العالم تريند

نيويورك تايمز: أشهر من تلميع صورة شرم الشيخ لم تنجح بإخفاء سجل مصر في حقوق الإنسان وقمع ناشطي البيئة

عربي تريند_ قالت صحيفة “نيويورك تايمز” في تقرير أعدته مديرة مكتبها في القاهرة، فيفيان يي، إن جهود أشهر من التحضيرات المصرية لاستقبال مؤتمر المناخ، قوضتها سمعة البلد وسجلها في مجال حقوق الإنسان.

وأضافت أن استضافة قمة المناخ، كانت فرصة لمصر المثقلة بالديون للدعوة إلى سياسات مناخ تحمي الدول الفقيرة، وفي المقابل، عرّضتها للتمحيص من منظمات حقوق الإنسان. وأضافت الكاتبة أن مصر ولأشهر، حاولت منح منتجع شرم الشيخ مظهر الصديق للبيئة من خلال وضع سلال تدوير النفايات، ومنع استخدام السلال البلاستيكية بشكل كامل.

وهي رؤية مثيرة للفرح مع افتتاح قمة المناخ يوم الأحد، التي تظل قمة محفوفة بالمخاطر ليس لاستقبال مصر لها، ولكن لأن سياسات الدولة القمعية قوضت أي محاولة لها لتأطير نفسها كمدافعة عن البيئة في العالم النامي. وتريد مصر أن تكون في مركز القيادة للدول الفقيرة والمطالبة بتعويضها من الدول المسؤولة عن الانبعاثات الكربونية والتي يعتقد المعظم أنها نتاج للتغيرات المناخية.

وقال عبد الفتاح السيسي، الرئيس المصري في أيلول/ سبتمبر: ” نريد رؤية شاملة لدعم الدول الإفريقية في جهودها للتكيف مع التغيرات المناخية”. إلا أن وضع مصر في مركز القمة، أثار العديد من الأسئلة حول السماح لها بنظامها الديكتاتوري وسجلها المثير للقلق في مجال البيئة وحقوق الإنسان لاستقبال مؤتمرا كهذا.

وتهدف مصر لأن تكون مركزا إقليميا مهما للغاز الطبيعي، لكن عاصمتها القاهرة هي الأكثر تلوثا في العالم. وتمت ملاحقة المدافعين عن البيئة في مصر، ومُنعوا أو أغلقت منظماتهم وذلك بحسب منظمات حقوق الإنسان ودعاة الحفاظ على البيئة أنفسهم، رغم السماح لهم بدور أثناء التحضيرات للمؤتمر.

وترى الصحيفة أن مسألة المناخ واحدة من القضايا التي تعتبرها مصر حساسة، فقد سجنت آلافا من الأشخاص الذين اعتقدت أو شكّت بمعارضتهم للنظام الذي جاء بعد انقلاب عام 2013، ومنهم مصريون عاديون انتقدوا النظام عبر فيسبوك أو غيره من منصات التواصل الاجتماعي.

وأعلنت ناشطة المناخ غريتا ثونبيرغ في الأسبوع الماضي، أنها لن تشارك في القمة بسبب انتهاكات حقوق الإنسان في مصر. ووقّعت إلى جانب عدد من المنظمات الدولية المكرسة لمكافحة التغيرات المناخية، على عريضة طالبت فيها مصر بتخفيف القمع والسماح بحرية التعبير والإفراج عن المعتقلين السياسيين، وهي دعوة ردد صداها البرلمان الأوروبي.

وقال ألدين ماير، الخبير في سياسة المناخ، بمعهد “إي3 جي” في واشنطن: “هذا تحد للمجتمع الدولي. والناس يتساءلون: هل يجب عليك مكافأة دول لديها سجل مثير بحقوق الإنسان والسماح لها بعقد مؤتمرات بارزة كهذه للأمم المتحدة؟”.

وفي الشهر الماضي، أفرجت مصر عن الناشط السياسي والنائب السابق زياد العليمي، مع أن هناك آلافا لا يزالون في السجن بينهم علاء عبد الفتاح، أشهر معتقل سياسي في مصر، والذي قضى 200 يوم مضربا عن الطعام في محاولة منه للضغط على السلطات للإفراح عنه، وتخشى عائلته من وفاته في السجن. وتعهد بالتوقف عن شرب الماء مع بداية المؤتمر  الذي سينعقد على مدى أسبوعين بدءا من الأحد.

ورغم جهود عائلته والمسؤولين البريطانيين -حيث يحمل الجنسية البريطانية- لتحريره، إلا أن السلطات المصرية لم تغير موقفها. وفرضت مصر قيودا مشددة على منظمات المجتمع المدني والأكاديميين والعاملين في حقوق الإنسان وقضايا البيئة وأمور أخرى. وقالت السلطات إنه لن يسمح بالاحتجاج إلا في منطقة بُنيت خصيصا في منطقة صحراوية بعيدا عن مركز المؤتمر، إلا في حالة سجل المحتجون مناسبتهم مقدما. وفي قمم سابقة، سُمح للمحتجين بالتظاهر في المناطق حول وداخل مقر المؤتمر. ورغم القيود وابتعاده عن مقر القمة، إلا أن المحافظ المحلي خالد فودة وعد بأنه “سيكون جميلا” ومزودا بالمقاهي والمطاعم. وأشارت الصحيفة لتصريحات وزير الخارجية المصري سامح شكري على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيوريوك في أيلول/ سبتمبر، بأن مصر لا تريد من المتظاهرين منع عمل المنظمات التي استأجرت مناطق في ساحة المؤتمر، مضيفا أن المتظاهرين “لن يُستبعدوا بالتأكيد”.

ولو نجح الزوار الأجانب بالتظاهر، إلا أن السلطات المصرية تصرفت بعناية خاصة للتأكد من عدم تشويش المصريين للحظة المهمة وتنظيم مظاهرة حاشدة. وقالت منظمات حقوقية محلية إن المئات من المصريين اعتُقلوا في الأيام الماضية بعدما دعوا لمظاهرة حاشدة ضد الحكومة. ويعتبر منتجع شرم الشيخ محاطا بنقاط التفتيش والأسيجة، وأي مصري يدخل المنطقة عبر الحافلات الصغيرة، وهي وسيلة النقل العامة والرخيصة، مطالب بتقديم رخصة للأمن بأنه يعمل هناك. وقال سكان في المنتجع، إنه تم إجبار مصريين لا علاقة لهم بالمؤتمر على المكوث خارجه في الأسابيع الماضية. ونظرا لندرة السكن وأسعار الفنادق التي تكلف فيها الغرفة عشرة أضعاف السعر العادي، فليس من المتوقع وصول مصريين للتظاهر في المؤتمر. وهناك إجراءات أمن مشددة تهدف لمنع المتشددين الإسلاميين من تنفيذ هجمات كما فعلوا في 2005 و2015 عندما فجروا طائرة روسية محملة بالسياح الروس بعد إقلاعها من مطار شرم الشيخ.

ويقول دبلوماسيون ومحللون، إن مصر تحاول تفادي حدوث صراع سياسي. وفي محاولة لتحسين صورتها والتخفيف من المعارضة السياسية والأزمة الاقتصادية الناجمة عن حرب أوكرانيا التي ضربت المصريين العاديين، بدأت الحكومة “الحوار الوطني” لجعل السياسة مفتوحة للجميع، وأفرجت عن مئات من المعتقلين السياسيين. مع أن الناشطين السياسيين يناقشون أن خطوات صغيرة كهذه غير كافية لإصلاح ما تسببت به سنوات من القمع.

 وتهدد الحكومة ناشطي البيئة وتجمد أموالهم وتمنعهم من السفر وتعتقلهم، بحيث تتركهم يكافحون للبقاء بالقليل من الأموال المتوفرة لهم في مصر. ووجد تقرير لمنظمة هيومان رايتس في أيلول/ سبتمبر، أن الكثير من منظمات البيئة قللت من نشاطاتها أو أغلقت أبوابها بسبب تحرش الحكومة المصرية، والقيود على التمويل والمشاريع الميدانية. وواجهت المنظمات عقبات لا تحصى من أجل  الحصول على وضع قانوني أو تصريح أمني يسمح لها بممارسة الأبحاث، حسبما جاء في التقرير.

ورفض مسؤولو الحكومة المصرية الرد على أسئلة الصحيفة، إلا أن المتحدث باسم وزارة الخارجية شجب تقرير هيومان رايتس في بيان له بأيلول/ سبتمبر، واتهمها بإصدار “تقرير مضلل” في وقت يحاول العالم التركيز على أهداف المناخ.

وفي مقابلات مع ناشطي البيئة، قالوا إن ضحايا التلوث الصناعي المصريين وغيرهم، يرفضون مقابلة ناشطي البيئة وتقديم بيانات لهم، لأن الحكومة صورتهم مع الصحافيين كعملاء أجانب. وقالت منظمات البيئة إنها تتجنب طرح أسئلة عن المناخ لحماية الضحايا من التداعيات والآثار. وأثرت القيود على البيانات الفقيرة بشأن مشاكل التلوث خاصة في القاهرة.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى