فنون

“سأقطع لسانكِ”.. هكذا هدّد مسؤول سوري الراحلة مي سكاف

دخلت الفنانة السورية مي سكاف، التي رحلت في باريس، الاثنين، عن 49 عاماً، إلى عالم السياسة الواسع، ليس من خلال انخراطها بالثورة السورية، فحسب، بل من خلال اعتراضها الأخلاقي، في البداية، على ممارسات قام بها حافظ الأسد، رئيس سوريا السابق، ووالد رئيس نظامها الحالي، بشار.

وفي حوار صحافي يعود إلى العام 2013 الذي شهد اعتقالها للمرة الثانية، من قبل أجهزة أمن بشار الأسد، ثم قررت بعدها الهرب واللجوء إلى فرنسا التي شهدت وفاتها، الاثنين، قالت للشاعر السوري نوري الجراح الذي أجرى معها هذا الحوار، وسألها عن الأشياء “الكثيرة” التي تدفع الشخص للقيام بثورة على النظام، إنها تحتفظ بذكريات وصفتها بـ”السيئة المؤلمة” اقترفها حافظ الأسد وشقيقه رفعت، أيام طفولتها، ثمانينيات القرن الماضي.

وتسرد حادثة تعتبرها “كفيلة بتقرير موقف عفوي من هذا النظام” توضح فيها، منشأ موقفها المعارض وكيف تشكّل وعيها السياسي المبكر، تبعاً لهذا المشهد الذي انطبع في ذاكرتها وصار أساساً لموقفها من حافظ الأسد، إلى ابنه بشار.

جنديات نازيّات يخلعن حجاب نساء الشام بالقوة!

وكانت مي سكاف، الطفلة، في ثمانينيات القرن الماضي، تقود دراجتها الهوائية في شوارع دمشق، وإذ بها ترى قوات من جيش حافظ الأسد وشقيقه رفعت، تقوم بخلع الحجاب “عن نساء الشام”. وهي الحادثة التي اهتزّت لها سوريا، في ذلك الوقت، عندما قرر حافظ وشقيقه رفعت، خلع حجاب النساء السوريات، بالإكراه، أمام أعين المارة، في الشوارع والأمكنة العامة.

تقول مي سكاف، إنها كانت “طفلة” وقت مشاهدتها خلع حجاب نساء الشام، بالقوة، وتضيف أنها لن تنسى منظر امرأة سورية في الخمسين من عمرها، وهي تبكي وتتوسل أمام “مجموعة من الجنديات النازيات” كي لا يقمن بنزع حجابها.

ويشار في هذا السياق، إلى أن حافظ الأسد وشقيقه رفعت، كانا ينشران قوات من النساء المجندات في الجيش، ليقمن بنزع حجاب النساء السوريات، عنوة، أمام الملأ.

وترى مي سكاف، أن تلك المرأة السورية الخمسينية التي كانت تبكي وتتوسل “الجنديات النازيات” كي لا يقمن بنزع حجابها، هي سوريا، وأن من العار أن يبقى مثل هذا النظام “عار على كل سوري” كما قالت في حوارها المشار إليه.

وقّعت على “إعلان دمشق” فهدّدها مسؤول: سأقطع لسانكِ!

أمّا عن نشاطها السياسي، فقد بدأت بمواجهة مباشرة مع نظام بشار الأسد، عندما قامت بالتوقيع على ما يعرف بـ”إعلان دمشق” الذي تم إطلاقه عام 2005، ويطالب بالحريات السياسية وإحلال النظام الديمقراطي، وإلغاء قانون الطوارئ، وإلغاء فقرة من الدستور تقول بقيادة حزب البعث للدولة السورية، وإصلاح القضاء، والتغيير الدستوري، ومبادئ أخرى جميعها لم تتضمن التشكيك بشرعية نظام الأسد، إلا أنه رغم ذلك، قمع ذلك الحراك المدني المنادي بالديمقراطية، واعتقل عدداً من رموزه.

ويعتبر “إعلان دمشق” اللبنة الثانية للتغيير والإصلاح في سوريا، بعد ما عرف بـ”ربيع دمشق” عام 2000، إثر وفاة حافظ الأسد.

تتذكر مي سكاف، ما جرى معها بعد توقيعها على “إعلان دمشق” وتقول إن اتصالاً هاتفياً جاءها على أنه من مكتب عقاري، ليتبين أن المتصل كان “أمين الفرع الفلاني” التابع لنظام الأسد، فبادرها على الفور مهدداً: “لسانكِ أقصّه لكِ!”.

وتعلّق سكاف على هذا التهديد، بقولها إن بعض أبناء المثقفين من الطبقة الوسطى “لم يختبروا بعد، قذارة النظام” وأنهم “لا يعرفون النظام وتاريخه الأسود”، وتضيف: إنهم سمعوا عن محافظة حماة، كلمتين، فقط، هما “أحداث حماة” لكنهم “لم يقرؤوا ما فعله حافظ الأسد بتلك المدينة السورية الشهيدة”، في إشارة منها إلى قيام نظام حافظ الأسد، باقتحام مدينة حماة الثائرة عليه عام 1982، وارتكاب مذبحة بحق أهلها راح ضحيتها عشرات الآلاف من المدنيين السوريين.

ذكريات اعتقالها
ومن ذكريات اعتقالها، تتحدث سكاف عن المحقق التابع لأجهزة أمن بشار الأسد، عندما توجه إليها بسؤال عن الشيء الذي تريده جرّاء انخراطها في الثورة على النظام، فقالت له: “لا أريد لابني أن يحكمه حافظ بشار الأسد” في إشارة منها إلى نظام التوريث الذي صنعه حافظ الأسد لتمكين ابنه بشار من حكم سوريا. وحافظ الذي ذكرته سكاف، هو ابن بشار.

أمّا البقية الباقية من نشاطها السياسي، فظهرت بقوة عام 2011، بالثورة على نظام بشار الأسد، والمطالبة بإسقاطه. حيث انخرطت الفنانة الراحلة، بالثورة السورية، منذ لحظاتها الأولى، وتعرضت للاعتقال والترهيب والمحاكمات الصورية، فهربت ولجأت إلى فرنسا التي لفظت فيها آخر نفس، إنما بعد أن كتبت آخر كلماتها على حسابها الفيسبوكي، قائلة: “لن أفقد الأمل، لن أفقد الأمل، إنها سوريا العظيمة، وليست سوريا الأسد”.

المصدر
العربية
اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى