العالم تريند

ضربات متلاحقة ضد الأسطول الروسي في البحر الأسود

عربي تريند_ تعرض الأسطول الروسي في البحر الأسود في الأشهر الماضية إلى ضربات أوكرانية متلاحقة تسببت في تدمير العديد من السفن الحربية الاستراتيجية الروسية وإضعاف الأسطول الجوي العامل في المنطقة التي تعتبر عمقا إستراتيجيا مهما لتركيا التي يعتقد أنها رابح مهم من هذه التطورات، لا سيما في الوقت الذي تسعى فيه لتعزيز قوتها البحرية في إطار ما تعرف بسياسة “الوطن الأزرق” وبرنامجها الوطني للصناعات الدفاعية البحرية.

ومنذ انطلاق الهجوم الروسي على أوكرانيا، ركز الجيش الأوكراني وبمساعدة غربية دقيقة بحسب اتهامات موسكو على تنفيذ ضربات إستراتيجية مركزة ومحددة ضد الأسطول الروسي في البحر الأسود، حيث تركزت الاستهدافات ضد السفن الحربية الأساسية والزوارق إلى جانب المطارات العسكرية والمقر الرئيسي للأسطول في شبه جزيرة القرم.

وعلى الرغم من صعوبة الحديث عن ضربة قاضية أو تدمير واسع للأسطول الروسي الضخم، إلا أن الهجمات الأوكرانية كانت مؤثرة ودقيقة، وتسببت في خسائر استراتيجية للأسطول الذي فقد عددا من سفنه العسكرية الكبيرة والزوارق الحديثة والطائرات الحربية المتقدمة، إلى جانب تقييد حركة سفنه وطائراته التي باتت مهددة بالتدمير في أي لحظة، إضافة إلى إرباك مركز القيادة للأسطول المتواجد في شبه جزيرة القرم.

آخر هذه الهجمات هي تلك التي وقعت قبل أيام، ونفذت عبر 16 من الطائرات المسيرة والزوارق المفخخة، واستهدفت سفناً حربية مهمة تابعة لأسطول البحر الأسود الروسي في سيفاستوبول بشبه جزيرة القرم، وعلى الرغم من أن روسيا قالت إنها صدت الهجوم، وأن أضراراً فقط تعرضت لها كاسحة ألغام بحرية مهمة، أظهرت مقاطع فيديو مختلفة وتحدثت تسريبات إعلامية عن أضرار جدية تعرضت لها سفن مهمة في الأسطول الروسي، والذي وصفه تقرير سابق لمجلة “بوليتيكو” بأنه “قوة روسيا المخيفة”.

ومن أبرز الهجمات السابقة التي تعرض لها الأسطول، هي تدمير الطراد الرئيسي “موسكفا” والذي يُعتقد أن عشرات من ضباط وعناصر البحرية الروسية قُتلوا على متنه، إلى جانب تدمير العديد من السفن الأخرى والطرادات التي استُهدف جزء منها عبر مسيرات بيرقدار تركية الصنع التي تمتلكها أوكرانيا، وهو ما أثار غضباً روسياً متزايداً، إلا أن ذلك لم يتطور لاتهام مباشر لتركيا التي تقول إنها باعت أسلحة سابقاً لأوكرانيا وليست مسؤولة عن طريقة استخدامها.

وفي 19 آب/ أغسطس الماضي، نفذت ضربات صاروخية مكثفة ضد قاعدة جوية رئيسية تابعة للأسطول في شبه جزيرة القرم (قاعدة ساكي الجوية)، وتحدثت وسائل إعلام مختلفة عن تدمير ما لا يقل عن 9 طائرات حربية حديثة، ومستودع ذخيرة كبير، وهو رقم يمثل نحو نصف عدد طائرات الأسطول الذي تجمع كافة الأطراف على أنه تعرض لانتكاسات كبيرة وبات أضعف كثيراً من السابق.

كما اضطرت روسيا لسحب قواتها البرمائية من جزيرة الثعبان الاستراتيجية على وقع الضربات الجوية المتلاحقة التي نفذها الجيش الأوكراني بمسيرات بيرقدار، في إطار سلسلة ضربات وهجمات دفعت محللين عسكريين لاعتبار أن أسطول البحر الأسود الروسي بات عاجزاً عن القيام بمهام هجومية واسعة وتراجع للمهام الدفاعية فقط.

وعلى الرغم من أن تركيا وروسيا ليستا في حالة عداء أو خطر مواجهة على الإطلاق، إلا أنهما بلدان يتنافسان على توسيع النفوذ في العديد من المناطق الإقليمية مؤخراً ومنها البحر الأسود، حيث تسعى تركيا لتعزيز قواتها البحرية ونفوذها على البحار المطلة عليها في إطار ما تعرف بسياسة “الوطن الأزرق”.

ومن شأن إضعاف أسطول البحر الأسود الروسي أن يمكّن تركيا التي تعمل على برنامج ضخم للصناعات الدفاعية البحرية، وطورت عشرات السفن والغواصات والطرادات البحرية من أحجام وطرازات مختلفة، أن يمكنها من تعزيز نفوذها وقواتها البحرية مقارنة بالبحرية الروسية في البحر الأسود التي تعتبر من أكثر المناطق التي تحمل أهمية عسكرية واستراتيجية لتركيا.

إلى جانب ذلك، لا تزال تركيا تعارض بشدة وترفض الاعتراف على الإطلاق بالاحتلال الروسي لشبه جزيرة القرم، وتأمل أن تتمكن أوكرانيا بالفعل من استعادة الجزيرة التي يقطنها أتراك القرم، ومن شأن إضعاف أسطول البحر الأسود الذي يتخذ من شبه الجزيرة مقراً له، أن يضعف السيطرة الروسية على شبه الجزيرة الاستراتيجية.

يضاف إلى ذلك أيضاً، أن نجاح أوكرانيا في إضعاف أسطول البحر الأسود الروسي، أفشل سيناريوهات ومحاولات احتلال مدينة أوديسا الأوكرانية الإستراتيجية بحراً في إطار مخطط كان يهدف إلى عزل أوكرانيا عن البحر الأسود، وهو سيناريو كان يمنح تفوقاً للبحرية الروسية وهو ما يتعارض بالطبع مع مصالح تركيا الاستراتيجية.

ومن ناحية أخرى، يُعتقد أن إضعاف قدرات البحرية الروسية بشكل عام سوف يحد من قدرة روسيا على نشر مزيد من قواتها البحرية في مناطق مختلفة بالشرق الأوسط، لا سيما في سوريا المجاورة لتركيا، وفي السودان، وهي مناطق تتنافس أنقرة وموسكو على توسيع نفوذها فيها.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى