية، لافتة إلى نجاح التجربة الأولى برفقة غادة، “أعتقد أننا نجحنا بشكل مبدئي، ونحاول الآن نشر الوعي حول تجربتنا”.
وتؤكد صلاح على أهمية دراسة وتنسيق أي فكرة بشكل صحيح، والإيمان بها قبل إطلاقها للناس، مضيفة: “أصبحنا منتمين لهذه الفكرة، خاصة وأنها تحمل رسالة إنسانية سامية، تؤكد على حق المرأة في حياة كريمة، ومظهر يعكس جمالها الأنثوي”.