منوعات

هل النار كائن حي؟ تعرف على إجابة هذا الفيلسوف

كلنا يعرف ما هي الكائنات الحية؟ فالحيوانات والأشجار من حولنا تنطبق عليها هذه الصفة، لكن هل فكرت ذات يوم أن النار يمكن أن تكون كائنًا حيًا.

هذه الفرضية طرحها منذ عام 1937 الفيلسوف الفرنسي المعروف، غاستون باشلار، الذي اشتهر بنظريته حول المكان، ذات الأثر في الدراسات الفلسفية والأدبية والفنون، إلى اليوم.

لقد كان لباشلار نظرة تقول إن الشعر والعلم متكاملان، فما يمكن النظر إليه بوجهة شعرية، قد يكون حقيقة علمية، كما في جدلية النار التي خصص لها كتاب أصدره في ذلك العام 37 حمل عنوان “التحليل النفسي للنار”.

وقد دخل باشلار الفلسفة بمدخل العلوم، فهو في الأساس قبل أن يخوض غمار التفلسف كان يعمل في حقل الفيزياء والكيمياء، لهذا فإن نظرياته حتى لو بدا لها طابع الشعرية، إلا أنها تضع الافتراضات العلمية في الاعتبار.

علاقة مبكرة
يروي باشلار المولود سنة 1884 في بلدة صغيرة بمنطقة شامبانيا الفرنسية، من أب إسكافي، كيف أن النار شكلت مخيلته منذ وقت مبكر، ونسج علاقة خاصة معها.

ويتكلم عن كيف تعلم من والده إيقاد المدفأة في سنوات طفولته المبكرة، ومن هذه الحساسية نشأت الملامح الأولى للتفكير المسبق حول عبقرية النار وعلاقتها مع الإنسان عبر العصور.

وفي كتابه المذكور كما في مجمل أفكاره الفلسفية فهو ينادي بمراجعة للمفاهيم التقليدية الموروثة في الفلسفة والمعرفة، ويرى أن العالم لابد أن يكون في حالة مراجعة دائمة لمبادئه وأفكاره.

خصائص الأحياء
يربط باشلار في تحليله للنار عبر التاريخ، بين الميثولوجيا واللاهوت والعديد من الأفكار المعقدة التي تحول تلك الظاهرة الطبيعية إلى فكرة غامضة أكثر من كونها واضحة.

النار التي هي معبود وإله في بعض الأحيان، وكائن كريه في وضعية أخرى ورمز للعذاب والإكراه.

وفي ارتباط النار بالحيوية التي تمنحها صفة الكائن الحي، فهو يقود ذلك بمجموعة من المجازات التي تتمتع بها الأحياء، فالنار لها عناصر الخصوبة والولادة والإنتاج والقوة وغيرها.

فهو يرى أن النار لها خصائص الكائن الحي، وتخضع للدورة نفسها “البيولوجية” التي يمر بها الأحياء من الولادة والشباب إلى الشيخوخة والموت.

كما أنها أيضا عنصر خصب يتوالد ويتناسل، عبر الأزمنة ولها محددات شبه جنسية تكاد تشابه الطرائق الحيوية، وهي تتولد في شكلها البدائي من المزاوجة الثنائية والاحتكاك.

فلسفة العلوم
آمن باشلار بقاعدة تقول “الإنسان يتخيّل أولًا ثم يرى بعد ذلك”، وقد كرس حياته للفلسفة الظاهرية إلى وفاته 1962 – كما يرى البعض، وإن كان آخرون يرونه بطابع العصرية.

لكن الخط الأساسي له هو فلسفة العلوم واشتغاله على تحييد القيم السائدة لصالح الابتكارات الجديدة في التفكير.

وقد أثر في العديد من الفلاسفة في فرنسا وغيرها من بعده، وهو يقدم أفكاره المتميزة في المعرفة وجدليات العلم والتاريخ ومساءلة كل شيء من حولنا.

وليس سؤاله حول النار إلا واحد من تلك الأسئلة التي أسس بها لمعرفة جديدة، يمكن أن تقرّب المسافة الفاصلة بين العلوم والأدب والفنون، مع الوضع في الاعتبار أن الماضي السحيق للبشرية كان قد شهد تعايش هذه الأمور كلها في بوتقة واحدة.

المصدر
العربية
اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى