العرب تريند

احتجاجات في 8 دول عربية تذكر بثورات الربيع العربي

مع أواخر عام 2018، تشهد 8 دول عربية احتجاجات تتفاوت في حدتها وسقف مطالبها، لكن جميعها تنطلق من أوضاع اقتصادية متردية، وترفع دعوات إلى تحسين الظروف المعيشية، وإن تطور بعضها إلى مطالب سياسية.
تلك الاحتجاجات شملت كلاً من السودان، تونس، المغرب، ليبيا، لبنان، العراق والأردن والجزائر، وتتزامن مع الذكرى الثامنة لاندلاع ثورات الربيع العربي، التي بدأت في تونس، يوم 17 ديسمبر/ كانون أول 2010، وأطاحت بالأنظمة الحاكمة في عدد من الدول.
استلهمت بعض الاحتجاجات، كما الحال في لبنان وتونس، فكرة حراك “السترات الصفراء”؛ المستمر في فرنسا منذ 17 نوفمبر/تشرين ثاني الماضي، ضد سياسات الرئيس إيمانويل ماكرون الاقتصادية، وأبرزها زيادة أسعار الوقود وتكاليف المعيشة.
وتعتبر الاحتجاجات المستمرة في السودان هي الأشد حدة والأعلى سقفاً في مطالبها، حيث بلغت حد المطالبة برحيل النظام.
1- السودان.. الخبز ثم البشير
في 19 ديسمبر/ كانون أول، انطلقت احتجاجات غاضبة عمت مدناً سودانية عديدة، بينها العاصمة الخرطوم، وشملت حتى اليوم 14 ولاية من أصل 18.
يمثل تدهور الأوضاع المعيشية السبب الرئيسي لهذه الاحتجاجات؛ إذ أقدمت الحكومة مؤخراً على زيادة أسعار الخبز، ليرتفع سعر الرغيف من جنيه واحد إلى ثلاثة جنيهات.
بجانب ذلك، يشكو السودانيون منذ وقت طويل من عدم توفر الوقود والسيولة النقدية؛ إذ تمتنع المصارف عن تمكين الناس من الحصول على السيولة.
وتقول المصارف إنها تعجز عن توفير السيولة النقدية؛ بسبب سحب المواطنين لمدخراتهم وتحويلها إلى دولار.
ولم تعد في العاصمة سوى ماكينات آلية معدودة لصرف النقود، وهي تعمل بصورة متقطعة، في حين لا تسمح المصارف للمواطنين بسحب أكثر من عشرة دولارات يومياً.
بعد التنديد بغلاء المعيشة في بداية الاحتجاجات، هتف المحتجون بشعار: “الشعب يريد إسقاط النظام”، وهو الشعار الأبرز خلال ثورات الربيع العربي.
في اليوم السادس من الاحتجاجات، وعد الرئيس السوداني، عمر البشير، في 24 ديسمبر/ كانون أول، “بإصلاحات حقيقية لضمان حياة كريمة للمواطنين”؛ في أول تصريح له منذ اندلاع الاحتجاجات المستمرة.
وشهدت الاحتجاجات سقوط 8 قتلى بحسب السلطات، بينما ترفع المعارضة العدد إلى 22 قتيلًا، إضافة إلى عشرات الجرحى.

2- تونس.. بوعزيزي جديد؟
خلال 2018 شهدت تونس احتجاجات ترفع مطالب اجتماعية في بلد شهد ثورة شعبية أطاحت بالرئيس الأسبق، زين العابدين بن علي (1987- 2011).
أحدث تلك الاحتجاجات كان في 24 ديسمبر/ كانون أول، في مدينة القصرين (غرب)، وشهدت اشتباكات بين محتجين وقوات الأمن، إثر انتحار مصور تليفزيوني، يدعى عبد الرزاق الرزقي، حرقاً؛ احتجاجاً على الأوضاع الاجتماعية المتردية، وخاصة البطالة في المدينة.
هذه الواقعة أعادت إلى الأذهان ما حدث قبل ثمانية أعوام، عندما أحرق الشاب محمد البوعزيزي جسده في محافظة سيدي بوزيد، ليفجر ثورة ألهمت شعوباً عربية عديدة.
إضافة إلى ذلك، تشهد تونس بين الحين والآخر احتجاجات فئوية، منها مسيرة في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة، في وقت سابق من الشهر الجاري، شارك بها الآلاف من أساتذة التعليم الثانوي والإعدادي.
ويطالب هؤلاء بزيادة الأجور، ويحظون بدعم الجامعة العامة للتعليم الثانوي (نقابة أساتذة الإعدادي والثانوي)، التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر نقابة عمالية في تونس.
واستلهاماً لاحتجاجات “السترات الصفراء” في فرنسا، أطلق نشطاء في تونس حملة “السترات الحمراء”، الشهر الجاري.
ويقول النشطاء إنهم سينفذون تحركات سلمية، في الأيام المقبلة؛ احتجاجاً على الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الصعب الذي تعيشه تونس.
وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، قال رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، إن حكومته “تمكّنت، منذ توليها الحكم (2016)، من تحسين المؤشرات الاقتصادية، منها “الترفيع في نسبة النمو، والتخفيض في نسبة العجز”.
واعتبر الشاهد أنه “كان من الممكن تحقيق نتائج أفضل لو لقيت الحكومة دعما سياسياً حقيقياً”، في إشارة على ما يبدو إلى تباينات بين الشاهد والرئيس التونسي، الباجي قايد السبسي، وطفت على السطح في الأشهر الأخيرة.

3- المغرب.. زيادة الأجور
وصل حراك “السترات الصفراء” إلى المغرب مرفوقاً بمطالب فئوية؛ إذ ارتدى موظفون مغاربة في القطاعين الحكومي والخاص، في 17 ديسمبر/ كانون أول، “سترات صفراء”؛ لمطالبة الحكومة بتحسين وضعهم المعيشي وزيادة أجورهم.
جاء هذا الحراك الاحتجاجي بدعوة من “نقابة الاتحاد المغربي للتقنيين” (تتبع الاتحاد المغربي للشغل- أكبر نقابة)، وتزامن مع اندلاع حراك الربيع العربي في تونس، يوم 17 ديسمبر/ كانون أول 2010.
قبل ذلك بيوم واحد، شهدت العاصمة الرباط مسيرة احتجاجية دعت إلى إطلاق سراح الموقوفين على خلفية احتجاجات شهدتها كل من مدينتي الحسيمة وجرادة بمنطقة الريف (شمال)، وإلى توفير فرص عمل وبناء مستشفيات وجامعات.
وأعفى العاهل المغربي، محمد السادس، نهاية أكتوبر/ تشرين أول 2017، أربعة وزراء من مناصبهم؛ بسبب تقصير في تنفيذ برنامج إنمائي في منطقة الريف.
وأمر، في أغسطس/ آب الماضي، بالعفو عن مئات السجناء، بينهم أزيد من 100 معتقل على خلفية “حراك الريف”، لكن ليس بينهم ناصر الزفزافي، أحد أبرز وجوه الحراك، ونشطاء آخرون.
أطلقت الحكومة، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، حواراً اجتماعياً مع النقابات العمالية الأكثر تمثيلية وممثلي رجال الأعمال، حول قضايا الأجور والتقاعد وحقوق العمال ومطالب أرباب الأعمال.
لكن الحوار شهد عقبات أدت إلى انسحاب نقابات منه، على خلفية اقتراح الحكومة زيادة 300 درهم (30 دولاراً) في الأجور على مدى عامين، وهو العرض الذي اعتبرته النقابات هزيلاً ولا يرقى إلى طموح وتطلعات العمال.

4- ليبيا.. غضب جنوبي
في ليبيا تتركز الاحتجاجات في مدن بالجنوب، انطلاقًا من مطالب فئوية.
أقدم محتجون، ألّفوا ما عُرف بــ”حراك غضب فزان”، على إغلاق حقل الشرارة النفطي، قرب مدينة أوباري، في 8 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، قبل أن تتوسع الاحتجاجات في 12 منطقة بالجنوب؛ للمطالبة بتوفير فرص عمل وتنمية المنطقة وتوفير وقود لسكانها.
وأعلن المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، برئاسة فائز السراج، في 19 من الشهر ذاته، إعادة فتح حقل الشرارة.
وقال المجلس، في بيان، إن هذه الخطوة جاءت في ختام زيارة قام بها السراج للحقل، حيث التقى ممثلين عن حراك “غضب فزان”، وأطلعهم على إجراءات وآليات العمل لتحسين خدمات المرافق في الجنوب، متعهداً بتوفير احتياجات المواطنين.
وفي هذا الصدد، أعلن السراج تخصيص 120 مليون دينار ليبي (85.4 مليون دولار) لمشاريع خدمية عاجلة في مدن الجنوب.

5- لبنان.. 3 مطالب
اقتبس نشطاء في لبنان فكرة “السترات الصفراء”، لإطلاق موجة احتجاجية على تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية.
خرجت أول مظاهرة في هذا الإطار الأحد الماضي؛ حيث تظاهر المئات في ساحتي الشهداء ورياض الصلح وسط العاصمة بيروت، استجابة لدعوات على مواقع التواصل الاجتماعي، عبر هاشتاغ “#أنانازلعالشارع”.
وشهدت المظاهرة أعمال شغب وقطع طرق أساسية، ما استدعى تدخّل قوة من الجيش.
وامتدت شرارة التظاهر من بيروت إلى مناطق أخرى، منها صور وصيدا والنبطية (جنوب)، وطرابلس (شمال) لكن بأعداد أقل، وسط دعوات إلى التصعيد وتحويل المظاهرات إلى حراك أسبوعي كل يوم أحد.
وللمحتجين ثلاثة مطالب أساسية، هي: خفض الضرائب على أسعار المحروقات، إيجاد خطة صحية شاملة تشمل البطاقة الصحية، وأخيراً إعادة الفائدة على سندات الخزينة إلى ما كانت عليه بنسبة 7,5 في المئة بعدما صارت 10 في المئة.
وتأتي تلك الاحتجاجات وسط ظروف اقتصادية صعبة يمر بها لبنان، وتترافق مع خلافات سياسية تعطل تشكيل حكومة جديدة، جرى تكليف سعد الحريري، زعيم تيار “المستقبل” (سني) بتشكيلها، في 24 مايو/ أيار الماضي.

6- العراق.. نقص خدمات وفساد
تتركز الاحتجاجات في مدن وسط وجنوبي العراق؛ للمطالبة بتوفير وظائف وتحسين الخدمات خاصة المياه والكهرباء، إضافة إلى القضاء على الفساد في الجهاز الحكومي.
ومحافظة البصرة (جنوب) هي مهد تلك الاحتجاجات المتواصلة على نحو متقطع منذ 9 يوليو/ تموز الماضي.
بعد تصعيد احتجاجي كبير، خلال سبتمبر/ أيلول الماضي، شمل حرق مقر القنصلية الإيرانية في البصرة، ومقار لقوات “الحشد الشعبي”، تراجعت وتيرة الاحتجاجات على خلفية وعود حكومية بتنفيذ برامج إضافية لتنمية المحافظات الغاضبة، لكن الاحتجاجات ما تزال تتجدد على نحو متقطع بين الحين والآخر.
وأحدث تلك الاحتجاجات كان في 21 ديسمبر/كانون أول الجاري؛ حيث قطع متظاهرون في البصرة الطرق المؤدية إلى مبنى المحافظة، وتجمعوا أمام المبنى، مطالبين بإقالة المحافظ، وانتخاب آخر غير حزبي.
ويُحمّل سكان البصرة الحكومة المحلية جزءاً من مسؤولية تردي الخدمات العامة في المحافظة، وهي مركز صناعة النفط في العراق ومنفذها البحري الوحيد.

7- الأردن.. الدوار الرابع
كسابقيه، شهد الأردن خلال 2018 احتجاجات على الأوضاع الاقتصادية السيئة وفرض ضرائب جديدة.
بدأت الأحداث في الأول من فبراير/ شباط، باحتجاجات شعبية طالبت برحيل الحكومة وحل البرلمان، إثر إقرار زيادة ضريبة المبيعات وأسعار الوقود، ورفع الدعم عن أسعار الخبز بأنواعه.
تدريجياً امتدت الاحتجاجات، التي تركزت على رفض مشروع قانون ضريبة الدخل المعدل، إلى جميع محافظات المملكة ومدنها، واستمرت ثمانية أيام، أواخر مايو/ أيار الماضي، وكان مركزها الأساسي محيط الدوار الرابع وسط العاصمة عمان، حيث مقر الحكومة.
ودفع زخم الاحتجاجات رئيس الوزراء هاني الملقي إلى تقديم استقالته.
وفي الخامس من يونيو/ حزيران، كلف عاهل الأردن، الملك عبد الله الثاني بن الحسين، عمر الرزاز، الذي كان يشغل حقيبة التربية والتعليم، بتشكيل حكومة جديدة.
وعد الرزاز بسحب مشروع القانون الضريبي المثير للجدل، ما أعاد أعاد الهدوء إلى الشارع، وأوفى بوعده فور حلفه اليمين الدستورية، رضوخاً لإرادة الشارع.
علق الشارع الأردني آماله وطموحاته على حكومة الزاز، لكن الزاز لم يحققها، وبات رحيله مطلب الشارع الذي جاء به.
ففي الثاني من ديسمبر/ كانون أول، تمت المصادقة نهائياً على قانون ضريبة الدخل المعدل.
وهي خطوة أعادت الشارع الأردني إلى غضبه، وخرج آلاف المواطنين إلى المكان ذاته الذي أسقط الملقي، وهو الدوار الرابع، مُطالبين برحيل الرزاز والبرلمان.

8- الجزائر.. رجل البئر
ويأبى العام أن يمر دون احتجاجات في الجزائر.
إذ اندلعت، في 25 ديسمبر، احتجاجات في بلدة عياش محجوبي الذي توفي، الأحد الماضي، بعد أن بقى عالقا لستة أيام على عمق 30 متراً في بئر بمحافظة المسيلة جنوب شرقي الجزائر العاصمة.
وبدأت الاحتجاجات عقب وصول وفد حكومي من عدة وزارات إلى البئر الذي توفي فيه الضحية، الذي بات يُعرف بـ”رجل البئر”، ولا تزال جثته عالقة تحت الأرض.
ومنع المحتجون الوفد من زيارة الحفرة التي قضى فيها محجوبي (31 عاماً)، وأظهرت مقاطع فيديو عمليات رشق بالحجارة للوفد الذي ضم ممثلين عن وزارات الداخلية والموارد المائية والتضامن والأسرة والمدير العام للحماية (الدفاع) المدنية.
وتحولت قصة الشاب محجوبي إلى قضية رأي عام، شغلت الجزائر وجلبت متضامنين من عدة محافظات، ومتطوعين بآليات للحفر، في حين قضى متضامنون لياليهم قرب البئر رغم البرد الشديد.
وقبل ذلك بنحو أسبوعين، تظاهر عشرات الآلاف في مدينة جاية بمنطقة القبائل (شرق)، في 11 ديسمبر؛ للتنديد بـ”تعطيل مشروعات” رجل الأعمال القبائلي الكبير يسعد ربراب، مالك “سيفيتال” أضخم مجموعة للصناعات الغذائية في البلاد. واعتبر مراقبون تلك المظاهرة “استعراض عضلات ضد النظام” خاصة أن قادة أحزاب وشخصيات معارضة شاركوا فيها.

المصدر
الاناضول
اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى