العرب تريند

158 معلماً فلسطينياً على قارعة الطريق بعد فصلهم من مدارس “أونروا”

داخل خيمة اعتصام نُصبت وسط مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية، اجتمع معلمون ومعلمات فُصلوا من مدارس تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا)، بعد أن أفنوا عقوداً من أعمارهم في التدريس بمدارسها.

وأضحى 158 معلماً، من حملة شهادة الدبلوم، عاطلين عن العمل بعد أن أصدرت (أونروا) قبل نحو ثلاثة شهور، قرارات بفصلهم دون سابق إنذار، بحسب قولهم.

لكن إدارة الوكالة تقول، إن إنهاء خدماتهم تم لعدم حصولهم على درجة البكالوريوس، رغم إشعارهم بضرورة ذلك منذ عدة سنوات، مشيرة في ذات الوقت إلى أنها ما تزال تفتح المجال لهم، للعودة للعمل، شريطة أن يكونوا دون سن الخمسين، وتعهدهم بإكمال دراستهم الجامعية خلال فترة محددة.

وداخل خيمة الاعتصام، تقول المعلمة انتصار منصور، إن إدارة الوكالة، أهانتهم، من خلال قرار الفصل، الذي وصفته بالتعسفي.

وأضافت:” بدلاً من أن تكرمنا إدارة الوكالة، وتمنحنا النياشين، ألقت بي وبأبنائي للشارع بعد خدمة 38 عاماً في التدريس بمدارسها”.

وتابعت، خلال تواجدها في خيمة اعتصام أقيمت وسط نابلس:” أنا المُعيلة الوحيدة لعائلتي، لدي ثلاثة أبناء في الجامعة وهم من المتفوقين، لكن مستقبلهم الدراسي بات مجهولاً وفي خطر، بعد أن تم فصلي من عملي وقطع راتبي”.

وأكملت:” كيف سأعيش أنا وأبنائي في هذا الوضع″.

وأقامت “اللجنة المركزة لمواجهة تقليصات الأونروا” خيمة اعتصام على وسط مدينة نابلس، لتكون نقطة انطلاق للفعاليات الاحتجاجية ضد قرارات الوكالة.

في زاوية الخيمة، جلس المعلم جمال جبريني مشاركاً في الاعتصام، بعد أن فصلته وكالة أونروا، من عمله بعد خدمته في مدارسها 31 عاماً، حاول أن يخفي دموعه التي تحترق داخل عينيه، وهو يقول:” أمضينا زهرات شبابنا في عملنا، وخفت نور عيوننا داخل الصفوف المدرسية، وفجأة نجد أنفسنا وقد ألقي بنا على قارعة الطريق”.

وجبريني عمل مدرساً للغة العربية في مدارس أونروا، في مخيم بلاطة، منذ عام 1986م، وتخرّج على يديه الآلاف من الطلبة، كما يقول.

ويضيف:” بتاريخ 21 نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي، تفاجأنا بقرار فصلنا، التعسفي بعد هذه الفترة الطويلة من عملنا، كانت صدمتنا كبيرة من قرار مؤسسة دولية بأن تعامل المعلم بهذه الطريقة القاسية”.

واضطر جبريني لتأجيل الفصل الدراسي لابنه في الجامعة، لعدم قدرته على تسديد القسط المطلوب، بعد وقفه عن العمل.

وقال:” حتى لو أردت الذهاب للعمل بمؤسسة أخرى، سيتساءلون عن سبب فصلي من العمل، لقد وضعونا في موقف محرج وصعب”.

أما معلمة الرياضة في مدرسة بنات مخيم بلاطة التابعة للوكالة رجاء يونس، فقد أبدت استياءها الشديد من قرار فصلها، بعد أكثر من ثلاثين عاماً من العمل فيها.

وقالت: “القرار تعسفي وجائر، نرفضه رفضاً باتاً”.

وأشارت المعلمة إلى أن وكالة أونروا عرضت عليهم إكمال دراسة البكالوريوس بالجامعة قبل سنوات، لمن يرغب، وأضافت:” بعضنا واصل تعليمه والبعض الآخر لم يواصل لأسباب خاصة” .

وباستياء شديد، قالت:” قرار الفصل في الوكالة يجري فقط على من يتهمون بقضايا أخلاقية أو سرقة، وللأسف تم وضعنا بهذه المنزلة المشبوهة”.

وأبدت يونس إصرارها، هي وزملاءها، على مواصلة الاعتصام حتى تلغي الوكالة قرارها.

بدوره، وصف ناصر أبو كشك نائب رئيس اتحاد العاملين العرب في وكالة الغوث، قرار فصل المعلمين بأنه “متساوق مع المشروع الأمريكي الصهيوني بوقف خدمات الوكالة بالضفة الغربية بالذات”.

وقال:” تقليصات وإجراءات الوكالة لم تؤثر على اللاجئين فقط، بل امتدت لتصل الموظفين الذين أفنوا سنوات عمرهم وشبابهم في خدمة هذه المؤسسة وأبناء اللاجئين”.

وأشار إلى أن قرار الفصل يُعد “سابقة خطيرة أقدمت عليها “أونروا”، وأنه قرار مجحف وغير قانوني، ولم يواكبه قرارات مشابهة في باقي مناطق عمليات الوكالة”.

وتابع:” القرار أودى بحياة 158 عائلة فلسطينية إلى الشارع، ويعتبر مجزرة إنسانية، لأنه أصاب المعيل في هذه الأسر في مقتل، فبعد أن أمضوا سنوات عمرهم في خدمة هذه المؤسسة، تم مقابلتهم بقرار فصل، بدل من أن يُمجدوا ويُشكروا على تفانيهم في عملهم”.

وعن تفاصيل القرار قال:” في عام 2005، أرسلت الوكالة بأوراق لحملة الدبلوم من المعلمين، وكان عددهم حينها أكثر من 700 معلم، تضمنت على أسئلة حول رغبتهم بمواصلة التعليم الجامعي من عدمها”.

وبعدها واصل عدد منهم تعليمهم على حساب وكالة أونروا، والبعض الآخر لم يرغب، بحسب أبو كشك.

وتابع:” لم يتم متابعة الأمر من قبل الوكالة منذ عام 2011، حتى نتفاجأ بقرار الفصل في نهاية العام الماضي”.

وتسبب قرار الفصل بأزمة في المدارس التي فصل منها المعلمون، بحسب أبو كشك.

وقال:” وقف هؤلاء المعلمين عن العمل يعني دمج الطلاب في الصفوف، ما يعني اكتظاظ في الغرفة الصفية بأكثر من خمسين طالب، وزيادة في أعداد المعلمين، ما يفتح المجال أمام الوكالة بتقليص جديد لأعداد المعلمين مرة أخرى”.

ولفت إلى أن الوكالة لم تعيّن معلمين بدلاً من الذين تم فصلهم، ما يعني فتح المجال لمزيد من التقليصات، ووضع الطلاب في بيئة تعليمية طاردة، حسب قوله.

وقال:” المعلمون من حملة الدبلوم غالبيتهم متخصصون بالتربية الابتدائية، وهم ذوو خبرة طويلة وعريقة”.

وبحسب مراقبين، قلّصت (أونروا) خدماتها المقدمة للاجئين خلال السنوات الماضية، وشمل ذلك تقليل حصص الأغذية والأدوية والخدمات الطبية المقدمة في العيادات الصحية التابعة لها.

وعادة ما تقول الوكالة إن التبرعات المالية من الدول المانحة لا تواكب مستوى الطلب المتزايد على الخدمات نتيجة تزايد أعداد اللاجئين، وتفاقم الفقر والاحتياجات الإنسانية.

وتخشى إدارة أونروا، في الوقت الحالي، من زيادة العجز المالي لديها، بعد قرار الإدارة الأمريكية، في 23 يناير/ كانون ثاني الماضي، تجميد 65 مليون دولار من المساعدات السنوية التي تقدمها للوكالة.

رد أونروا

من جانبه، يقول كاظم أبو خلف، المتحدث باسم وكالة “أونروا” في الضفة الغربية، إن “إنهاء خدمات” الموظفين تم لعدم حصولهم على درجة البكالوريوس.

وأكد أبو خلف، أن الوكالة ما تزال تفتح المجال لهم، للعودة للعمل، شريطة أن يكونوا دون سن الخمسين، وتعهدهم بإكمال دراستهم الجامعية خلال فترة محددة.

وقال:” في عام 2005 وضعت الوكالة سياسة تعليم جديدة، على المعلمين بموجبها أن يحملوا شهادة البكالوريوس، وفتحت المجال أمام حملة شهادة الدبلوم لإكمال دراستهم على نفقة الوكالة”.

وأضاف:” أكمل 400 معلم ومعلمة تعليمهم وحصلوا على شهادات البكالوريوس، وبقي 158 معلماً لم يواصلوا تعليمهم”.

وتطبيقاً للسياسة التعليمية الجديدة في الوكالة، قررت إنهاء خدمات المعلمين، مع منحهم كامل حقوقهم المالية، بحسب أبو خلف.

وذكر أنه جرى توقيع اتفاق بين اتحاد المعلمين (نقابة) وإدارة وكالة أونروا، في 29 يناير/كانون ثاني الماضي، نص على إعطائهم جميع حقوقهم المالية، كما فتح المجال لمن يرغب منهم بالعودة شريطة إكمال دراسته في غضون ثلاث سنوات، مع التعهد بذلك.

وبموجب الاتفاق، بحسب المتحدث، فإن من يرغب من المعلمين بالعودة إلى عمله، وكان دون سن الخمسين، التعهد بالحصول على درجة البكالوريوس، خلال فترة 3 سنوات.

أما من كان عمره، أكثر من 51 عاماً، فعليه أن يثبت أنه كان مسجلاً في جامعة خلال الفترة الماضية، بغرض إكمال دراسته، وإلا فلن يتمكن من العودة لعمله، لكن مع استلامه كامل مستحقاته المالية.

وتأسست “أونروا” بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949، وتم تفويضها بتقديم المساعدة والحماية للاجئين في مناطق عملياتها الخمس، الأردن، سوريا، لبنان، الضفة الغربية، وقطاع غزة، إلى أن يتم التوصل إلى حل عادل لمشكلتهم.

(الأناضول)

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى