العرب تريند

كيف يتعامل الأردن مع مواطنيه “الجهاديين” العائدين من سوريا؟

تجدد الحديث بعد وقوع حادثتي “الفحيص والسلط” الأمنيتين في الأردن الأسبوع الماضي، حول أنجع الطرق الممكنة لمعالجة الأشخاص الذين يحملون “أفكارا ظلامية تكفيرية” كما توصف على نطاق واسع في الأردن.

وثار الجدل بعد أن راح ضحية الحادثتين المذكورتين خمسة من عناصر الأمن الأردني، وأصيب آخرون، وتراوحت وجهات النظر بين من يرى اقتصار المعالجة على تطبيق الإجراءات الأمنية والقانونية الصارمة بحق عناصر تلك التنظيمات، وبين آخرين يلحون في الدعوة إلى تبني معالجات فكرية ونفسية إضافة للجانبين الأمني والقانوني.

ووفقا لمدير مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، موسى شتيوي، فإن ثمة جدلا حول طريقة التعامل مع المقاتلين العائدين من سوريا، بين وجهتي نظر مختلفتين لكل واحدة منهما وجاهة وأدلة تسندها.

وأضاف لـ”عربي21″: “ففي الوقت الذي يصر فيه أرباب التوجه الأول على حصر المعالجة بالجانب الأمني فقط، لما يرونه من انعدام جدوى أي محاولة تبذل من أجل إعادة تأهيلهم ودمجهم، نظرا لصلات تكوينهم الأيدلوجي، فإن أصحاب التوجه الثاني يدعون إلى تبني برامج لإعادة تأهيلهم ودمجهم بالمجتمع”، مشيرا إلى نجاح تلك البرامج في السعودية من قبل.

ولفت شتيوي الذي صدر له مؤخرا بالاشتراك مع الباحث محمد أبو رمان كتاب “سوسيولوجيا التطرف والإرهاب في الأردن..” إلى أن أولئك الأشخاص بالتحاقهم بتلك التنظيمات، وتبنيهم لتلك الأفكار خرجوا عن الجماعة الوطنية، وبات ولاؤهم لجهات وتنظيمات خارجية، مع إيمانه بصعوبة تحولهم عن أيديولوجيتهم الصلبة، ويرى ضرورة دراسة كل حالة على حدة، لتقييمها ومعاملتها بما يتناسب معها”.

من جهته دعا القاضي الأردني السابق، محمد زياد أبو غنيمة، إلى “ضرورة إجراء مراجعات للعائدين من سوريا، وإخضاعهم لبرامج مناصحة، ومن ثبت منهم أنه غرر به يصدر بحقهم عفو خاص، ومن يصر على فكره الظلامي يبقى في السجن حتى يتراجع عن فكره المنحرف بمناصحة أهل العلم لهم”.

وقال المحامي أبو غنيمة لـ”عربي21″: “لنكن واقعيين ومنطقيين، فإن دواعشنا بدأت بالعودة من الشام، وبانتظارهم أحكام قد تصل إلى 15 سنة، فهل سيقوم الواحد منهم بتسليم نفسه أم سيختبئ ويتوارى عن الأنظار، ليظهر في يوم ما منفذا لعملية إرهابية”؟.

وأضاف: “حينما تتبنى الجهات المختصة برامج مناصحة لأولئك الشباب، فمن الوارد أن يتراجع بعضهم عن تلك الأفكار، ليتم من بعدها احتضانهم عبر برامج مدروسة لتسهيل دمجهم في المجتمع من جديد، ولا يكون هذا إلا بعفو خاص، ومتابعة حالاتهم بعد الإفراج عنهم”.

وتابع حديثه بالقول: “من المؤكد أن التقليل من أعداد أولئك الذين يحملون تلك الأفكار الظلامية، سيوفر على خزينة الدولة الأموال التي ستنفق عليهم من جهة، وسيخفف الضغوط على مؤسسات الدولة المعنية، ورجال الأمن من جهة أخرى”.

ولمعرفة كيفية معاملة الجهات الرسمية للأردنيين العائدين من سوريا، فقد التقت “عربي21″ بمجدي أبو نجم، أحد العائدين من سوريا، والذي أمضى محكوميته (5 سنوات) في السجون الأردنية.

وردا على سؤال بشأن الإجراءات الرسمية المتبعة مع العائدين من سوريا؟ قال أبو نجم، الشهير بـ”أبي مارية الفلسطيني”: “غالبا ما يكون الإجراء المتبع بحق العائدين هو الاعتقال الفوري، ومن ثم المحاكمة” مشيرا إلى وجود برنامج لمناصحة المعتقلين المنتمين للتنظيمات الجهادية، التي كانت في بداية الأمر اختيارية، ثم تم ترغيب السجناء لحضور جلسات المناصحة للاستفادة من الميزات الممنوحة لكل من يحضرها”.

وأضاف موضحا أن تلك الميزات لا تتعدى نقل السجين من سجن موقر 2 (توجد فيه عقوبة الزنازين الانفرادية) إلى سجن الرميمين (سجن بمواصفات السجون العادية، ينزل السجناء في غرف جماعية ولا توجد فيه زنازين انفرادية)، مع إمكانية إصدار عفو خاص عن بعض الحالات والتي كانت أعدادها قليلة، وأغلبها كانت في آخر مدد المحكوميات” على حد قوله.

وتعليقا على برامج المناصحة التي شارك فيها أساتذة شريعة من الجامعات الأردنية، ذكر أبو نجم أن “استجابة المساجين لها كانت ضعيفة جدا، بسبب ما كان يشعر به غالب السجناء من أنهم مجبرون على الاستماع لما يقال لهم، من غير أن يكون حوارا حقيقيا في أجواء آمنة، تتوفر لهم فيه حرية القول والتعبير عن ما يؤمنون به، حتى تتاح لهم فرصة الدفاع عن أفكارهم التي يؤمنون بها بحرية تامة”.

ولفت أبو نجم إلى أن “الذين استجابوا لبرنامج المناصحة كانوا من الشباب، صغيري السن وحديثي الانتساب إلى التنظيمات الجهادية، مؤكدا أنه لا يعلم أن أحدا من قدامى حملة تلك الأفكار قد تراجع عنها”.

بدوره أوضح أستاذ الفقه الإسلامي بجامعة آل البيت الأردنية، أنس أبو عطا أنه من خلال مشاركته مع زملاء له في برامج مناصحة حملة “الفكر التكفيري” للسجناء في السجون الأردنية، فإن عددا منهم تقبل الحوار ابتداء، وأبدى تراجعه عن تلك الأفكار.

وقال أبو عطا لـ”عربي21″: “كنا حريصين على تهيئة الأجواء المناسبة للحوار مع أولئك الشباب، ونتلطف في محاورتهم ومناقشتهم، وكنا نستمع إليهم، ونحاورهم في أفكارهم، ونناقشهم في الأدلة التي يستدلون بها على ما يؤمنون به”، لافتا إلى أهمية مراعاة التكوين النفسي لأولئك الشباب.

وشدد أبو عطا في ختام حديثه على ضرورة اختيار المحاورين القادرين على محاورة أولئك الشباب، المطلعين على أفكارهم ومقولاتهم بشكل جيد وعميق، والذين يعرفون مكامن الضعف فيها، حتى يتمكنوا من محاورتهم بعلم ودراية تامة، وهو ما يمكن أن يساهم في محاصرة تلك الظاهرة فكريا إلى جانب الحلول الأمنية والقانونية المتبعة.

المصدر
عربي 21
اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى