مصر

بعد ثماني سنوات على خلعه.. هل يحن المصريون لعهد مبارك؟

يبدو المشهد في مصر الآن حالك السواد مقارنة بالسماء شديدة التوهج التي غطت ميدان التحرير مساء 11 فبراير/شباط 2011 مع الإعلان عن تنحي الرئيس حسني مبارك.

ثماني سنوات مرت على هذه اللحظة التي اعتبرت تاريخية، لكن ما يعيشه المصريون الآن من تضييق سياسي واقتصادي جعل الكثيرين يعيدون النظر إلى هذه اللحظة مقارنين بين ما كانوا يعيشونه قبلها وما آل إليه الوضع بعدها.

لو أن أحدا من الثوار ليلتها عرف ما ستؤول إليه الأمور لأعاد النظر في فرحته بمشهد التنحي، ربما للتراجع أو لترتيب الخطوات الثورية على نحو سليم، هذا التمني هو لسان حال كثير من تغريدات تغرق مواقع التواصل الاجتماعي كل عام في ذكرى الثورة.

ولكن هناك أيضا المتفائلون المؤمنون بأن حصاد الثورات يحتاج إلى عقود لجنيه، أما عن الواقع الحالي فهم يعدونه نتيجة أخطاء ثورية ستأخذ وقتها وتمضي.

وبين التوجهين يبرز التساؤل بشأن مدى استمرار إيمان الثوار بانتفاضتهم على حكم مبارك قبل ثمانية أعوام، وهل فعلا تسرب الندم إلى داخلهم؟

يقول النائب السابق لرئيس اتحاد طلاب مصر وأحد شباب ثورة يناير أحمد البقري إن حديث الناس عن الحنين لنظام ما قبل الثورة يمثل إدانة للسلطة الحالية.

ويضيف للجزيرة نت أن الأسباب التي اندلعت من أجلها ثورة يناير عادت كما كانت بل وزادت، فالمعتقلات تجمع الآن كل الأطراف التي شاركت في الثورة “ودماؤنا مختلطة على الأرض والرصاص لم يفرق بيننا.. إذن الأمر عبارة عن اختيار الناس بين السيئ والأسوأ”.

واقع مأزوم
بعد ثمانية أعوام من الثورة المصرية على حكم مبارك الذي دام لثلاثة عقود وامتلأ بخنق الحريات وملاحقة المعارضين والفساد والأزمات الاقتصادية نجد المؤشرات السياسية والاقتصادية تبين أن الأوضاع باتت الآن أسوأ، فالسجون تزدحم بالمعتقلين السياسيين، وتقدر منظمات حقوقية وصول عدد السجناء المعارضين للنظام لنحو ستين ألف معتقل، إلى جانب آلاف تمت تصفيتهم، فضلا عن المختفين قسريا والمطاردين خارج البلاد.

وبموجب حزمة من القوانين أقرها البرلمان -التي تتبع أغلبيته للسلطة الحالية- حدثت ردة في مسار الحريات وحقوق الإنسان يصفها البعض بالأسوأ مما كانت عليه الأمور في عصر مبارك نفسه.

وعلى الجانب الاقتصادي، تشير الأرقام إلى تضخم متزايد وديون خارجية متراكمة وضغط أكبر على كاهل المواطن مع حزمة إجراءات تقشفية، أبرزها رفع الدعم عن الوقود وزيادة الضرائب.

وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي نشرت مجلة فورين بوليسي الأميركية تقريرا وصفت فيه سنوات حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي بأنها أسوأ بكثير من مبارك، بل الأسوأ منذ قيام الجمهورية المصرية.

ويذكر التقرير أن مصر عاشت سابقا قمعا فظيعا “لكن القسوة التي تعيشها اليوم لم يسبق لها مثيل”.

وقبيل زيارته الأخيرة لمصر في أواخر يناير/كانون الثاني الماضي صرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأن حقوق الإنسان في مصر في وضع أسوأ مما كانت عليه في عهد مبارك، معتبرا أن التجاوزات الحقوقية في مصر تهدد استقرارها.

الندم
“هل المصريون نادمون اليوم على أفول عهد حسني مبارك؟”.. تحت هذا العنوان أعد مركز كارينغي لدراسات الشرق الأوسط تقريرا في مارس/آذار الماضي اعتبر فيه أن الإجابة القصيرة عن هذا السؤال هي “نعم مدوية”.

وأرجع ذلك لأسباب لا تتعلق بملف حقوق الإنسان والعملية الديمقراطية بقدر ارتباطها بالظروف الاقتصادية السيئة.

وأضاف التقرير أن مجموعات أخرى من المصريين كانت شديدة المعارضة لمبارك بدأت منذ صيف 2013 -بعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي وفض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة- تتمنى لو تعود أيام الرئيس المخلوع.

وأوضح أن هؤلاء يتعطشون إلى نوع من المجال العام التعددي نسبيا الذي كان يرعاه مبارك والذي تبخر تحت ما حكم السيسي.

لكن التقرير عاد ليؤكد أن فشل مبارك في تطبيق أي إصلاحات سياسية واقتصادية ترك لدى المصريين شعورا عميقا بالاستياء لا يمكن تناسيه، واختتم “ما زال المصريون غير نادمين على مبارك، لكنهم تعلموا عدم الاستياء منه كثيرا”.

المصدر
الجزيرة
اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى