العرب تريند

إيكونوميست: الحنين للماضي والكلاشنكوف وراء بعض التعاطف الأفريقي مع روسيا أما دول الخليج فالنفط يدفعها للحياد

عربي تريند_  تحت عنوان “الحنين والكلاشينكوف.. لماذا فازت روسيا ببعض التعاطف في أفريقيا والشرق الأوسط؟” نشرت مجلة “إيكونوميست” تقريرا قالت فيه إن التعاطف لا يعني في الحقيقة اختيار الجانب الروسي، حيث تحاول دول المنطقة تجنب الاختيار بين موسكو والغرب.

وأضافت أن الرئيس فلاديمير بوتين استقبل في عام 2019، 43 رئيس دولة أفريقياً في افتتاح القمة الروسية- الأفريقية، بمشاركة أعلى من مناسبات مشابهة نظمتها فرنسا وبريطانيا. وفي القمة التي عقدت في سوتشي، هاجم بوتين الغرب الذي يفرض “سياسته أو ظروفه” على الدول الأفريقية، في إشارة إلى تأنيب الغرب الدولَ الأخرى حول سجلاتها في حقوق الإنسان.

وقال بوتين: “لدينا الكثير لكي نقدمه لإخواننا الأفارقة”. وعكست القمة نهج روسيا المستعرض للعضلات في أفريقيا. وبعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014، وفرض الغرب عقوبات اقتصادية، قامت موسكو بتعزيز جهودها في بيع السلاح والتنقيب عن المصادر الطبيعية وكذا دعم الأنظمة الضعيفة. ولأن روسيا تعاني الآن من عقوبات اقتصادية أشد من الماضي، فربما حاولت مضاعفة  نشاطاتها في القارة الأفريقية.

من بين 54 دولة أفريقية، دعمت 28 منها قرار شجب الغزو الروسي لأوكرانيا، وامتنعت 17 أخرى عن التصويت، وانضمت إريتريا إلى روسيا وسوريا وبيلاروسيا في معارضة  القرار

والسؤال هو إن كانت الدول الأفريقية لا تزال تعتقد أن روسيا لديها الكثير لتقدمه؟ ويشير التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار لشجب الغزو الروسي لأوكرانيا في 2 آذار/ مارس، إلى أن العديد من الدول تقوم بالتحوط في رهاناتها. ومن بين 54 دولة أفريقية، دعمت 28 منها القرار، وامتنعت 17 أخرى عن التصويت، وانضمت إريتريا، دولة “الغولاغ” أو السجن إلى روسيا وسوريا وبيلاروسيا في معارضة  القرار.

وبحسب دراسة مسحية أجرتها شركة أبحاث أمريكية لصالح المجلة في الأسبوع الماضي عبر الهاتف النقال في ست دول أفريقية، حمّلت النتائج في كل من أوغندا وكينيا ونيجيريا وجنوب أفريقيا، روسيا المسؤولية الكبرى في الحرب. ولكن في مالي وساحل العاج، فقد حمّل المشاركون “الناتو” المسؤولية في معظم الأحيان. ويعكس التصويت في الجمعية العامة، العلاقات التاريخية بين روسيا والأحزاب الحاكمة، وخاصة في جنوب أفريقيا. فقد درست معظم النخبة الحاكمة هناك في الاتحاد السوفييتي، ولدى البعض ذكريات جميلة عن أوقاتهم هناك.

ورأت الأحزاب الحاكمة في أنغولا وموزامبيق (حيث يحمل علم بلديهما الكلاشينكوف) وناميبيا وجنوب أفريقيا وزيمبابوي، في الاتحاد السوفييتي حليفا في إنهاء حكم الأقلية البيضاء، وبهذه المثابة يتعاملون مع روسيا كخليفة له. وامتنعت تلك الدول عن التصويت، مع أن أوكرانيا كانت جزءا من الاتحاد السوفييتي السابق. ويترافق هذا الحنين مع المشاعر المعادية للغرب التي ظهرت في الفترة الأخيرة. فقد لاحظ موريثي موتيغا، من مجموعة الأزمات الدولية في بروكسل، أن مشاعر “السخط” في القرن الأفريقي جاءت “من طريقة تصرفنا نحن أثناء اللحظة الآحادية”. وكان تدخل الناتو في ليبيا عام 2011 مصدر غضب بين قادة في الاتحاد الأفريقي، مثل يوري موسيفيني، الرئيس الأوغندي (حيث امتنع بلده عن التصويت) باعتباره تجاهلا لهم، وما تبع ذلك من فوضى انتقلت عدواها إلى منطقة الساحل.

ولكن علاقة قادة أفريقيا مع روسيا تدفعها المصالح وليس التاريخ أو الأيديولوجيا. وهذا هو الحال بالنسبة للدول التي تعتمد على مرتزقة شركة فاغنر التي يدعمها يفغيني بريجوغين المقرب من بوتين. ولدى فاغنر حوالي 2.000 مقاتل في جمهورية أفريقيا الوسطى تحمي الرئيس فوستين أرشانغ توديرا، مقابل الحصول على امتيازات في مناجم الذهب والماس.

والتفتت الطغمة العسكرية الحاكمة في مالي العام الماضي إلى فاغنر، وهناك حوالي 800 مسدس للإيجار يعملون في البلاد. وقرر الرئيس إيمانويل ماكرون سحب قواته من هناك، مبررا القرار بوجود المرتزقة الروس. ولن تهتم الدول الأوروبية بالساحل الأفريقي بسبب الحرب في أوكرانيا، كما يقول بول سترونسكي، من وقفية كارنيغي للسلام العالمي، مما يترك “الباب مفتوحا” لفاغنر.

ويضيف أن روسيا سترى في معركة التأثير على الساحل جزءا من تنافسها مع أعدائها في الغرب، بطريقة تعكس حروب الوكالة أثناء الحرب الباردة. وهناك غينيا، الدولة الأفريقية التي تعتمد بشكل غير عادي على روسيا. وهي “ضحية جانبية” في الحرب الأوكرانية كما يقول أمادو با، من “التحرك من أجل مناجم غينيا” وهي منظمة غير  حكومية. وتوقّف عمل مصفاة في أوكرانيا تقوم “روسال،” شركة الألمنيوم الروسية العملاقة مع ثلاثة مناجم في غينيا بمعالجة البوكسايت. وعلقت الطغمة الحاكمة عمل القنصل الفخري لأوكرانيا من أجل إرضاء بوتين على ما يبدو.

وفي 24 شباط/ فبراير، كان محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي، أحد جنرالات السودان الأقوياء، جالسا مع بوتين. وطالما رغبت روسيا بحضور عسكري في بورتسودان على البحر الأحمر، ويقال إنها اشترت الذهب المهرب من السودان. وفي الأشهر المقبلة، ستواجه الطغمة العسكرية الحاكمة المدعومة من روسيا تظاهرات بسبب ارتفاع أسعار الخبز.

وحاولت روسيا توسيع تأثيرها أبعد من الدول المتهالكة، وتعد من أكبر مصدري السلاح إلى أفريقيا، وزادت تجارتها مع القارة منذ عام 2014، مع أنها لا تتعدى نسبة 2% من التجارة بالبضائع مع بقية العالم.

وبالنسبة للدول الأخرى، فروسيا هي لاعب كغيرها من اللاعبين. ويرى ريكاردو دي أوليفيرا، المحاضر في جامعة أوكسفورد، أن دولا مثل أنغولا حاولت بناء “مجموعة من المصالح الأجنبية”. وتبيع أنغولا نفطها للصين، ولديها برنامج مع صندق النقد الدولي، وتبحث عن الماس مع شركة “الروسا” الروسية.

وقال وزير أنغولي: “من الناحية التاريخية، لدينا علاقات مع هذه الدول ولا أرى في الأمر مشكلة كبيرة”. ونفس الحال مع إثيوبيا التي لم تصوت في الأمم المتحدة، فروسيا هي أكبر مزود لها بالسلاح. وفي مجلس الأمن، لعبت روسيا دورا في الحد من الجهود لضبط الحكومة الإثيوبية في حربها ضد المتمردين بمنطقة التيغراي.

وعبّر بنك غازبروم عن اهتمام بمشروع في الإقليم الصومالي بشرق إثيوبيا. لكن مسوؤلا حكوميا قال: “لست مقتنعا من أننا بحاجة لروسيا أكثر من حاجتنا للغرب”.

اعتمدت دول الخليج على الحماية الأمريكية، لكنها تعتقد أن المظلة فيها ثقوب. ويأمل الدبلوماسيون بأن يرسل وقوفها على الحياد رسالة إلى أمريكا “إن لم نعتمد عليكم، فلا تعتمدوا علينا”

وترى المجلة أن التحوط والمصالح الخاصة هي ما يطبع المواقف في الشرق الأوسط. وصدمت الإمارات الأمريكيين عندما امتنعت عن التصويت في مجلس الأمن على قرار حول الحرب في 25 شباط/ فبراير. وفي بيان للجامعة العربية بعد ثلاثة أيام من الحرب، لم تذكر فيه حتى روسيا. ورغم تصويت الحكومة المصرية مع قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلا أن الحكومات في القاهرة وعواصم الخليج، ترى أن الحرب الجارية ليست حربها، ولا تحالف رسميا مع أي من الطرفين.

وترى المجلة أن النفط هو واحد من الأسباب، فالسعودية حريصة على بقاء تحالف “أوبك+” الذي تعتبر فيه مع روسيا من أكبر المنتجين. وهناك عامل آخر يتعلق بالسلاح، وتعتبر مصر من أكبر المتلقين للسلاح الأمريكي، إلا أن الرئيس عبد الفتاح السيسي حاول تنويع مصادر السلاح واشترى مقاتلات من روسيا.

واعتمدت دول الخليج على الحماية الأمريكية، لكنها تعتقد أن المظلة فيها ثقوب. ويأمل الدبلوماسيون بأن يرسل وقوفها على الحياد رسالة إلى أمريكا “إن لم نعتمد عليكم، فلا تعتمدوا علينا”. ولن تحاول الدول الأوروبية توبيخ الدول الأفريقية على امتناعها عن التصويت، فهي تعرف أن لهذه مصالحها.

وكما تقول الأكاديمية في أكسفورد فولشادي سول: “من غير المحتمل إجبار الدول الأفريقية على اختيار طرف” في الحرب. وفي حالة لم تجد الشركات الروسية الدولار، فلن تكون جذابة للأفارقة. وقال محام في مجال العقوبات: “لا أعتقد أن السودان بحاجة للروبل”. وقمة روسيا- أفريقيا ستعقد في وقت لاحق من العام المقبل، وستكشف عما تبقى لبوتين من أصدقاء، وربما لم تتعد قائمة الشخصيات المهمة عن 43 دولة.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى