قطر

الحملات الخيرية تعكس صورة مشرقة عن قطر

مشاعل خالد السبيعي، خريجة القانون، وتدرس شؤون دولية بجامعة قطر، تطوعت منذ نعومة أظفارها داخل الدولة، ثم بدأت رحلاتها التطوعية لخارج قطر عام 2014 فأخذت على عاتقها مساعدة اللاجئين السوريين، في الأردن ولبنان وتركيا، كما سافرت أيضاً إلى البوسنة.

الشرق” التقت بها للتعرف على تفاصيل رحلاتها الإنسانية، حيث تؤكد أن المشاركة في الحملات الخيرية تعكس صورة مشرقة عن قطر.

• كيف كانت البداية؟

**بدأت في سن صغيرة مع جمعية السكري، نظراً لأن أخي الأصغر مريض بالسكري، لذلك كنا نشارك في المخيمات، مثل أهالي الأطفال، كنوع من التعايش مع المرض، وكانت مخيمات السكري تضم أطفالاً من دول عربية، ومشاركة متطوعين من جهات مختلفة مثل جمعية الهلال الأحمر والجمعيات الخيرية، ومن هنا كونت العديد من الصداقات، وبدأت أشارك معهم في ملتقيات تابعة لجمعية قطر الخيرية، وعندما اجتزت المرحلة الثانوية، نظمت العديد من الأسواق الخيرية والمعارض، والتي يشارك بها تاجرات وتجار، على أن يخصص نسبة من الربح للأعمال الخيرية، وقد نظمنا معارض عديدة في صالات ريجنسي ودار الحكمة ومؤسسة قطر، ثم رأيت إعلاناً في إحدى الصحف المحلية، أعلنت فيه جمعية “راف” عن قافلة المحبة والإخاء، للاجئين السوريين بمشاركة مجتمعية من أهل قطر، وكانت أول نوعية من هذه الرحلات، وسجلت معهم أنا وأخي، لأن السفر لخارج قطر في رحلات إنسانية، كان بمثابة حلم يراودني، إلا أن خوف أهلي ولكن بعد محاولات في إقناعهم، لذلك في إحدى السنوات سافرت 4 رحلات.

 

اللاجئون بالأردن

• حدثينا عن أول رحلة خارج قطر؟

** أول رحلة كانت إلى الأردن، ورغم أنها كانت قصيرة لمدة 4 أيام فقط، إلا إنها كانت حافلة، فكنا نخرج من الساعة 7 صباحاً إلى 10 ليلاً، حاولت قبل الرحلة أن أثقف نفسي في كيفية التعامل مع النفسيات المختلفة التي سأراها، حتى لا أسبب لهم الحرج أو الألم، وبالفعل ذهبنا إلى مخيم الزعتري، وأقل وصف له في ذلك الوقت، أنه بمثابة عالم آخر، وضع مأساوي، فالصور التي كنا نراها على مواقع التواصل الاجتماعي، لم تعبر عن الواقع، فمن سمع ليس كمن رأى، لدرجة أن الكثير من الفريق المرافق من الرجال والنساء، قد أجهشوا بالبكاء من صعوبة الموقف.

موقف لم أنسه

• ما أبرز المواقف الإنسانية التي صادفتك؟

** في مخيم الزعتري، صادفني موقفاً لم أنسه، عند توزيع المواد الغذائية، حدثت مشادات كلامية بين شاب وامرأة عجوز كانت تقف بطوابير انتظار توزيع هذه المواد، وكان يحاول يخرجها من الصف، ويمسك بيدها بقوة، في البداية الجميع شعر بالاستياء من هذا الشاب، ومن موقفه غير المفهوم، ثم ظل يبكي الشاب، وعرفنا بعد ذلك أن تلك العجوز هي أمه، وكان قد اخبرها بعدم الوقوف في تلك الطوابير، خاصة وإنهم كانوا يعيشون في خير وعز، ولديهم مزارع، والشاب لم يتحمل أن يرى والدته في هذا الموقف.

موقف آخر زيارتنا لمخيم للأيتام أيضاً في الأردن، أول ما دخلنا المخيم، رأينا طفلة تركض نحونا، وكان عمرها تقريباً 10 سنوات، وكانت تحمل موبايل أخفته في ملابسها، وقالت لنا إنها تتمنى عندما تكبر أن تعمل في قناة الجزيرة، وكان لديها فصاحة لتحكي لنا كل ما مروا به خلال رحلة هروبهم، وكان والديها قد قتلا، ثم ذهبنا لمخيم مرضى السرطان، وكان وضعهم صعباً جداً، والمرض يداهمهم، ويعيشون في مكان غير مجهز، وغير صالح لمعيشة أي إنسان، حتى قبل دخولنا المكان، كان يتم التنبيه علينا بأن نحذر من الثعابين المنتشرة في المكان.

وأيضاً لم أنس الكبرياء والكرامة، اللذين رأيناهما من السوريين، رغم المحنة التي يمرون بها، فكان يوجد عمارة مؤجرة من فاعل خير، الشقة الواحدة يقطنها أكثر من عائلة، وعندما ذهبنا قررنا توزيع مبالغ مالية، أغلبهم رفضوا أخذ المبلغ، وقالوا لنا يكفي إنكم تذكرتمونا، وتحملتم مشقة السفر بحثاً عنا.

 

جمع تبرعات

• حدثينا عن شعورك عند عودتك للدوحة بعد كل رحلة؟

** بعد عودتي من رحلة الأولى، ظللت أتحدث مع المحيطين من أصدقائي وأهلي، لتجميع أكبر مبلغ مالي للتبرع به، وهنا أصبحت أقدر عمل الجمعيات الخيرية بالدولة، والحمد لله أننا نعيش في بلد حر، يشجع على التبرعات وعمل الخير ومساعدة المحتاجين، ثم أيقنت أنها لن تكون أول وآخر رحلة إنسانية، ولن تكون تجربة لحظية، ثم شجعت صديقات على تجربة السفر، وأقنعت والدتي بضرورة الذهاب مرة أخرى للأردن، لمساعدة إخواننا من السوريين، وسافرنا في إجازة عيد الفطر، بعد جمع مبالغ الزكاة من الأهل والأصدقاء، وشعرت أن هذه الرحلة مختلفة عن سابقتها، وكان هدفنا البحث عن ضحايا الحرب من النساء فرأينا سيدة عمرها تقريباً 45 عاماً، كانت تعمل طبيبة ومن عائلة غنية، سجنها النظام لأنها كانت تعالج المصابين، ثم بادلها الجيش الحر، الأمر الذي اضطرها للهروب، وترك أبنائها، ثم بعد فترة رأت ابنها في التليفزيون يقتل، لإجبارها على الرجوع، ورغم أنها كانت ترقد بالمستشفى تعالج من مرض السرطان، إلا أن كانت لديها عزيمة وأمل وإيمان، وذهبنا لمستشفى بها قائمة من حالات الانتظار، بحاجة لجراحات عاجلة، ولم يجر لهم العمليات، لاحتياجهم لمبالغ بسيطة جداً، قد تساوى تكلفة وجبة غداء هنا، وصادف وجودنا أحد المرضي المنتظرين، وظل يبكي بعد يأسه.

 

لبنان وتركيا

• ماذا عن رحلاتك إلى لبنان وتركيا؟

** في لبنان يكاد يكون وضع اللاجئين هناك أفضل من وضعهم بالأردن في ذلك الوقت، رأينا سيدة زوجها قتله النظام أثناء محاولة تهريبها من السجن، إلا أنها قد وهبت نفسها، لمساعدة إخوانها، فأسست مركزاً يساعد السيدات على تعلم مهارات تساعدهم على الاعتماد على النفس كالرسم والخياطة والطبخ، وبالنسبة لتركيا فقد سافرت إليها 3 مرات، وأعجبني النظام في تركيا المخيم، أشبه بمدينة صغيرة متكاملة.

 

دروس مستفادة

• ما أهم الدروس المستفادة من تجربتك؟

– تغيرت داخلي الكثير من القناعات، وزاد تقديري لعائلتي، بعد الذي رأيته، وأخذت على عاتقي مساعدة المحتاجين في كل بقاع الأرض، وأحاول السفر من فترة لأخرى، وأيضاً والدتي أصبحت تسعى للسفرات الإنسانية، رأيت خلال رحلاتي جهود وحرص الجمعيات الخيرية، بحيث تصل التبرعات لمستحقيها، وأرى أن الرحلات الجماعية مفيدة ولها فوائد كثيرة، ويجب الإكثار منها لتشجيع الأفراد على هذه التجارب الثرية، التي يجب القيام بها مرة في حياة الفرد لمساعدة إنسان، خاصة وأن عمل الخير أبوابه كثيرة وقد لمست أهمية سفر المشاهير في هذه الرحلات، أحياناً نصادف مرضى السرطان بحاجة لجلسات كيماوي بمبالغ مالية كبيرة، مجرد اتصال أو وضع الصورة على مواقع التواصل الخاص بهم، تجذب أهل الخير في قطر، لذلك أرى استقطاب المشاهير خطوة جيدة، خاصة الذين يقدمون الصورة الصحيحة والمشرقة عن قطر وأهلها.

 الشرق
اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى