مصر

أصناف جديدة تفاقم أزمة المخدرات في مصر

تزايد في الأشهر الأخيرة الإقبال على أصناف مخدرات جديدة بمصر، وفي مقدمتها “الأستروكس” و”الفودو” حيث باتت تأتي بالمراتب الأولى في نسب التعاطي متقدمة على الأصناف الشهيرة التي كانت أكثر رواجا في الأعوام الماضية، كـ “الترامادول” و”الهيروين” و”الحشيش”.

ورغم إشارة مدير صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي بمصر عمرو عثمان إلى أن نتائج آخر بحث قام به الصندوق عام 2014 خلص إلى أن تعاطي هذه الأصناف لم يكن في المقدمة، فقد أكد أن ما يتوفر من مؤشرات في الأشهر الأخيرة يدل على زيادة نسبة متعاطيها بشكل كبير.

ومؤخرا حفلت مواقع وصحف مصرية بتقارير وأخبار تحتفي بضبط السلطات المصرية لكميات كبيرة من المخدرات، وفي مقدمتها هذه الأصناف الجديدة، والقبض على تجار ومروجين لها بمحافظات مختلفة.

وفي الوقت الذي احتفت فيه صفحة المتحدث العسكري للقوات المسلحة بإحباط قوات حرس الحدود المصرية تهريب كميات كبيرة من المخدرات تقدر بحوالي 81 كلغم، نقل العديد من الصحف والمواقع المصرية أنباء القبض على عشرات تجار المخدرات بمحافظات الجيزة والقليوبية والإسماعيلية والغربية وكفر الشيخ والمنيا وأسيوط وسوهاج.

بينما كان الخبر الأغرب هو ما نقلته أغلب المواقع المحلية عن الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية المصرية من ضبط محتالين وتجار مخدرات بمدينة الإسكندرية، انتحلوا صفة متخصصين في الطب النفسي وعلاج الإدمان وأنشؤوا مركزين لعلاج الإدمان من دون تراخيص، مستغلين العشرات من المدمنين الباحثين عن العلاج.

الإعلام المصري يحتفي بنجاح حرس الحدود في ضبط كميات كبيرة من المخدرات (الصفحة الرسمية للمتحدث العسكري للقوات المسلحة)
توثيق مواطنين
إلا أن هذه الأخبار التي تصور وجود حملات واسعة للدولة ضد المخدرات وتجارها لم تقلل حدة انتقاد مراقبين ومواطنين من ظاهرة انتشار تجارة المخدرات خاصة “الأستروكس”، حتى وصل الأمر إلى أن وضع مواطنون كاميرات بشارعهم وثقت عمليات بيع وتعاط واضحة لهذا الصنف الجديد، ونشروها بمواقع التواصل الاجتماعي.

ويرى مراقبون أن تزايد ظاهرة ترويج وتعاطي المخدرات بمصر مرتبط بظهور هذه الأنواع الجديدة التي يسهل الحصول على موادها وتصنيعها، كما أن أثمانها رخيصة مقارنة بالأنواع الأخرى المشهورة، إضافة إلى تدهور الأوضاع النفسية والحياتية وحالة الإحباط المتزايدة في أوساط الشباب.

في هذا السياق يلفت مصطفى جاويش المسؤول السابق بوزارة الصحة المصرية إلى أن مخدر الأستروكس يؤدي إلى السيطرة التامة على الجهاز العصبي وتخديره بشكل كامل، كما يصيب متعاطيه باحمرار الوجه واتساع حدقة العين، بينما تظهر ذروة تأثيره من خلال زيادة الهلاوس السمعية والبصرية.

ويضيف في حديثه للجزيرة نت أن المنظمات العالمية المعنية بمكافحة الإدمان اعتبرت مخدر الأستروكس مادة اصطناعية مخدرة تتكون من مجموعة عقاقير، ويؤدي تعاطيها إلى إدمان يعرض حياة المتعاطي لخطر الموت السريع.

وإلى جانب مخدر الأستروكس، يشير جاويش إلى أن مخدر “الفودو” من أحدث الأنواع التي تنتشر سريعا بمصر، وهو في تقديره “قنب مخلق” ينتشر بمسميات مختلفة، منها “السبايس” و”السموك” و”البلاك مامبا”، ويراه أشد أنواع المخدرات فتكا، وتأثيره يتراوح بين الهلوسة والموت، مرورا بالتسمم وفقدان الوعي وانهيار الجهاز العصبي المركزي.

النوعان المنتشران مؤخرا بين أوساط الشباب بمصر يصنعان، حسب إيهاب صلاح وهو صيدلي ومدير أحد معامل التركيبات الدوائية، من مواد مخلقة تشبه الموجودة بالحشيش إضافة لأعشاب عطرية متوفرة كالمردقوش وأخرى كيميائية أصلها نباتي مثل “atropine”.

مكونات متوفرة
ويوضح في حديثه للجزيرة نت أن هذه المواد تستخدم في الأساس مضادات للتقلصات، وهي متوفرة في الصيدليات وسهلة المنال، لكن تضاف لهذه المواد المخدرة بتركيزات عالية، وهو ما يجعل تأثيرها أضعاف تأثير الأنواع المخدرة الأخرى، ويدخل معها المدمن فى حالات من الهلاوس السمعية والبصرية.

ورغم ما يعتقده من أن عقار “الترامادول” لا يزال في مقدمة الأنواع المخدرة المستخدمة، فإن غلاء سعر بيعه بشكل غير شرعي ونقص الحشيش دفع المتعاطين للتوجه إلى تعاطي عقار لم يسجل بعد في جدول المواد المخدرة، واسمه العلمي بريغابالين “pregabalin” ويستخدم فى علاج التهاب الأعصاب الطرفية وبعض الأمراض العصبية والعضلية.

في هذا السياق يلفت صلاح إلى أن الكثير من الصيادلة بعثوا لهيئات اليقظة المصرية عن ظاهرة إدمان هذا العقار، لكن ذلك لم يثمر حتى الآن عن اتخاذ قرار بشأن إدخاله جداول المخدرات لضبط عملية صرفه.

بينما يعد معتز محمد (كيميائي) أن الأستروكس هو الصنف المطور والمعدل من صنف الفودو، حيث يشتركان في كونهما مكونين من حشائش طبيعية، بينما يخلط الأستروكس مع مواد كيميائية مكونة لعقارات طبية، وذلك للحصول على تأثير أقوى بتكلفة أقل.

ويذهب في حديثه للجزيرة نت إلى أنه إلى جانب سهولة إعداد هذه الأصناف ورخص ثمنها، فإن انتشارها يرجع كذلك إلى احتياج المدمنين إلى قدر أعلى من التأثير لم يعد يتوفر لهم في الأصناف القديمة كالحشيش مثلا، حيث توفر لهم هذه الأصناف تأثيرا مضاعفا عشرات المرات.

ويشير محمد إلى أن الأثر المباشر لهذه الأصناف هو قتل الناقلات في الخلايا العصبية التي لا تتجدد بعد موتها، لافتا إلى أن أبرز المواد الكيميائية المضافة للأستروكس هي “الأتروبين” و”الهيوسين” و”الهيبوسيامين”، وهي موجودة في حبوب أدوية معروفة.

المصدر
الجزيرة
اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى