مصر

بعد كارثة شارع “الأزهر”… 3 ملايين عقار مهدّدة بالانهيار في مصر

كشف انهيار عقار مكون من 5 طوابق بشارع الأزهر وسط القاهرة، عن مسلسل جرائم العقارات الآيلة للسقوط في مصر، وأن وجودها يمثل تهديدا حقيقيا لأرواح عشرات آلاف المواطنين.
فقد أكدت تقارير رقابية أن هناك أكثر من 3 ملايين عقار في مصر آيلة للسقوط، منها 40% تتركز في القاهرة، بسبب تقادم تلك المباني، وحذرت من غياب حكومة الرئيس عبدالفتاح السيسي بمختلف أجهزتها ووزاراتها المعنية، سواء الإسكان أو التنمية المحلية أو المحافظات، وعدم القيام بدورها تفادياً لكوارث قادمة.

كما كشف انهيار عقار “شارع الأزهر” عن وجود كم هائل من العقارات الأيلة للسقوط وسط القاهرة، تمثل خطورة داهمة، ويتجاوز عددها الثلاثة آلاف عقار، وعمرها يتخطى المئة عام.

وتتركز هذه المباني في مناطق الجمالية والدرب الأحمر والحمزاوي والأزهر والحسين والباطنية وباب الخلق”، ويوجد في طبقاتها الأرضية آلاف المحال التجارية، في حين أن إخلاء تلك المنطقة يحتاج إلى آلاف الشقق، كما أن المواطنين أنفسهم لن يتركوها إلا بالقوة الجبرية بسبب موقعها المتميز.

ويعيش أهالي المناطق القديمة والمتهالكة البنية التحتية، خصوصا في القاهرة، حالة من الرعب والقلق، لا سيما مع قدوم فصل الشتاء وهطول أمطار كثيفة تهدد العقارات بالانهيار في أي وقت، نظراً لقدمها، مثل مناطق بولاق أبو العلا والحسين والجمالية والدرب الأحمر والباطنية وباب الخلق وعزبة خيرالله ومنطقة الدويقة وعزبة أبوحشيش وحكر السكاكيني وباب الشعرية والشرابية وروض الفج والزاوية والوايلي وعابدين والموسكي والعباسية والمطرية والساحل والخليفة.


يعيش أهالي المناطق القديمة والمتهالكة البنية التحتية، خصوصا في القاهرة، حالة من الرعب والقلق، لا سيما مع قدوم فصل الشتاء


والسبب أن مباني عديدة تتجاوز أعمارها 150 عاماً، في حين أن هناك آلاف العقارات التي تم بناؤها عقب ثورة 25 يناير مخالفة لقانون البناء، إضافة إلى إصدار محافظة القاهرة خلال الأشهر الماضية ما يقرب من 30 ألف قرار إزالة للعقارات داهمة الخطورة، وأكثر من 135 ألف قرار ترميم وتنكيس، وما يقرب من 25 ألف قرار بإزالة أدوار عليا مخالفة للتراخيص، لم يلتفت إليها أصحاب العقارات، ولم تستطع الأحياء تنفيذها.

ومع بداية جلسات مجلس النواب خلال الانعقاد الرابع الذي بدأ الثلاثاء الماضي، فتحت لجنة الإسكان بالتعاون مع لجنة المحليات يوم الأربعاء، ملف انهيار العقارات، حيث وجه عدد من أعضاء الللجنتين انتقادات واسعة للحكومة بسبب استمرار انهيار العقارات الآيلة للسقوط، والتي صدر بشأن البعض منها قرارات إزالة لكن جميعها لم تنفذ.

وكان آخر هذه الوقائع انهيار عقار في شارع الأزهر، حيث طالب أعضاء اللجنتين باستدعاء وزير التنمية المحلية للوقوف على حقيقة انهيار العقارات ومعرفة الأسباب الحقيقية حول عدم تنفيذ قرارات الإزالة.

عضو لجنة الإسكان في مجلس النواب، عمرو أبو اليزيد، قال إنه سيقدم طلب إحاطة إلى رئيس الحكومة ووزير التنمية المحلية، بخصوص عدم تنفيذ قرارات الإزالة الصادرة للعقارات الآيلة للسقوط، موضحا أن عدم تنفيذها يعرض حياة المواطنين للخطر.

واستنكر مسلسل سقوط العقارات في عدد من محافظات مصر، مطالباً بضرورة حصر جميع العقارات الآيلة للسقوط بجميع المحافظات على مستوى الجمهورية لإخلائها وهدمها لمنع تكرار وقوع الحوادث، متابعا أن استمرار مسلسل سقوط العقارات وسط غياب المسوولين “يؤكد أننا أمام إرهاب آخر”.

المحليات متهمة بالفساد

وأضاف أبو اليزيد: “من غير المقبول أن ننتظر حتى يتوفى المواطنون”، متهماً موظفي المحليات بأنهم وراء تلك الأزمة بسبب انتشار الفساد والرشاوى، مشيراً إلى أن انهيار العقارات أصبح عرضا مستمرا، فيما المسؤولون في غيبوبة، والخاسر الوحيد هو المواطن البسيط الذي لا حول له ولا قوة.

وكيل لجنة الإسكان، يسري المغازي، شن بدوره هجوماً حاداً على المسؤولين في المحليات، متهماً إياها بأنها وراء الفساد وانهيار العقارات، إضافة إلى انتشار الغش والتدليس والتلاعب في مواد البناء خلال الفترة الماضية.

وأوضح أن “البرلمان لن يصمت على تلك المهازل التي نشاهدها باستمرار، وفساد المحليات لا بد له من وقفة حازمة وصارمة، فهناك أياد تعبث بحياة المواطنين ولا يجب التستر على أصحابها وتجب محاسبتهم على كل هذه الكوارث”.

الإسكندرية الأكثر تضرراً تليها القاهرة

وتتصدر محافظة الإسكندرية طيلة السنوات الأخيرة، قائمة الأكثر تضررًا من حوادث انهيار العقارات، وجاءت أكثر المخالفات بسبب عدم مراعاة المقاولين لطبيعة الأحوال الجوية وارتفاع الملوحة والرطوبة بالمحافظة المطلة على البحر المتوسط.

وتأتي القاهرة في المرتبة الثانية بسبب قدم مبانيها وكثرة المباني العشوائية فيها، كما احتلت محافظة الجيزة المرتبة الثالثة من حيث حجم انهيار العقارات بها، إضافة إلى محافظات الشرقية والغربية والدقهلية وكفر الشيخ، وفي الصعيد محافظات المنيا وأسيوط وسوهاج.

أسباب متعددة والمصيبة واحدة

تعددت أسباب انهيار العقارات، لكن أهمها هو العمل بعيدًا عن المواصفات الفنية، حسبما يؤكد حسين مسلم، أستاذ الهندسة المعمارية في جامعة حلوان، مشيراً إلى أن هناك عيوبا كثيرة ومتعددة في مكونات عناصر البناء، مثل الأسمنت أو حديد التسليح التي لا تتناسب مع جسات التربة.

في السياق، يوضح مسلم إن “الجسات توضح درجة تماسك التربة، وإن كانت متماسكة أو ضعيفة، وفي حالة ضعفها يتم علاج ذلك بزيادة الحديد المستخدم للتسليح، وهو ما لم يحدث في آلاف العقارات الحديثة، ما يسبب الكوارث، سواء بالانهيار أو الميل أو التصدّع، إضافة إلى مشاكل العقارات القديمة وعدم تنكيسها، وغياب أعمال الصيانة في ظل عدم وجود قانون يلزم المالك بها”.

تفعيل أجهزة التفتيش

من جهته، اتهم طلعت متولي، أستاذ العمارة في جامعة عين شمس، المحليات بالمحافظات بأنها وراء تكرار مسلسل انهيار العقارات، واصفاً تكرار الظاهرة بـ”الانتحار الجماعي”، موضحاً أن انهيار”عقارات الموت” مستمر من دون أي تحرك مسبق من قبل الحكومة لمواجهته.

وشدد على أن المسؤولين اعتادوا التحرك عقب وقوع الكارثة، مطالباً بضرورة تفعيل دور جهاز التفتيش على أعمال البناء في وزارة الإسكان، وزيادة كوادره وميزانيته المالية لمواجهة مخالفات البناء، مع تشديد الرقابة على الموظفين المتواطئين مع المقاولين وتجاهل مخالفاتهم في البناء، وسرعة الانتهاء من إقرار قانون التصالح في مخالفات البناء، وذلك من خلال شروط وضوابط صارمة، ويقتصر التصالح على العقارات السليمة إنشائياً فقط.

المصدر
العربي الجديد
اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى