العرب تريند

مساعدات المغتربين تسعف السوريين… وتعوّض التقاعس الدولي

عربي تريند_ ثلاثية الأسف والخيبة والخذلان من المجتمع الدولي التي كست السوريين جراء نكبتهم من الزلزال المدمر الذي أصاب شمال غرب ووسط والساحل السوري في السادس من فبراير/ شباط الجاري، قابلتها ثلاثية اللحمة الداخلية والتقاء المغتربين على كلمة سواء واستمرار المساعدات العربية الشعبية للمتضررين.
وفي هذا السياق، يصف وزير الاقتصاد والمالية بالحكومة السورية المعارضة عبد الحكيم المصري تقاعس الأمم المتحدة عن إغاثة منكوبي الزلزال شمال غربي سورية “المناطق المحررة” بـ”الفشل” الذي تبرره الدول بالفيتو الروسي أو بإغلاق المعابر.
وكشف الوزير السوري، خلال تصريح خاص لـ”العربي الجديد”، أن الحكومة المؤقتة بالائتلاف السوري المعارض “أعلنت أن المعابر مفتوحة بالتزامن مع إعلانها الحداد”، لكن الأمم المتحدة و”لبالغ الأسف” كانت تنتظر موافقة رئيس النظام بشار الأسد لإدخال المساعدات إلى منطقة وصفها بالمنكوبة، نظراً لاحتوائها على 4 ملايين نسمة، زادت من آثار الزلزال، خاصة على حياة البشر وتهدّم المساكن.
ويؤكد الوزير عدم إغلاق المعابر، لكن المساعدات لم تصل إلا بعد مرور ستة أيام، مبيناً دخول مساعدات من السعودية تمثلت في “90 طناً من معبر الحمام و28 سيارة من كردستان العراق عبر معبر السلامة و28 سيارة من مواطنين وجمعيات، إضافة إلى أكثر من 120 سيارة من المدن السورية غير المنكوبة معظمها من دير الزور والرقة”، لافتاً إلى أن مساعدات تركية (وقف الديانة وأفاد) مستمرة رغم الوضع الكارثي بتركيا. ويضيف الوزير أن “تكاتف السوريين بالداخل والخارج كان له الدور الأهم في مساعدة المنكوبين”.
ويتابع: “يتواصل معنا رجال أعمال ومغتربون فضلاً عن حملات التبرعات التي أعلنتها المدن السورية بالداخل”، لافتاً إلى أن التسهيلات على أشدها بالنسبة للمساعدات الخارجية.

وعن استخدام أموال المساعدات بالبناء أو ترميم المنازل المهدمة، يقول المصري: “من الصعب الآن إحصاء جميع المنازل المهدمة أو المتصدعة، ولكن يوجد نحو 550 منزل تهدم بالكامل ونحو 2500 مسكن تضرر بنسب مختلفة”.
وفي السياق، أحدثت حكومة “الإنقاذ” العاملة في إدلب مديرية حملة شؤون متضرري الزلزال، تتبع لوزارة التنمية والشؤون الإنسانية، لإحصاء العائلات المتضررة وعدد الأيتام وحالات الرعاية الاجتماعية المتضررة إثر الزلزال، وتقييم احتياجات المتضررين والسعي لتأمينها، على أن تصرف جميع النفقات من موازنة وزارة التنمية، بحسب مصادر خاصة لـ”العربي الجديد”.
ويقول المسؤول بمنظمة الدفاع المدني شمالي سورية “الخوذ البيضاء” راضي سعد لـ”العربي الجديد” إن جل المغتربين السوريين “حملوا جراحات أهلهم وتحملوا الأعباء”، مبيناً وصول تبرعات كبيرة لحساب المنظمة “من سوريين وحتى غير سوريين”.
وأبدى سعد بالوقت نفسه “الأسف والخذلان” من منظمة الأمم المتحدة وانتظارها قرار نظام الأسد لنجدة المنكوبين وانتشال العالقين تحت الأنقاض .
واعتبر سعد أن “ترحيب” الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس بموافقة النظام السوري فتح معبري السلام والراعي من تركيا إلى شمال غرب سورية لمدة ثلاثة أشهر “أمر صادم”، مشيداً بما قدمه سوريو الداخل والمغتربون ودور مساعداتهم.
وأضاف: “بلغت مساعدات السوريين في الداخل والخارج أضعاف المساعدات الدولية”.
وكانت المساعدات الإنسانية لشمال غربي سورية، المنطقة التي لا تخضع لسيطرة النظام السوري، تدخل من تركيا عبر باب الهوى، وهي نقطة العبور الوحيدة التي يضمنها قرار صادر عن مجلس الأمن بشأن المساعدات العابرة للحدود.
وتواكب حملات الإغاثة التي أطلقها سوريون الواقع على الأرض، ففي وقت تقاعست فيه الأمم المتحدة والدول المجاورة عن إيواء منكوبي شمال سورية في أيام الزلزال الأولى، ركّزت حملات السوريين على الخيم ووسائل التدفئة، فأطلقت حملة “إدلب الحرية” نداء للمغتربين السوريين بالدول الأوروبية، مبينة أن سعر الخيمة يتراوح بين 100 و200 دولار.
وأعلنت حملة المغتربين السوريين في ألمانيا “مبلغ صغير يحدث فارقاً” عن روابط وأرقام حسابات مصرفية لجمع التبرعات من ثاني أكبر دولة استقبلت اللاجئين، لتستمر حملات السوريين المغتربين والعرب، ولتزيد أموال المتبرعين في السعودية عن 100 مليون دولار جراء “الحملة الشعبية لإغاثة متضرري الزلزال” بحسب السوري المقيم بالمملكة مصطفى صالح من مدينة جدة الذي بيّن لـ”العربي الجديد” زيادة عدد المتبرعين عن 1.5 مليون متبرع.اقتصاد دولي

وقدمت دول الخليج العربية الست نحو 385 مليون دولار تبرعات ومساعدات مالية رسمية وشعبية على مدى أسبوع، في حصيلة أولية لمساندة تركيا وسورية على تجاوز آثار الزلزال المدمر، وفق ما ذكر تقرير لوكالة الأناضول أول من أمس.
وحسب السوري عبد الغفار من الدوحة، لـ”العربي الجديد”، فقد زادت المساعدات الحكومية والشعبية بقطر.
وفي يومها الأول، بلغ حجم التبرعات حملة قطر للتبرع لمنكوبي الزلزال نحو 168 مليون ريال قطري (46 مليون دولار) بينها 50 مليوناً (14 مليون دولار) من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
وفي الكويت اقتربت التبرعات التي أطلقتها وزارة الشؤون الاجتماعية “الكويت بجانبكم” ليوم واحد من 70 مليون دولار.
وتستمر التبرعات الشعبية وتحويلات السوريين في دول كثيرة بحسب رئيس هيئة الإعلام بالحكومة السورية المؤقتة، محمد علاء الدين، الذي شكر كل من وقف إلى جانب السوريين بمحنتهم، مشيراً خلال اتصال مع “العربي الجديد” إلى أن المساعدات تذهب إلى الإيواء والمساعدات الغذائية و”من المبكر الحديث عن إعادة الإعمار”.
وكان لصندوق “قادرون على إعمار ما تدمر” الذي أطلقه فريق ملهم التطوعي دور كبير بمساعدة المتضررين شمال غربي سورية، بعد أن أعلن مدير الفريق عاطف نعنوع فتح باب التبرع عبر البث المباشر على وسائل التواصل الاجتماعي لجمع 20 مليون دولار بهدف إعمار 4000 منزل ودعوته المنظمات العاملة بمناطق سورية المنكوبة إلى تأمين الإيواء والمواد الغذائية.
ويصف رئيس مجلس محافظة حلب الحرة، عبد الغني شوبك، الدمار في المناطق المحررة بـ”الكبير والمرعب”، مبيناً خلال اتصال مع “العربي الجديد” أن الحاجة على الأرض للإيواء وتعويض المتضررين ومن ثم الإعمار “أضعاف المساعدات التي وصلت”، ففي جنديرس فقط يوجد نحو 1100 مبنى مهدم أو متضرر، مؤكداً أن فرق الهندسة تقوم بالكشف الآن لتحديد نسبة الأضرار بالمباني، ولا بد من التخطيط والتنسيق قبل البدء بالإعمار.
وبالنسبة لمناطق النظام، يقول الاقتصادي السوري حسين جميل إنها تلقت جل المساعدات الدولية رغم أن المناطق المتضررة لديه محدودة إذا ما قيست بالنكبة شمال غربي سورية الخاضعة لسيطرة المعارضة، مشككاً خلال تصريحه لـ”العربي الجديد” في وصول المساعدات للمتضررين بعد مشاهدة المساعدات الغذائية تباع بالأسواق وتصوير مساعدات في مزارع مسؤولين بالفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد شقيق رئيس النظام، حسب جميل.

قدمت دول الخليج العربية الست نحو 385 مليون دولار تبرعات ومساعدات مالية رسمية وشعبية على مدى أسبوع، في حصيلة أولية لمساندة تركيا وسورية


ويلفت الاقتصادي السوري في حديثه لـ”العربي الجديد” إلى أن الحوالات الخارجية ازدادت لمناطق سيطرة النظام، بعد ما وصفه بالتسهيلات، سواء برفع سعر دولار الحوالات إلى سعر الدولار في السوق السوداء “6650 ليرة مقابل الدولار و6985 ليرة لليورو” أو رفع سقف الحوالات المسموح تحويلها بالليرة السورية من قبل أي شخص طبيعي أو اعتباري إلى 5 ملايين ليرة سورية، بحسب قرار المصرف المركزي بدمشق الثلاثاء الماضي.

ويقدر الاقتصادي السوري حجم التحويلات اليومية إلى مناطق سيطرة الأسد بخمسة ملايين دولار “كحد أدنى”، بعد زيادة حملات التبرع وتحويل المغتربين السوريين لذويهم بمدن حماة وحلب واللاذقية التي تضررت بالزلزال. مشككاً في الوقت نفسه في ذهاب تلك المساعدات لإعمار المهدم وإن تم تخصيص جزء للإعمار فسيكون تحت مظلة الفساد وبمواصفات سيئة.

وكان رئيس غرفة صناعة حلب فارس الشهابي قد أشار إلى أن “أزمة تأمين السكن البديل لا حلول لها سوى الاستعانة بالصين”، مضيفاً خلال منشور على فيسبوك أن هناك الآلاف من المتضررين اليوم من الزلزال ونحتاج إلى ضواحٍ سكنية حديثة بسرعة البرق، ونحن غير مؤهلين حالياً لبناء وحدات عصرية سليمة بشكل عاجل وسريع لعدة أسباب، أهمها الفساد والترهل الحكومي والروتين القاتل.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى