صحة وجمال

عالم كيمياء أكل دون أن يغسل يديه فحقق اكتشافاً مذهلاً

يصنف السكارين (saccharin) كأهم بديل للسكر. وتزامناً مع ظهوره لأول مرة وتسويقه للناس، ذهل الجميع من هذا المسحوق الأبيض البلوري الخالي من السعرات الحرارية، والذي يتميز بطعم أحلى بمئات المرات من السكر العادي. ومقارنة بالأسبرتام (Aspartame) والسكرالوز (Sucralose) وسيكلامات الصوديوم (Sodium cyclamate)، يعتبر السكارين أول محلٍّ صناعي يكتشفه البشر لتعويض السكر، حيث جاء ظهوره بمحض الصدفة أواخر سبعينيات القرن التاسع عشر.

وما بين عامي 1878 و1879، تواجد عالما الكيمياء قسطنطين فالبرغ (Constantin Fahlberg) وزميله إيرا ريمسن (Ira Remsen) داخل مختبر الأخير بجامعة جونز هوبكينز (Johns Hopkins University) بمدينة بالتيمور التابعة لولاية ماريلاند بالولايات المتحدة الأميركية لإجراء عدد من الأبحاث على مشتقات قطران الفحم.

خلال أحد أيام سنة 1879، عمل قسطنطين فالبرغ إلى حدود ساعة متأخرة من الليل داخل المختبر، وبالتزامن مع شعوره بالتعب عاد الأخير مسرعاً نحو منزله لتناول طعام العشاء. وحال وصوله، نسي عالم الكيمياء أن يغسل يديه ليجلس مباشرة إلى مائدة الطعام. وعلى إثر ذلك، أحس قسطنطين فالبرغ بمذاق حلو وغير عادي بخبز الطعام ومشروبه وما إن لعق هذا العالم أحد أصابعه حتى تأكد أن مصدر هذا المذاق الحلو هو قطران الفحم، ليعود عقب ذلك مسرعاً نحو المختبر للعمل على اكتشاف جديد نعته بادئ الأمر بسكر قطران الفحم.

خلال الفترة التالية، أطلق قسطنطين فالبرغ اسم سكارين على هذا الاكتشاف الجديد والذي واصل العمل عليه رفقة زميله إيرا ريمسن، ومع حلول عام 1880 نشر العالمان الكثير من المقالات حول النتائج التي توصلا إليها.

وفي سنة 1884، اتجه قسطنطين فالبرغ لاتخاذ خطوة فردية حيث تقدم الأخير للحصول على براءة اختراع السكارين بألمانيا، وهو الأمر الذي تحقق له خلال نفس تلك السنة. وبالتزامن مع ذلك، نال فالبرغ براءة اختراع عدد من المكونات الأخرى التي كانت على صلة بالسكارين والسكر من عند السلطات الأميركية.

وفي الأثناء، أثارت تصرفات قسطنطين فالبرغ غضب زميله إيرا ريمسن والذي حزن كثيرا حال سماعه خبر حصول فالبرغ على براءة اختراع السكارين فطيلة فترة الأبحاث آمن ريمسن بفكرة تقدم وازدهار البشرية عن طريق منحها جميع النتائج دون مقابل. فضلاً عن ذلك، عبّر إيرا ريمسن عن سخطه لعدم ذكر اسمه كمساهم في عملية اختراع السكارين وبسبب ذلك كسب فالبرغ جميع الامتيازات.

السكارين أصبح بديلاً للسكر في العالم أجمع
وخلال السنوات التالية، استغل قسطنطين فالبرغ براءة اختراعه ليقوم بإنشاء مصنعين مخصصين لصناعة السكارين كان أولهما بماغديبورغ (Magdeburg) بألمانيا، أما الثاني فكان على أراضي الولايات المتحدة الأميركية، وبفضل ذلك حقق فالبرغ ثروة طائلة خلال فترة وجيزة.

وأثناء فترة الحرب العالمية الأولى، اتجهت الأطراف المتحاربة إلى مصادرة السكر لدعم مجهود الحرب، وبفضل ذلك سجل السكارين انتشاراً سريعاً، حيث أقدم الجميع على اقتنائه من أجل تعويض النقص الحاد في السكر. وما بين ستينيات وسبعينيات القرن الماضي كسب السكارين مكانة هامة خاصة لدى من يتبعون نظام حمية غذائية.

المصدر
العربية
اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى