قطر

مدفع رمضان في قطر.. تقليد موروث يملأ القلوب فرحا

في عدد من المواقع المعروفة بالعاصمة القطرية الدوحة، يتجمع المواطنون القطريون والمقيمون الأجانب؛ للاستمتاع بمشهد انطلاق المدفع في شهر رمضان المبارك.

فمنذ عقود، لم ينقطع دوي مدفع رمضان في الدوحة ومحيطها، إيذاناً بالإفطار كما جرت العادة، كونه من التقاليد الراسخة التي تشير إلى غروب الشمس ونهاية يوم من الصيام.

ولا تقتصر مهمة مدفع رمضان، الذي دخل الخدمة في ستينيات القرن الماضي، عند تنبيه الصائمين فحسب، بل تحول إلى مقصد تجتمع حوله عشرات العائلات كل مساء، احتفاءً به.

ويتواجد مدفع رمضان القطري في ثلاث ساحات تابعة لسوق واقف والحي الثقافي “كتارا”، ومسجد محمد عبد الوهاب بالدوحة.

ويُشرف على تأمين إطلاقها القوات المسلحة القطرية، ولهم دور كبير تأمين المكان، فضلا عن خدمات توزيع وجبات الإفطار على الصائمين.

ويحرص أفراد القوات المسلحة المُلتفين حول المدفع، على تلبية طلبات الأطفال أيضا، والمتمثلة في التقاط الصور التذكارية معهم.

وتبدأ رحلة مدفع رمضان، الذي تتم صيانته بشكل دوري للحفاظ على شكلها التقليدي، منذ تحري رؤية الهلال، عبر سيارات خاصة تقلها إلى مواقعها المحددة.

ففي ساحة سوق “مسجد الإمام محمد بن عبد الوهاب” أكبر مسجد الدوحة، يوجد أحد المدافع الثلاثة، يتسابق الأطفال والآباء لالتقاط الصور عنده قبيل المغرب؛ قبل أن يشهدوا إطلاقه، ويتناولوا حبات من التمر بجانبه.

واعتادت العائلات زيارة المدفع في أول أيام الشهر الفضيل بهدف إدخال البهجة والسرور على قلوب الأطفال الذين يستمتعون بالأجواء الرمضانية.

ويقول خليفة الرميحي المذيع في تلفزيون قطر: “هذه المدافع لها ذكريات جميلة مع أهل قطر ومقيميها”.

ويروي للأناضول ذكرياته: “قبل 35 عاما كانت يصحب إطلاق المدفع مناطيد صغيرة، نتسابق كأطفال على اللحاق بها، وهنيئا لم يمسك به”.

ويشير أنها عادة مستمرة منذ 60 عاما، وهو عادة وصلت من الدولة العثمانية ومصر، وأصبح لها تاريخ وعشاق.

ويقول القطري محمد الهاشمي، الذي يزور المدفع: “أطفالي يصرون على زيارة مدفع رمضان، للاستمتاع بالأجواء”.

ويضيف الهاشمي: “هي (عادة المدفع) مهمة جداً بالنسبة لي، فأنا استعيد من خلالها ذكريات طفولتي”.

أما محمد ناجي، المصري المقيم في قطر: “مدفع رمضان ثقافة مشتركة بين الكثير من دول العالم الإسلامي. ولدت بالدوحة وعرفت المدفع فيها، ورأيته في القاهرة أيضا”.

ويتابع: “رغم مرور الزمن، فإنني أحرص على رؤية المدفع أثناء إطلاقه، لما لها من شعور مختلف يرجعني إلى الماضي”.

وفي ساحة “كتارا” الحي الثقافي، يقول حمود العلي أن “عادة إطلاق مدفع الإفطار في رمضان موروث شعبي توارثته الأجيال”.

وأشار أن “المدفع في قطر منذ القرن التاسع عشر، وبداية النهضة القطرية، حيث أُصدر قرارا بتخصيص مكان له، من أجل تعزيز التراث والحضارة القديمة.”

ويعد مدفع رمضان عادة مشتركة بين كل الشعوب العربية والإسلامية؛ وتقليدا تتوارثه المجتمعات منذ مئات السنين.

ويذكر المؤرّخون أنّ القاهرة أوّل مدينة أطلق فيها مدفع رمضان، وهناك عدد من الروايات حول قصة فكرته.

وتقول إحدى الروايات إن جنودا في عهد ملك مصر، الخديوي إسماعيل (1863-1879)، كانوا يعملون في تنظيف أحد المدافع، فانطلقت منه قذيفة دوت في سماء القاهرة.

وتصادف ذلك مع وقت أذان المغرب في أحد أيام رمضان، فظنّ الناس أنّ الحكومة اتبعت تقليداً جديداً للإعلان عن موعد الإفطار، وصاروا يتناقلون ذلك،.

وعلمت بذلك الحاجة فاطمة ابنة الخديوي إسماعيل، بحسب المؤرخين، وأعجبتها الفكرة، وأصدرت فرمانا لاستخدام المدفع عند الإفطار والإمساك وفي الأعياد الرسمية.

وانتشر التقليد في بلاد الشام، ثم وصل بغداد في أواخر القرن التاسع عشر، ومنها إلى مدينة الكويت عام 1907، وإلى كل أقطار الخليج واليمن والسودان ودول غرب أفريقيا وآسيا والبلقان.

المصدر
القدس العربي
اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى