العالم تريند

واشنطن بوست: الكشري والطعمية والفول باتت فوق طاقة المستهلك المصري.. هل أوكرانيا فقط هي السبب؟

عربي تريند_ نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا أعدته شيفون أوغريدي، قالت فيه إن الأزمة الاقتصادية في مصر، تعمقت إلى درجة لم يعد فيها المصريون العاديون قادرين على توفير الوجبات اليسيرة.

وقالت الكاتبة إن صاحب “مطعم  أبو طارق” واحد من  أشهر المطاعم، كان يعتمد على الكشري، وهي الوجبة الرخيصة التي تحتوي على الكربوهيدرات والبروتين والتي يمكن أن تعطي الطاقة للشخص طوال اليوم، ويُقبل على تناولها  أغنى الأغنياء وأفقر الفقراء في مصر. وهي وجبة شعبية تتكون من الباستا والعدس والبصل المقلي والطاطم الحارة.

ومع زيادة أسعار الطعام وفي ظل الأزمة الاقتصادية، أصبحت كل الوجبات حتى قليلة السعر غير متاحة. وبات إعدادها يؤثر على جيب صاحب مطعم أبو طارق، يوسف زكي، وجيوب المشترين الذين يعتمدون على الطبق البديل عن الوجبات الأخرى. وفي الوقت الذي كانت فيه مصر تستعد للخروج من آثار وباء كوفيد الذي قلل من حركة السياحة إلى البلد، قام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بغزو أوكرانيا.

وأدت  الحرب إلى سلسلة من التداعيات غير المتوقعة في المنطقة، كانت مصر المتأثر الأكبر منها. وفي غضون أسابيع من الغزو، سحب المستثمرون الأجانب أموالهم من مصر، بشكل زاد من اضطراب الاقتصاد. وتستورد مصر القمح أكثر من أي بلد آخر، ومعظمه من أوكرانيا وروسيا.

ولهذا السبب زادت أسعار القمح وزيت الطبخ، في وقت تراجعت أعداد السياح نظرا لاعتماد السياحة المصرية الطويل على القادمين من أوكرانيا وروسيا. وتواجه مصر اليوم أسوأ معدلات التضخم. وزادت أسعار المشروبات والطعام بمعدل 30.9% منذ العام الماضي. وفي بداية العام الحالي، كان معدل سعر صرف الجنيه هو 15.6 للدولار، ولكنه زاد اليوم وأصبح 24.7 للدولار.

وفي السوق السوداء يمكن صرف الدولار الأمريكي الواحد بـ33 جنيها مصريا. وقللت المصارف من سحب الدولار للحفاظ على العملة الصعبة في البلد. وتخلى المصريون عن المُتع، مثل تناول الطعام في الخارج، وتأجيل حفلات الزفاف، على أمل أن تنخفض الأسعار. ولحسن حظ زكي، فالكشري تظل الوجبة المتاحة للمصريين، ولتجنب زيادة سعرها بحيث لا يمكن للسكان تناولها، قرر مطعم أبو طارق جعل الحصص أصغر، وحتى مع هذا الحل، تراجع عدد الزبائن. وبنفس عدد الموظفين في المطبخ والنادلين وعمال التوصيلات، فزكي لديه نفس العدد من الموظفين لدفع رواتبهم ولكن بمال أقل. وقال مالك المطعم إن “نفس الزبون الذي كان يشتري صحنا أكبر بات يشتري صحنا أصغر”، مضيفا: “بدلا من تناول ثلاث وجبات، يتناول الناس وجبة أو وجبيتن”.

ويقول الاقتصادي وائل جمال، إن تحميل الحرب في أوكرانيا المسؤولية “صحيح نوعا ما”، فسنوات من المشاريع الضخمة والاقتراض على قاعدة واسعة، عرّضت مصر للمخاطر، حيث دعمها وتحمس لها الرئيس عبد الفتاح السيسي، الجنرال السابق الذي قاد انقلابا عام 2013، وجعل تطوير البنى التحتية شعارا لرئاسته.

وفي كانون الأول/ ديسمبر، وبعد أشهر من المفاوضات، أعلنت مصر تلقيها 3 مليارات دولار كقرض من صندوق النقد الدولي، بما فيها 347 مليون دولار ستوزع حالا. وهذه هي المرة الرابعة التي تلجأ فيها مصر إلى الصندوق خلال الأعوام الستة الماضية. وقال جمال إن مشاكل مصر الاقتصادية “تصبح أعمق كلما لجأت إلى صندوق النقد الدولي، للاقتراض من جديد لتغطية القروض القديمة بجديدة”.

ولدى مطعم زكي عدد كبير من الزبائن ليتجاوز العاصفة، فقد باع الكشري طوال حياته، مرة من عربة والده ثم من مطعمه. وراقب زكي الأسعار ترتفع وتنخفض “لكن ليس كما يحدث اليوم”.

وفي منطقة الزمالك، الجزيرة على النيل، يبيع أحمد رمضان (27 عاما) 700 وجبة وتوصيلة من الكشري في كل يوم. ومعظم زبائنه من الطلاب والعمال الذي يمرون من محله كل يوم. ويعتبر رمضان نفسه محظوظا مقارنة مع  حي إمبابة الذي يعيش فيه إلى جانب أصحاب الدخول المتدنية. فهو يستطيع المشي يوميا إلى مطعمه في الزمالك بدون القلق على زيادة أسعار النقل. وبالنسبة لجيرانه فقد زاد الوضع سوءا “فعليهم كسب قوت يومهم ليأكلوا، ويتناولون الخضار والأرز”.

وعانى رمضان في الأسابيع الماضية من نقص الإمدادات، بحيث اضطر للتوقف عن بيع الوجبات الرخيصة على القائمة لكي يغطّي على الوجبات الأعلى ثمنا من الكشري. وقال إنه كان يشتري طن الأرز بـ8.000 جنيه مصري، أما اليوم فقد وصل الطن إلى 18.000 جنيه. وارتفع سعر طن الباستا إلى 6.000 جنيه، حتى العلب البلاستيكية والأكياس لوضع الطعام زادت أسعارها. ولكن الزبائن يحضرون، “هم بحاجة لتناول الطعام”.

وفي الحي القريب، العجوزة، وقف مدحت محمد (47 عاما) خلف سدة مطعم على الطريق الذي يبيع فيه ساندويشات الطعمية والفول. وهي وجبة نباتية، لكن الزبائن باتوا يتجنبونها. وفي العام الماضي، كان سعر ساندويش الطعمية 3.50 جنيه، أما اليوم فقد أصبح 4.50 جنيه. وقال محمد إن الحرب في أوكرانيا كانت سببا في ارتفاع سعر الطحين والزيت. واليوم يشتري الزبائن الفلافل بالحبة، ويتناولونه مع الخبز المدعم بدلا من شراء ساندويشات.

وحتى مع زيادة أسعار الساندويشات، إلا أن مدير المحل سيد الأمير، يقول إنهم لا يحققون الربح. وقال إن أصحاب المحلات الأخرى أغلقوها، لكنه سيعمل المستحيل لتجنب هذا الخيار، فالعمال عنده من أصحاب العائلات ولديهم أطفال، ومعظمهم يعملون في أكثر من مكان، في التوصيلات وفي مطاعم أخرى.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى