قطر

القصة الكاملة وراء وفاة عامل بريطاني في ملعب قطري

أكدت طبيبة شرعية بريطانية أن عامل البناء الغربي الوحيد الذي قتل خلال بناء ملاعب بطولة #كأس_العالم في قطر قد أعطاه المديرون معدّاتٍ دون المستوى المطلوب، في حين أنه يفترض بهم معرفة مخاطر البيئة “الخطرة بكل ما تحمله الكلمة من معنى”.

ولقي #زاك_كوكس البالغ من العمر أربعين عاما، حتفه في يناير من عام 2017 بعد سقوطه عن ارتفاع أربعين مترا من فوق معدّات بعد انهيار منصة كان يساعد في تثبيتها في ملعب خليفة في #الدوحة. ووقع الحادث بعد فشل في معدات ذراع إحدى الرافعات، ما تسبب بسقوط جزء من المنصة التي كان يعمل عليها كوكس وزملاؤه، نقلا عن صحيفة “الغارديان” البريطانية.

وقالت الطبيبة الشرعية، فيرونيكا هاميلتون ديلي للهيئة التحقيقية في برايتون، إن “كثيرا من المديرين كانوا يعرفون، ووجب عليهم ذلك، أنهم في الواقع يطالبون عمّالهم بالاعتماد على معدّات قاتلة”.

وأضاف أن التغييرات التي طُرحت لتسريع عملية تثبيت المنصّات كانت “فوضوية، وليست احترافية ولا منطقية، بل كانت خطيرة بكلّ ما تحمله الكلمة من معنى”.

وأوضحت الطبيبة أن “عاصفةً من الأحداث” قد أدّت إلى مصرع كوكس، بما في ذلك قرار اتخذه المقاولون لتسريع عملية بناء سقف الملعب، وهي الخطوة التي تطلبت استخدام أذرع رافعات قال عنها عامل بناءٍ آخر لهيئة التحقيق إن أنسب مكان لها هو سلة القمامة.

وتابعت: “إن تعمّقت ستجد أن السبب الفعلي للحادث هو أنه كان يُطلب من العمّال استخدام معدّات لا تلائم الغرض من استخدامها. يا لها من بساطة مريعة”.

نموذج تصميم أحد ملاعب مونديال قطر

شهادة السلامة.. متقادمة

وتضمّنت الوثائق التي تم تقديمها لهيئة التحقيق تقريرا حول الحادثة أعدّه المقاولون الذين أقروا أن ذراع الرافعة ليست لها شهادات سلامة حديثة، وأنه لم يتم اتّباع نظام الصحة والسلامة خلال العمل.

وقال جون جونسون، وهو عامل بناء شاهد الحادث عندما تم استجوابه، إنه لم يعجبه مظهر أدوات الرفع: “كانت المسامير مفقودة وبعض الآلات بالكاد كانت تعمل، وكانت هناك أجزاء مفقودة منها. لم تكن لها فائدة، وكان ينبغي أن تُلقى في صندوق القمامة”.

ولم يعط متعاقدو تشييد الملعب التقرير – الذي تم إنجازه خلال 11 يوما من وفاة كوكس – لأقاربه البريطانيين. وقال أحد المتعاقدين – شركة فايفر الألمانية – لصحيفة ” #الغارديان” إن الوثيقة لم تُقدم إلى الأسرة لأنها كانت تقريرًا داخليًا.

وبعد وفاة كوكس، اعتقلت السلطات القطرية صديقه وزميل العمل غراهام فانس، متهمة إياه بالإهمال، وسعت إلى سجنه لمدة أقصاها 3 سنوات. فينس، الذي كان معتقلًا بانتظار محاكمته واستئناف المدّعي بعد الحكم، قد سُمح له بالعودة إلى جنوب إفريقيا بعد 10 أشهر، وتمت تبرئته في النهاية من مسؤولية وفاة كوكس، وقد وصف الأشهر التي سبقت محاكمته بـ”عام من الجحيم”.

وجاء اعتقال فينس في قطر رغم أن تقرير الشركة الداخلية يلقي اللوم بشكل كبير على توفير معدات غير مصدقة. وقد تم الحصول على التقرير من قبل المحامين الذين يمثلون فينس.

وأبرمت العقود الخاصة بجوانب مختلفة من أعمال بناء الملعب من خلال مشروع مشترك بين شركة ميدماك سيكس كونستروكت، وفايفير، وإيفرسنداي. وهنالك نزاع حول الشركة المسؤولة عن ضمان توافر شهادات السلامة.

وذكر التقرير أن شهادة الطرف الثالث حول الرافعة قد انتهت قبل أشهر. وكشف التقرير أيضًا أن الضغط لتسريع بناء المنصات قد أدى إلى عدم فحص أدوات الرفع.

وقال التقرير أيضًا إن هنالك أخطاء جسيمة في الحكم على الأحداث التي أدت إلى وفاة كوكس، وأن نظام إدارة الموقع “لم يؤخذ به وفي بعض الحالات لم يفهم من قبل أشخاص رئيسيين في شركة فايفر”، بالإضافة إلى غياب الرقابة.

وقد ألقى التقرير اللوم فيما حدث على أخطاء العاملين بمن فيهم كوكس، الذي نص التقرير على أنهُ قد تجاهل تدابير السلامة التي تقتضي ضرورة ارتداء حزام ثانٍ، الأمر الذي نفاه زُملاء لكوكس، موضحين أن ما كان يقوم به العامل المتوفى لم يكن يتطلب ذلك.

استاد خليفة في الدوحة

اعتقالات في قطر

وقد تم اعتقال فانس بعد مرور بضع ساعات على وقوع الحادثة. وقال فانس: “لقد كُنت مُحطمًا”. وأضاف: “تصور أن يتم اعتقالك بعد رؤية زميلك في العمل يسقط من على ارتفاع 40 متراً تقريبًا ويلاقي حتفه. فقد كُنا نتجاذب أطراف الحديث معا قبل أن يسقط، بل إنني قد حاولت أيضًا أن أشد الحبل عندما انقطع. وقد تمزقت يداي حين كُنت أحاول إنقاذه من الموت المُحتوم، ولكن الشُرطة لم تهتم بذلك – فكل ما أرادوا فعله هو إلقاء اللوم على شخصٍ ما”.

وسافر ستيوارت لوبشر، وهو مُحامٍ وصديق لعائلة فانس، إلى قطر لمُساندته والمُرافعة عنه. وقال ستيوارت إن التقرير الداخلي لم يُنشر بالرغم من أنهُ كان كافيًا لتبرئة فانس من التهم الموجة إليه. وقالت شركة فايفير إن التقرير لم يكن رسميًا، ولم تكن له صلة بالحادثة كذلك.

وقال لوبشر: “إنه لم يسبق لي أن شهدت مثل هذا الأمر طوال مسيرتي العملية في مجال المحاماة. وأول ما تساءلت عنه هو سبب عدم تقديم التقرير على المحكمة”.

وراسلت البريطانية ايلا جوزيف، شقيقة زوجة كوكس وزير الخارجية البريطاني، أليستير بيرت، إذ طلبت منه التحقيق في الأمر. حيث قالت: “إن قرار التستر على هذا التقرير بدلًا من نشره والقيام بما يقتضيه الأمر حياله يعدُ أمرًا مؤلمًا للغاية بالنسبة لنا، ولن نلتزم الصمت بعد اليوم”.

وقالت جوزيف إن العائلة لم تجد أي دليل يُدين فانس بمقتل كوكس، وأضافت: “وبالتالي فإننا مسرورون جدًا بعد أن علمنا بتبرئته تمامًا من التهم المنسوبة له، ولكن يساورنا قلق بالغ إزاء مزاعم محامي فانس بأنهُ قد تم حجب الأدلة الرئيسية التي كانت ستثبت براءته منذ بادئ الأمر عن المحكمة القطرية”.

وطالبت العائلة بإجراء تحقيق مستقل لضمان محاسبة المسؤولين عن القرارات التي أودت بحياة كوكس.

من أعمال البناء الجارية في ملاعب مونديال كأس العالم

وكتب حسن الذوادي، وهو الأمين العام للجنة العليا للمشاريع والإرث وهي جهة في قطر معنية بالإشراف على كأس العالم 2022، لأسرة المتوفى يوم 21 فبراير قائلًا: “شجعت اللجنة باستمرار المقاول بمشاركة المعلومات حيال الحادث، والتحقيقات المختلفة في أسباب حدوثه”.

وأضافت اللجنة أنه لم يكن من الملائم للجنة التواصل مع الأسرة قبل انتهاء إجراءات المحكمة في قطر.

وذكرت شركة فايفر في بيان لها: “لقد أرسلت فورًا جميع المعلومات الرسمية التي بحوزة الشركة إلى أسرة المتوفى، غير أن تقرير التحقيق الداخلي لا يُعد تقريرا رسميًا أجرته السلطات القطرية، وقد تم إبلاغ السلطات القطرية بجميع المعلومات”.

وأضافت شركة فايفر أنها تتفهم مأساة وتسلسل القضية لأسرة المتوفى، وكانت على تواصل منتظم مع الأسرة. وقالت أيضًا إنها بالإضافة إلى تقديم الدعم وإيواء فانس في قطر، كانت قد غطت رسومه القانونية “بوصفه عملا فرديا ودعما شخصيا”. وأيضًا أشارت إلى أن الموظفين لم تستجوبهم سلطات الادعاء القطرية أثناء القضية.

وذكرت لجنة المشاريع في بيان لها أن العديد من الإخفاقات النظمية والأخطاء البشرية ساهمت في وقوع الحادث”. وأضافت أنه بعد إجراء التحقيق، أمرت، من بين تدابير أخرى، بمراجعة إلزامية شاملة في العمل بالمرتفعات.

وأعربت اللجنة عن “أسفها العميق بعدم إقامة تواصل مباشر مع أسرة كوكس في ذلك الحين”، وأضافت أنها منذ ذلك الحين تواصلت معهم وقدمت دعمها الكامل.

العربية
اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى