سيارات تريند

فولكسفاغن تتطلع إلى المستقبل لكن فضائح الماضي تطاردها

مع نهاية عام وبداية عام جديد يبدو أن مجموعة «فولكسفاغن» الألمانية أكبر منتج سيارات في العالم، تراهن على المستقبل حيث تضخ مليارات الدولارات للاستثمار في سيارات المستقبل، من خلال التوسع في تطوير وإنتاج السيارات الكهربائية، مع خطط كبرى لإنتاج سيارات ترتبط بشبكات الاتصالات والإنترنت. في الوقت نفسه فإن المجموعة الألمانية العملاقة تتجه نحو تسجيل رقم قياسي جديد من حيث حجم المبيعات السنوية رغم العقبات التي تعرضت لها في أيلول/سبتمبر وتشرين أول/أكتوبر الماضيين بسبب التعقيدات الناجمة عن بدء تطبيق المعايير الأوروبية الجديدة لعوادم السيارات.
كل ذلك يكاد يجعل المرء ينسى فضيحة التلاعب بنتائج اختبارات معدل العوادم في الملايين من سياراتها التي تعمل بمحركات ديزل (سولار) والتي تفجرت في أيلول/سبتمبر 2015، لكنها في الحقيقة ستظل تشغل «فولكسفاغن» لفترة طويلة من الزمن. فهذه القضية التي كبدت المجموعة الألمانية عشرات المليارات من الدولارات حتى الآن، مازالت تفرض عليها مجموعة من المعارك القضائية التي لم تنته بعد.

دعاوى المستثمرين

كبدت فضيحة التلاعب بنتائج اختبارات العوادم مجموعة «فولكسفاغن» حتى الآن حوالي 27 مليار يورو (5ر30 مليار دولار)، لكن هذه الفضيحة كبدت المستثمرين أموالا كثيرة، حيث تراجع سعر سهم المجموعة الألمانية بشدة في أعقاب كشف أجهزة التحقيق الأمريكية عن الفضيحة في أيلول/سبتمبر 2015.
الآن هؤلاء المستثمرون يطالبون بالتعويض عن هذه الخسائر. يقول المستثمرون في دعاواهم إن «فولكسفاغن» تأخرت في إخطار السوق بفضيحة العودام. والآن بدأت إجراءات نظر هذه الدعاوى في المحكمة الإقليمية العليا في مدينة «براونشفيغ» الألمانية.

لديها خطط كبرى لإنتاج سيارات ترتبط بشبكات الاتصالات والإنترنت

تضم قائمة المتهمين في القضية مجموعة «فولكسفاغن» وشركة «بورشه» للسيارات الفارهة باعتبارها المساهم الرئيسي في المجموعة، أما المدعي في هذه القضية فهو صندوق الاستثمار «ديكا إنفستمنت» والذي يطالب مع غيره من المساهمين في «فولكسفاغن» بتعويضات عن الأضرار تصل إلى 9 مليارات يورو. ووفقا للقانون فإنه يجب على أي شركة أسهمها مطروحة في البورصة إعلان أي أخبار يمكن أن تؤثر على قيمة السهم فورا. ويقول المدعون إن «فولكسفاغن» لم تفعل هذا. في المقابل تقول المجموعة الألمانية إنه لم تكن هناك أي مؤشرات ملموسة على هذه الفضيحة قبل يوم 18 أيلول/سبتمبر 2015 عندما أعلنت إدارة الحماية البيئية الأمريكية اتهاماتها للشركة الألمانية بالتلاعب في نتائج اختبارات معدل عوادم سيارات الديزل. وفي يوم 22 أيلول/سبتمبر تم إبلاغ البورصات بنتائج التحقيقات الأمريكية.
وفي الإجراءات الأولية لنظر دعوى المستثمرين ضد «فولكسفاغن»، قال القاضي «كريستيان يايده» إن الاستنتاجات الأولية تشير إلى احتمال أن تكون الشركة قد تأخرت بالفعل في إبلاغ أسواق المال بقضية العوادم. وأشار القاضي إلى اعتراف «فولكسفاغن» نفسها للسلطات الأمريكية في 19 آب/أغسطس 2015، بأنها استخدمت برنامج كمبيوتر مع محركات الديزل في الملايين من سياراتها لتقليل كميات العوادم المنبعثة من هذه السيارات أثناء الاختبارات مقارنة بالكميات الحقيقية المنبعثة أثناء السير في ظروف التشغيل الطبيعية.

القانون الجنائي

في الوقت نفسه هناك مسار آخر للتحقيقات في فضيحة العوادم يشمل عددا من موظفي «فولكسفاغن» وبينهم مديرون حاليون وسابقون. وتشمل التحقيقات الجنائية في الفضيحة 52 شخصا منهم 42 متهمين في واقعة استخدام برنامج الكمبيوتر للتلاعب في نتائج اختبارات معدلات العوادم، وستة متهمين في واقعة تقديم بيانات مزيفة عن معدلات عوادم السيارات ومعدلات استهلاكها للوقود. وهناك ثلاث قضايا أخرى تتعلق بالتلاعب بأسواق المال إلى جانب التحقيق مع أحد موظفي الشركة بتهمة إصدار الأوامر بمسح بيانات تتعلق بالقضية.
ويحقق الإدعاء الألماني مع مجموعة من المسؤولين بينهم «مارتن فينتركورن» رئيس مجلس إدارة «فولكسفاغن» السابق، ورئيس مجلس الإدارة الحالي «هربرت دايس» إلى جانب رئيس مجلس الإشراف «هانز دايتر بويتشه» لاتهامهم بالتلاعب بالأسواق. كما يواجه «فينتركورن» تهمة الاحتيال.

دعاوى مدنية

كيف سيكون الحال إذا اضطرت «فولكسفاغن» لدفع تعويضات لعملائها في أوروبا بنفس الطريقة التي تمت في الولايات المتحدة بسبب فضيحة العوادم؟ حسب مجموعة السيارات الألمانية، فإن هناك حوالي 28 ألف دعوى قضائية أقامها أصحاب سيارات ديزل ضد وكلاء ومصنعي السيارات المعيبة. وقد صدر حوالي 9000 حكما في هذه الدعاوى حتى الآن، لكن شكاوى عملاء «فولكسفاغن» مازالت بنسبة كبيرة «غير ناجحة». وعلى مستوى المحكمة الإقليمية العليا صدر 13 حكما في هذه الدعاوى كلها جاءت لصالح الشركة أو وكلائها.
وتطالب شركة الخدمات القانونية الأمريكية «هاوسفيلد» التي تمثل أصحاب سيارات «فولكسفاغن» ، الشركة بضرورة استرداد السيارات الديزل التي تحتوي على برنامج التلاعب. وكانت المحكمة الجزئية في مدينة هامبورج الألمانية قد أصدرت في آذار/مارس الماضي حكما يلزم أحد موزعي «فولكسفاغن» باستعادة سيارة مزودة ببرنامج التلاعب بنتائج اختبارات العوادم وإعطاء العميل سيارة جديدة غير معيبة. لكن المحكمة الإقليمية العليا في هامبورغ رفضت تأييد الحكم، ومن المتوقع إصدار حكم بإلغائه.
وفي قضية أخرى، أصدرت محكمة أوغسبورغ الجزئية حكما يلزم «فولكسفاغن» برد ثمن السيارة بالكامل بالإضافة إلى الفوائد لأحد العملاء الذين اشتروا سيارة ديزل مزودة ببرنامج الكمبيوتر غير القانوني. ووصفت «فولكسفاغن» هذا الحكم بأنه «خطأ من الناحية القانونية»، وقررت استئنافه، حيث قالت «نتوقع تصحيح هذا الحكم في مرحلة الاستئناف»، مضيفة أنه لا يوجد أي أساس قانوني لشكاوى العملاء، لآنهم لم يتعرضوا لأي أضرار ولا خسائر، حيث كانت السيارات آمنة وتسير بصورة سليمة.

نماذج إجرائية

بالنسبة للأطراف التي ترغب في مقاضاة «فولكسفاغن» ظهرت سبل جديدة أمامهم في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي بمساعدة دعوى «نماذج إجرائية». فقد أصبح في مقدور جمعيات حماية المستهلك إقامة دعاوى ضد الشركات لصالح العديد من الأطراف المتضررة. ويرغب اتحاد حماية المستهلك في ألمانيا في استخدام هذه الأداة الجديدة «لتلقين فولكسفاغن درسا» حيث ستطالب جمعيات حماية المستهلك بمنح أصحاب السيارات المزودة بمحركات ديزل تعويضا عن انخفاض القيمة السوقية لهذه السيارات. وتستهدف هذه الجمعيات رد كامل ثمن هذه السيارات إلى أصحابها. ولكن «فولكسفاغن» ترى أن فرص صدور حكم ضدها في هذه الدعاوى ضئيلة للغاية، ومحذرة في الوقت نفسه العملاء الذين سيمضون في هذا الطريق من تحمل نفقات باهظة للعملية القضائية التي ستستمر سنوات.

المصدر
القدس العربي
اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى