سعوديون وصلوا للعالمية رغم “التوحد”.. هذه قصتهم
الوصول للمراكز العالمية وحصد ميدالياتها، حلم كل الرياضيين، سيما أن منصات التتويج، هي أفضل الطرق لإثبات الذات وتحقيق الطموحات، وهو الهدف الذي لم يكن حصراً على الرياضيين الاعتياديين وحسب، بل تجسّد مثالاً في 4 سعوديين لم يمنعهم “اضطراب التوحد” من قهر الصعاب والوصول للمراكز العالمية.
عبدالله بشاوري وعبدالرحمن اليافعي وعبدالله الغامدي ومحمود أنيس غلام، شبان سعوديون، رغم تصنيفهم ضمن شريحة الأطفال المصابين باضطراب التوحد، لكن هذا لم يمنعهم من المضي قدما في الحياة، وحصد الميداليات الذهبية والفضية في الألعاب العالمية للأولمبياد الخاص، وهو ما عزز من ثقتهم بأنفسهم وبقدرتهم على تحمل المسؤولية.
يقول الدكتور في التربية الخاصة نعيم مهدي، مدير مركز معا لتأهيل ذوي الاحتياجات، المدير الفني للمنتخب السعودي للأولمبياد الخاص، إن كانت متابعة الأبطال الرياضيين متعة، فإن متابعة أبطال ذوي الاحتياجات الخاصة أكثر متعة، سيما وأنهم يثبتون بأن لا شيء مستحيلا، مشيراً في حديثه لـ”العربية.نت” أن ممارسة هذه الشريحة للرياضة تعد من أنجع الطرق لإعادة معنى الحياة إلى قاموس حياتهم.
وأوضح مهدى، أن الألعاب العالمية للأولمبياد الخاص، هو حدث رياضي عالمي يقام كل عامين يتنافس فيه آلاف الرياضيين من ذوي الإعاقة الفكرية من الأطفال والبالغين في 32 رياضة أولمبية، مبينا أن الهدف الأساسي لهذا الأولمبياد يتمثل في مساعدة ذوي الإعاقة الفكرية في المشاركة كأفراد منتجين عن طريق منحهم فرصة عادلة لإثبات مهاراتهم ومواهبهم وإظهارها من خلال المنافسة.
وقال نعيم مهدى إن تأهيل هذه الشريحة، يقوم على مدربين رياضيين متخصصين في التربية الخاصة، بحيث يتضمن العمل تدريبا فكريا وبدنيا، حيث إن التواصل والتخاطب، مع هذه الشريحة تتطلب ذلك، مضيفا أن شباب التوحد، وإن كان الظاهر بأن هناك صعوبة في التعامل معهم، إلا أنه لديهم إدراك عميق، فمتى ما يبدأ التنافس والسباق، حتى ينخرطوا فيه بكل وجدانهم وشعورهم ليحققوا الفوز والإنجاز.
ولكي يخطوا هؤلاء الأطفال خطواتهم نحو العالمية، كان لابد من وجود من يؤمن بأهمية هذا العمل ويقوم بتشجيعهم على ممارسته، حين يتطلب هذا الإنجاز حافزاً خارجياً، وهو المتمثل في دور الأسرة، بهذه النقطة ابتدرت السيدة نور الريان، والدة الطالب محمود أنيس (حائز على ميدالية ذهبية في السباحة الدولية) حديثها لـ”العربية.نت”، وقالت إن هذا الإنجاز كان مُعين لابنها محمود، لتعزيز ثقته بنفسه.
وأوضحت أم محمود، أن بداية ابنها مع #السباحة كانت من البيت، حيث تم تعليمه ليكون في مأمن من الغرق، ومع انخراطه في إحدى مراكز التربية الخاصة، تم اكتشاف موهبته وتمت تنميتها بالتدريب والتأهيل، وقالت “مع أول فرصة لمحمود للمشاركة في مسابقات محلية والتي تطلبت السفر خارج #جدة، وافقنا ولم نعترض، مما شكل دفعه قوية لمحمود الذي ازدادت ثقته بنفسه، وتمكن من تحقيق العديد من البطولات المحلية والإقليمية والعالمية”.
وقالت أم محمود، إن أفضل خدمة تخدمها الأسرة لطفلها المصاب بهذا النوع من الاضطرابات هي التدخل المبكر، لأن إنكار حالة الطفل سوف يساهم في تأخير علاجه، في حين أن التدخل المبكر مفيد جدا، حيث إن الطفل في بدايات عمره يمتاز بسرعة الإدراك واكتساب المهارات المختلفة، مما سوف يساعد على تنمية قدراته الفكرية والسلوكية، فيتحقق بذلك نمو سليم للطفل ويؤهله للاندماج في المجتمع والاعتماد على نفسه بصورة أسرع.
تجدر الإشارة إلى أن الأوتيزم أو “التوحد” هو اضطراب يصيب النمو العصبي للطفل، ويؤثر على تفاعله الاجتماعي، وتواصله اللفظي وغير اللفظي ويحدث قصورا في التخيل واللعب التخيلي، ولا يوجد سبب محدد للتوحد حتى الآن، وهو أكثر شيوعاً بين الصبيان عن البنات والنسبة هي 4 أولاد لكل بنت واحدة أو تزيد، وينتشر بالتساوي في كل الأعراق والأجناس وبين كل الطبقات الاجتماعية.