سيارات تريند

فولكسفاغن.. هذه هي حكاية سيارة كانت حلم هتلر

استقطبت سيارة فولكسفاغن التي صممها المهندس الألماني فريناند بورشيه بناء على طلب #أدولف_هتلر أنظار العالم، وعبرت عن المرح بالرغم من ارتباطها بأكثر الشخصيات المروعة في العصر الحديث.

منذ 80 عاما وسيارة فولكسفاغن تجري في شوارع العالم، وقلما تمر دون أن يلقي عليها المارة نظرة إعجاب أو تعليق.

إلا أن صيف عام 2019 سيكون نهاية المطاف للخنفساء المرحة، حيث ستنتج آخر سيارة من مصنع فولكسفاغن في المكسيك، وبعدها سوف يطوي التاريخ 80 عاما من السجل الحافل لسيارة الشعب التي خرج مصنعها في #ألمانيا من تحت حطام الصواريخ لينتج أكثر السيارات شهرة في التاريخ.

ويطرح سؤال نفسه، ما الذي دفع بهذه السيارة إلى هذا المستوى من الانتشار والشهرة منذ تصميمها في عام1935؟.

لا تصنف فولكسفاغن على أنها مجرد سيارة، بل هي رمز لألمانيا ذاتها، ورغم ارتباطها بالزعيم النازي، إلا أن لعنته التي أصابت البلاد كلها لم تمس رمزه الصناعي الذي استخدمه كمثال للقوة الألمانية في مجال الصناعة، وعلى مدار 80 عاما ظلت فولكسفاغن ليست فقط مجرد سيارة الشعب كما أرادها هتلر، بل رمزا للمهارة الألمانية في الصناعة.

قصة الخنفساء
ما الذي جذب العالم لهذه السيارة؟

ربما تصميمها البسيط الذي يعكس مهارة الصناعة في القرن الماضي قبل سيادة التكنلوجيا، وأنها دوما ظلت رمزا للحنين للماضي، وارتباطها بحقب اجتماعية مستقرة، وربما تصميمها الغريب المرتبط بالطبيعة هو ما خلدها في الذاكرة الشعبية.

لكن سببا آخر متاح، حيث يقول نقاد السيارات إنها لا تخلو من مهارة يدوية كانت سائدة في ذلك العصر.

في عام 1875 ولد فيرديناند بورشيه، الاسم اللامع في عالم صناعة وتصميم السيارات، في مدينة مافرسدورف في النمسا.

بورشيه المحب لسباق السيارات، وضعته ظروف ذلك العصر وجها لوجه مع أدولف هتلر.

وفي عام 1931 كان بورشيه عاطلا عن العمل بعد أن قدم استقالته كمدير فني لشركة دايملر وعمره 56 سنة، وكانت في ذهنه فكرة واحدة وهي إنتاج سيارة شعبية رخيصة.

لم يدرس بورشيه في الجامعة بشكل منتظم، كما لم يكن واضحا لماذا يريد أن ينتج سيارة متاحة للجماهير، لكن ارتباطه وحبه لسباق السيارات قد يفسر تلك الرغبة.

قدم بورشيه نموذج السيارة لشركة تسمى Zundapp التي وافقت على تمويل المشروع.

قاد بورشيه فريقا صغيرا لتصميم سيارة بمحرك خلفي، وهيكل بعمود فقري، وعجلات مستقلة، ومحركا بـ4 أسطوانات مبرد بالهواء، لكن الشركة بدأت تواجه صعوبات في تمويل المشروع، ولاحقا قررت التخلي عن فكرة السيارة الشعبية.

وانتقل المهندس العاطل عن العمل إلى شركة أخرى رحبت بالتصميم غير المألوف لسيارة شعبية، تسمى NSU، واقتنع المسؤولون بأهمية سيارته الجديدة.

وخصصت الشركة الجديدة قرضا ماليا لتوسيع مكتب دراسته، لكن بورشيه اضطر للتوقف مجددا عن تطوير المشروع، ويعود السبب إلى أن شركة “فيات” شريك NSU طالبت بوقف المشروع الذي يمكن أن يكون منافسا لسياراتها.

إلا أن سببا آخر جعل الشركة تنصرف عن المشروع، وهو ارتفاع مبيعات الشركة من الدراجات النارية، فقررت تحويل أموال الشركة لتلبية الطلبات المتزايدة. لكن الأقدار كانت تريد للمهندس المثابر أن ترتبط سيارته بالزعيم النازي أدولف هتلر، ولاحقا طاردته اللعنة النازية، وسجنه الفرنسيون مدة عام بتهمة التعاون مع النازية.

في عام 1934، أعلن هتلر عن نيته إنتاج “سيارة الشعب”، لتكون في متناول طبقات المجتمع البسيطة، لكن هدفا آخر كان يربو إليه هتلر وهو منافسة الولايات المتحدة وبريطانيا، وإنتاج نسخة ألمانية من سيارة “فورد” طراز”تي”.

وقام هتلر بإقناع صناع القرار في نقابة صناعة السيارات بتوقيع عقد مع شركة بورشيه لإنتاج السيارة الشعبية بتمويل من الدولة. لكن ثمة روايات أخرى حول ارتباط المهندس بورشيه بالزعيم النازي، حيث اتصل المهندس بوزارة النقل الألمانية، وقدم رؤيته للسيارة الشعبية، لكن رواية أخرى تقول إن هتلر اتصل ببورشيه لمقابلته في برلين، في لقاء رتب له وكيل شركة مرسيدس المعروف آنذاك #يعقوب_فرلين.

في عام 1936 افتتح أدولف هتلر مصنع KdF-Stadt الذي سينتج سيارة الشعب المرتقبة، واسمها بالألماني “فولكسفاغن”في مدينة Fallersleben بسكسونيا السفلى، لتكتمل في عام 1939 محتوية على أفضل الآلات الأميركية.

بدأ هتلر في الاستثمار الدعائي للسيارة الجديدة، حيث تم الإعلان عن السيارة في عام 1938 بمناسبة وضع حجر الأساس لمصنع “فولفسبيرغ”، وسميت رسميا KdF-Stadt أي “القوة من أجل الفرح”، وهو اسم فرع من جبهة العمل النازي كان يعمل في مجال الترفيه وتعزيز النظام في المجتمع الألماني.

صورة ملونة اعتمادا على التقنيات الحديثة للقائد النازي أدولف هتلر
لكن الحرب العالمية الثانية أجلت حلم “سيارة الشعب”، وفي عام 1945 تحول مصنع “فولفسبيرغ” إلى أنقاض ووقع تحت سيطرة القوات الأميركية.

بعد نهاية الحرب وبموجب اتفاقية بين الحلفاء، تولت وحدة إنجليزية مسؤولية إعادة تشغيل الآلات التي دمرتها الحرب.

وأنقذ ذلك القرار سيارة فولكسفاغن من الزوال بعد انتهاء عصر هتلر وهزيمته في الحرب.

وتم إرسال الميجر البريطاني “إيفان هيرست” لتقييم الأضرار، لكنه اكتشف سيارتين اثنتين من KdF أعاد بناؤهما بعض عمال المصنع طواعية، فسحرته السيارة بتصميمها الغريب، وقرر إعادة تشغيل المصنع.

الرواية التي تبدو أقرب إلى الخيال أعادت إلى العالم حلم سيارة الشعب، ولكن ليس على الطريقة التي أرادها هتلر، حيث كان الإنتاج من نصيب جيش الاحتلال.

بعد أن أفلتت سيارة الشعب من القبضة النازية، لاحقتها دعوى قضائية من شركة سيارات مغمورة تسمى “تاترا”، حيث زعمت تلك الشركة أن تصميم فولكسفاغن يشبه كثيرا نموذج “تاترا” الذي صممه المهندس التشيكي “هانز لدوينكا”، كالانسيابية الهوائية ووضع المحرك في الخلف.

وفي كتاب حروب السيارات للمؤلف”جي مانتلي” ، ذكر بأن فرديناند بورشيه اعترف بأنه استوحى تصميم سيارة الشعب إلى حد ما من موديل “تاترا”، لكن غزو الألمان لتشيكوسلوفاكيا عطل الدعوى القضائية.

ولاحقا عوضت فولكسفاغن شركة تاترا مبلغ 3 ملايين مارك ألماني، كان ذلك اعترافا ضمنيا من الشركة باستلهام تصميم فولكسفاغن من نموذج المهندس التشيكي.

وبعد الحرب العالمية الثانية بدأ الصعود التجاري الرهيب لتلك السيارة الضئيلة الحجم الوقورة ذات الطلة الكلاسيكية، وزادت مبيعاتها، الأمر الذي دفع بالشركة لتجميعها في عدة دول شملت بلجيكا، والبرازيل، والمكسيك، وإندونيسيا، وإيرلندا، ونيجيريا، والفلبين، وجنوب إفريقيا، ويوغسلافيا السابقة، وفنزويلا، ونيوزيلاند، وأستراليا.

واخترعت تلك الشعوب ألقابا خاصة على السيارة، منها “الضفدعة” في العراق والسودان، و”لفقاعة” في دول اسكندنافيا، و”سوسة الفاكهة” في كندا، و”الدعسوقة” في الجزائر، و”الخنفساء” في البرازيل، و”الجعل” في هولندا وجنوب إفريقيا، و”الحشرة” في الولايات المتحدة، و”السلحفاة” في تركيا و#سوريا.

مع غروب عصر فولكسفاغن لن ينسى التاريخ أبدا أنها كانت السيارة المفضلة لما عرف في وسائل الإعلام بأفقر رئيس في العالم، وهو “خوزيه ألبرتو موخيكا كوردانو” الرئيس السابق لدولة الأوروغواي.

وأطلق ذلك الرئيس الزاهد على حلم هتلر لقبا جديدا للسيارة التي لم تنجو أبدا من سلاسل السياسة القاسية، وأصبحت رمزا للتقشف والبعد عن الزخارف والأبهة.

يلخص هاينريش نوردوف الرئيس السابق لشركة فولكسفاغن السر الغامض لتعلق العالم بالخنفساء حيث يقول: “أرى أن الجمهور يعشق البيتل، ولكن أنا لا أفهم حقاً لماذا!”.

المصدر
العربية
اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى