العالم تريند

أوبزيرفر: بايدن في الشرق الأوسط لمواجهة الصين وروسيا

 عربي تريند_ قال المعلق في صحيفة “أوبزيرفر” سايمون تيسدال، إن الرئيس الأمريكي يعود إلى  رمال الشرق الأوسط المتحركة.

وقال تيسدال: “في كل أنحاء الشرق الأوسط، تتحرك ساحات المعركة، تحالفات جديدة تخفف من العدوات القديمة، وحسابات جديدة فيما يخص المزايا الوطنية وأولويات صاعدة ومحاولات دبلوماسية حذرة لبناء الجسور تدفعها آمال السلام الحذرة وعلى كل الجبهات”. إلا أن التغير الذي يدفعه الخوف عادة ما تكون جذوره ضحلة. و”الخوف لا الإيمان في رؤية واسعة هو ما يتخلل الفضاء المتنافَس عليه. والسياق، كما هو الحال دائما، الصراع العظيم على السلطة بين روسيا عدوانية، وصين توسعية، والولايات المتحدة المصممة على العودة إلى اللعبة”.

ويؤكد الكاتب أن إعادة الاصطفاف الأمني والاقتصادي المتزايد بين إسرائيل ودول عربية، هو من أهم التحولات المدهشة. وأكد بيني غانتس، وزير الدفاع الإسرائيلي، إنشاء تحالف إقليمي دفاعي يهدف لردع الصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية. وأشار الكاتب إلى التحالف الذي تدعمه الولايات المتحدة تشترك فيه الإمارات والأردن وقطر ومصر والسعودية، التي لا تقيم إسرائيل علاقات دبلوماسية معها. ويرى تيسدال أن التحالف الجديد هو نتاج اتفاقيات إبراهيم التي أنشأت فيها إسرائيل علاقات دبلوماسية مع أربع دول عربية منها المغرب والسودان.

سيشجع بايدن التطبيع بين السعودية وإسرائيل، وسيحاول تخفيف التوترات الفلسطينية، ويزور المناطق المحتلة. إلا أن زيارته تهدف بشكل أساسي لاستعادة التأثير الأمريكي الذي أهمله دونالد ترامب

ويقول تيسدال إن التقارب تدفعه المخاوف من الطموحات النووية الإيرانية المفترضة. وسيكتسب زخما مع زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى إسرائيل والسعودية، ويأتي في وقت تسير المحادثات مع إيران إلى حافة الانهيار. ويرى الكاتب أن خطة بايدن للقاء ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بعد مقتل الصحافي جمال خاشقجي في 2018 تثير نقدا حتى قبل بدء الزيارة، وتمثل التحول البراغماتي الأكبر والمدهش من بايدن لتبني السياسة الواقعية.

وسيشجع بايدن التطبيع بين السعودية وإسرائيل، وسيحاول تخفيف التوترات الفلسطينية، وسيزور المناطق المحتلة. إلا أن زيارته وهي الأولى منذ وصوله إلى الرئاسة تهدف بشكل أساسي لاستعادة التأثير الأمريكي الذي أهمله دونالد ترامب.

وقدّم الهجوم الروسي على أوكرانيا سياقا مهما، فسيضغط بايدن على السعوديين وبقية منتجي النفط في المنطقة لزيادة معدلات إنتاجه والمساعدة في تخفيف أزمة الطاقة العالمية وتخفيض وارادات النفط الروسية. ولكنه واع بشكل أهم لتحدياته الخارجية الكبرى: احتواء الصين، روسيا وحليفتها النفطية إيران.

وقال كينيث روث من هيومان رايتس ووتش محذرا: “لو خفّض بايدن  الحرب في أوكرانيا إلى نزاع جيوسياسي، فسيرقص مستبدو العالم فرحا”، و”سيقولون إن الديمقراطيات تعلن عن قيمها ومن ثم تبيعها (القيم) من أجل ناقلات رخيصة من الغاز”. ويرى تيسدال أن الزيارة ستترك تبعات كبيرة على كل من اليمن وسوريا. فإنهاء الحرب في اليمن التي أنتجت أسوأ كارثة في العالم، يعتبر هدفا رئيسيا لبايدن. وهناك أمل في موافقة السعودية على جعل الهدنة دائمة.

وفيما يمكن أن يظهر كأنه تحول كبير آخر، ويتعلق بسوريا، ربما تمنح الولايات المتحدة محفزات اقتصادية أخرى لمنبوذ آخر، وهو بشار الأسد، من أجل مواجهة التاثير الإيراني في سوريا. وربما شمل ذلك تخفيف العقوبات لمساعدة دمشق على استيراد النفط الإيراني. وربما ارتبطت هذه الأمور بموضوع آخر، وهي المحاولة الأخيرة لإنقاذ المعاهدة النووية  مع إيران، فقد فشلت المحادثات غير المباشرة التي عقدت الأسبوع الماضي في الدوحة.

إلا أن إيران التي تبحث بيأس عن منظور لتحفيف العقوبات عنها، مصرّة على أن المحادثات لم تمت، وهناك إمكانية لإنقاذ الاتفاقية. ويناقش مسؤولون عسكريون إسرائيليون بارزون، وخلافا لموقف رئيس الورزاء السابق، بنيامين نتنياهو، أن اتفاقية نووية سيئة مع إيران هي أفضل من عدم وجود اتفاقية.

ولدى بايدن محفز إضافي آخر، وهو أن اتفاقا مع طهران يعني مضاعفة  كمية النفط الإيراني في السوق العالمي. وقام الرئيس فلاديمير بوتين، الذي يراقب بايدن بحملة تأثير مضادة عندما قام الأسبوع الماضي بأول زيارة له خارج موسكو منذ الحرب على أوكرانيا، والتقى مع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في تركمنستان. وبحسب الكرملين فقد أشاد بوتين بالتوسع المتزايد في العلاقات الثنائية مع إيران منذ 24 شباط/ فبراير.

مهما كانت النتيجة من زيارة بايدن، فالفلسطينيون هم الخاسر الأكبر. فقد تخلى عنهم الحلفاء العرب، وتتلاعب بهم إيران ويخافون من أمريكا وتتجاهلهم أوروبا

وأخبر رئيسي: “لدينا علاقات حقيقية واستراتيجية قوية ونعمل في مواقع مثل سوريا”. ورفضت روسيا مثل الصين، شجب القرار الإيراني الأخير بمنع مفتشي الأمم المتحدة من دخول المنشآت النووية. وكما الحال، فموقف إيران يبدو متناقضا وغامضا، فقد دفعها الخوف من التحالف العسكري العربي- الإسرائيلي لمغازلة منافستها السعودية، وأعلنت الأسبوع الماضي أنها جاهزة لاستئناف المحادثات مع المباشرة في العراق.

وقد لا يكون ذلك محتملا في هذه المرحلة، إلا أن نزع فتيل التوتر النووي والتوترات السعودية- الإيرانية سيترك تداعيات إيجابية على علاقات إيران مع أوروبا والولايات المتحدة وجيرانها العرب. ولو أدت إلى تخفيف عدم الاستقرار وثبطت من عزم روسيا والصين، فستكون تطورات جيدة ومرحبا بها في واشنطن.

إلا أن منظور إعادة تأهيل إيران يظل مقلقا لإسرائيل التي لا تزال تتعامل معها على أنها تهديد، نظرا لدعم حزب الله وحماس. وتواصل إسرائيل حملة الاغتيالات والهجمات على المنشآت النووية الإيرانية والعسكرية، وصعّدت في الفترة الأخيرة من حرب الظل. وهو ما يضعها على تناقض مع أجندة بايدن.

ومهما كانت النتيجة من زيارة بايدن، فهناك الكثير من الخاسرين، منهم أكراد سوريا الذين تلاحقهم تركيا، والمقاتلون المطالبون بالاستقلال في الصحراء الغربية. وسيجد المطالبون بالديمقراطية الذين يمقتون زيارة بايدن وتنكره لتعهداته بشأن خاشقجي، الكثير من الأمثلة عن انتهاكات حقوق إنسان ارتكبتها أنظمة تدعمها واشنطن في المنطقة. لكن الفلسطينيين هم الذين سيخسرون من “سلام وقتنا” الانتقائي الجزئي. تخلى عنهم الحلفاء العرب، وتتلاعب بهم إيران ويخافون من أمريكا وتتجاهلهم أوروبا التي تعيش حربا، وهم منقسمون تلاحقهم الدولة الإسرائيلية، ولا تبدو قضية الاستقلال الفلسطيني حالكة مثلما هي اليوم “الزمن يتغير، لكن خيانة العالم للفلسطينيين خالدة”.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى