الكويت

بدرية الحسن.. الكويت تبكي فارسة العمل الخيري

“اللهم اجعلني خفيف النفس لا أوذي أحدا، وطيب اللسان؛ لا أجرح أحدا، اللهم اجعلني ذكرى طيبة لكل من عرفني مثل غيمة مرت.. ثم روت.. ثم ولت”.

لم تجد بدرية الحسن (26 عاما) أفضل من هذا الدعاء لتعنون به صفحتها على تويتر، ولم تكن تعرف أنها تنعي نفسها به قبل أن ينعاها الكثيرون ويأتي نبأ رحيلها ضمن الموضوعات التي تصدرت مواقع التواصل الاجتماعي في الكويت لساعات طويلة.

فبألم وحسرة شهد وسم “#بدريةـالحسن” تفاعلا كثيفا من المغردين والمدونين الكويتيين، فضلا عن أفراد عائلتها ومعلميها الذين ابتهلوا بالدعاء لها أن يتغمدها الله برحمته ويسكنها فسيح جناته.

بدرية الحسن كانت تعد لرحلتها الإنسانية الثالثة إلى الحدود اللبنانية لمساعدة النازحين السوريين (الجزيرة)
لم تكن الراحلة من المشهورين في عالم الإعلام أو مواقع التواصل الاجتماعي، ولكنها كانت كذلك في أوساط العمل الخيري التطوعي الذي عملت به رغم صغر سنها.

وافت المنية بدرية عادل الحسن في حادث مروري بينما كانت ترافقها شقيقتها دانة التي تصغرها بعامين.

“اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها”، بهذه الكلمات التي خرجت مختنقة بالعبرات تحدثت دانة -للجزيرة نت- عن شقيقتها الراحلة واصفة رحيل “توأم روحها” بدرية بأنه كسر ظهرها.

وتقول دانة “كنت أرافقها وصديقتي في سيارتها عندما ارتطمت بأعمال صيانة لم نرها بالقرب من دوار بينما كنا عائدين إلى المنزل في المنطقة التي نقطنها فانقلبت السيارة، وطلبت مني بدرية أن أردد وراءها الشهادة وما أن انتهت منها حتى صمتت، وكان الصمت الأخير”.

كانت بدرية التي تخرجت حديثا من قسم الإعلام بكلية الآداب في جامعة الكويت على موعد مع العمل ابتداء من يوم الأحد المقبل في شركة الخطوط الجوية الكويتية.

وتسترسل دانة بالقول إنها وشقيقتها كانتا قد حجزتا بعد موافقة والدهما للالتحاق برحلة لحملة “حياة” العالمية للأعمال الإنسانية إلى لبنان يوم الخميس المقبل.

وتضيف “كانت بدرية -رحمها الله- تلح علي دوما لنذهب لشراء الملابس الشتوية للأطفال قبل انطلاق رحلتنا، لنوزعها على الأطفال السوريين في المخيمات على الحدود اللبنانية السورية”.

فقد آثرت هذه الفتاة الكويتية على نفسها السعي وراء الأجر ومساعدة اللاجئين السوريين، وفارقت الحياة بينما كانت تعد العدة للذهاب مجددا إلى مخيماتهم.

شكلت بدرية وأفراد عائلتها الصغيرة والكبيرة ومعارفهم وأصدقاؤهم حملة “حياة” التطوعية للأعمال الإنسانية، وهي حملة غير رسمية كما روى للجزيرة نت أبو فيصل نجل ونائب رئيس الحملة.

أبو فيصل -وهو ابن خالة بدرية- قال “نحن كعائلة نحب أن يشاركنا الفقراء ما يمن الله به علينا من خير، وما تجود به أنفسنا، ولذلك أسسنا حملة “حياة” بطابع أسري، فنجمع الأموال من المحيطين بنا ونشتري بها كسوة الشتاء والأغطية وغيرها من الضروريات ونسيّرها إلى الحدود اللبنانية وهناك نوزعها بأنفسنا على المحتاجين من النازحين السوريين لمساعدتهم على تحمل قسوة الشتاء”.

ويستطرد بالقول إن بدرية كانت من أنشط المتطوعات في العمل الإنساني، وقد رافقت الحملة في رحلتين إلى الحدود اللبنانية السورية لتوزيع المساعدات، بالإضافة إلى اضطلاعها بمهمة شراء المستلزمات مسبقا، ووافتها المنية بينما كانت تتحضر لرحلتها الخيرية الثالثة.

ولم ينس مشرفو الحملة التي وصلت إحدى شاحناتها المحملة بألفي بطانية إلى النازحين السوريين أن ينعوا الفقيدة، مشيرين إلى مناقبها الحسنة وأعمالها الإنسانية الجليلة، فرغم عمرها القصير فإنها تركت بصمة إنسانية كبيرة في قلوب كل من عملوا معها داعين الله العلي القدير أن يسكنها فسيح جناته وأن يحسبها عنده من الشهداء.

المصدر
الجزيرة
اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى