مصر

فضيحة أكبر حديقة حيوان في مصر

حديقة الحيوان في الجيزة المصرية، المعروفة أكثر بـ”جنينة الحيوانات” كانت واحدة من بين أهم 6 حدائق من هذا النوع في العالم. لكنّ ذلك انتهى، وباتت تعيش حالة من الفوضى والإهمال

تعتبر حديقة الحيوان في محافظة الجيزة، القريبة من العاصمة المصرية القاهرة، من المناطق المحببة لكثير من المصريين، سواء خلال أيام العيد أو غيرها، كما تعتبر الوجهة الأولى للأطفال والشباب. في المساحة هي الأكبر في مصر، إذ أقيمت على 80 فداناً، وافتتحت عام 1891، كما أنّ فيها أعداداً مختلفة من الحيوانات، وكانت تعد أكبر حديقة للحيوان والنباتات في المنطقة العربية وأفريقيا حينها، لكنّ وضعها الحالي يعكس الفضيحة التي آلت إليها.

يوم كامل أمضته “العربي الجديد” داخل الحديقة، فرصدت عشرات المخالفات وعوامل الإهمال داخلها، وهي مخالفات من الممكن أن يجري حلّها بسهولة في حال تحرك المسؤولين، إلاّ أنّ غيابهم زاد من مشاكل الحديقة، وتسبب في خروجها من عضوية الاتحاد الدولي لحدائق الحيوان، وما زال هذا الإهمال قائماً حتى الآن، وهي مخالفات أثارت غضب الزائرين، وقللت من استمتاعهم بنزهتهم.

وزارة الزراعة المسؤولة عن الحديقة غائبة تماماً عن الإهمال، إذ تعاني الحديقة من انتشار أكشاك بيع لعب الأطفال والمقاصف من دون تنظيم أو قواعد محددة على أبوابها، كما تعجّ طرقات الحديقة بالمتسولين والباعة الجوالين الذين يفترشون الأرض بلعب أطفال وحلويات وغيرها، فضلاً عن انتشار القمامة والزجاجات الفارغة بسبب ازدحام العائلات. ويتسبب غياب عمال النظافة عن الحديقة في تفاقم المشكلة. أما الزائرون فيفترشون ممرات الحديقة لقلة المقاعد فيها.

يؤكد المسؤولون في وزارة الزراعة، أنّ ميزانية الحديقة لا تسمح بشراء مقاعد جديدة أو إضافية، أو شراء صناديق قمامة، وأنّ رفع سعر التذكرة من “3 جنيهات (0.16 دولار أميركي) إلى 25 جنيهاً (1.40 دولار)” كان من أجل تغذية الحيوانات وتوفير الأدوية البيطرية، مشيرين إلى أنّ دخل الحديقة في أيام الأعياد يزيد على 100 ألف جنيه (5600 دولار) في اليوم الواحد، أما في الأيام العادية فهو ما بين 10 آلاف (560 دولاراً) و15 ألفاً (840 دولاراً)، ويزيد المبلغ في الإجازات الأسبوعية والإجازات الرسمية للدولة.

من أبرز التجاوزات في الحديقة، مشهد المياه الراكدة ورائحتها الكريهة، ما يكشف عن الإهمال وعدم الاهتمام بالحديقة على النحو المطلوب، بالإضافة إلى عدم الاهتمام بالحيوانات ونظافتها ونظافة أماكنها، وعدم حمايتها من اعتداءات الزائرين الذين يرمون الحجارة والزجاجات عليها، وهو ما يمثل خطورة على حياة الحيوانات

كما تنتشر “الإكراميات” لعمال الحديقة بشكل غير مسبوق. وهي إكراميات يقدمها الزائرون لهم بهدف السماح بتصوير الأطفال إلى جانب الحيوانات أو إطعامها، كما يحدث مع الزرافة والقرود والفيل والأسد، بالرغم من خطورة الأخير، خصوصاً على الأطفال، إذ قد يلتهم أذرعهم.

ومن مشاهد الإهمال، التي رصدتها “العربي الجديد” قلة عدد دورات المياه في الحديقة، وغياب دورات المياه المخصصة للسيدات، وهو ما يضع كثيراً من الزائرين في حرج، خصوصاً حين يزداد عددهم. يضطر الرجال والشبان إلى انتظار فتح المساجد للخروج لقضاء الحاجة في دورات المياه الملحقة بها.

أسعار الحلويات والمثلجات والمياه المعدنية ترتفع إلى الضعفين داخل الحديقة مقارنة بسعرها الحقيقي، وهو ما يدفع البعض إلى شراء حاجياته من الخارج قبل الدخول.

من جهتها، انتقدت جمعيات الرفق بالحيوان، ما يحدث داخل الحديقة من اعتداءات على الحيوانات، ومعاملة بعضها بطريقة خاطئة، مطالبة بتوعية المسؤولين والعاملين بضرورة الرفق بالحيوانات والاهتمام بها، خصوصاً أنّ الحديقة تعتبر مزاراً سياحياً محلياً وعالمياً، وهي مهمة لكلّ المصريين.

أحد المسؤولين يؤكد، أثناء زيارة “العربي الجديد”، أنّ هناك العديد من العوامل التي أدت إلى تدهور الحديقة وخروجها من عضوية الاتحاد الدولي لحدائق الحيوان عام 2004، بعدما كانت ضمن أهم ست حدائق حيوان في العالم، وهي “حدائق شونبرون النمساوية، ولندن البريطانية، وسان دييغو الأميركية، وفرانكفورت الألمانية، وجنوب أفريقيا، ثم حديقة حيوان الجيزة”. يعيد ذلك إلى تدني مستوى الخدمات، والإهمال في الرعاية الصحية للحيوانات، ونفوق معظم الحيوانات النادرة والمعرضة للانقراض، والمعاملة السيئة لبعض الحيوانات مثل ربط الأفيال بالسلاسل المعدنية، واختفاء نحو 300 حيوان من عهدة الحديقة من بينها أنواع نادرة، معبراً عن حزنه من حالة التخريب المتعمد التي طاولت مباني ومنشآت الحديقة التي كانت تعد الأولى من نوعها في الشرق الأوسط، وباتت مهددة اليوم بالإغلاق.

المصدر
العربي الجديد
اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى