الكويت

جوازات سفرها تُدخلها 160 دولة وثمنها آلاف الدولارات.. أسرار تربية الصقور في الكويت

 يفتخر الكويتي عبدالله السعدون بصقوره ويعتبرها جزءاً من عائلته، يقضي معها أوقاتاً طويلة يراقبها بفخر منذ خطواتها المتعثرة، وتعلمها التحليق إلى حين تدريبها وإمساكها بطريدتها الأولى.

حواس(سبع سنوات)، ورضوان (أربع سنوات) وخطاب، هم صقور عبدالله السعدون (أبو منصور)، الذي أينما سافر، وقبل أن يحزم حقائبه يتأكد من صلاحية جوازات صقوره الثلاثة، فقد أصبح لدى الصَّقَّارين (مُربِّي الصقور) في الكويت ودول الخليج إمكانية إعداد جواز السفر الخاص بصقورهم، في حال كانوا يرغبون في اصطحابها معهم للتجول والسياحة أو المشاركة في المسابقات داخل دول مجلس التعاون الخليجي، أو حتى في الخارج.

جوازات سفر خاصة

استخرج أبو منصور لصقوره جوازات سفر تحتوي على أسمائها، وشرائح إلكترونية مسجلاً عليها كافة البيانات المتعلقة بها، وحينما يرغب في السفر لأي دولة خليجية فلا بد له من تقديم جوازات السفر هذه، أما إذا كان السفر لدول أخرى فعليه تقديم الشهادات الطبية الخاصة بصقوره.

قصة جوازات سفر الصقور انطلقت مع بداية العام 2000، حينما أطلقت حكومات دول الخليج حملةً واسعةً تستهدف مربِّي الصقور، وأصدرت تعليماتها لهم بضرورة الحصول على جوازات سفر لصقوره قبل نقلها من دولة لأخرى.

وأفاد موقع “هاف بوست عربي” ان الهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية في الكويت، كانت قد أصدرت في مارس/آذار 2017، بياناً أكدت فيه ضرورة “تقيّد هواة اقتناء الصقور باستخراج وثائق سفر خاصة بها، لضمان سلاسة تنقُّلها من دولة الكويت وإليها”.

وقال مدير إدارة الصحة الحيوانية في الهيئة عبدالرحمن الكندري، في تصريح صحافي إن “هناك بعض الحيوانات والطيور، من بينها الصقور، يستوجب نقلها بين دول مجلس التعاون الخليجي، بواسطة وثيقة سفر (جواز)، مع وجود الفحوصات الصحية المطلوبة”.

وأوضح أن “دخول الصقور وخروجها بين دول الخليج يتم عن طريق جواز سفر يُستخرج بمعرفة الهيئة، مع توافر الشهادة الصحية والفحوصات”، حسب البيان، ويصبح الجواز صالحاً للسفر به في أكثر من 160 دولة.

وجواز الصقر يعد ملكيةً شخصيةً لصاحبه، يدوَّن فيه اسمه ورقم الشريحة المركبة بالصقر، ورقم “سايتس″، التي يعرفها أبو منصور في حديثه لـ”هاف بوست عربي” بكونها شهادة تضمن عدم السماح بتصدير أو استيراد الطيور المهدَّدة بالانقراض أو البرية، لكنها تسمح فقط باستيراد وتصدير الطيور التي يتم إنتاجها وتربيتها في مراكز إكثار، تحت رعاية الدولة”.

تنظيم تنقل الصقور بجوازات السفر سهَّل على الصَّقَّارين التنقلَ بين دول الخليج، وشجَّعهم أكثر على المشاركة في مسابقات الصقور السنوية، التي تنظم في الكويت يوم 26 يناير/كانون الثاني من كل سنة، في إطار مهرجان الموروث الشعبي الذي يفتح أبوابه أمام المشاركات الخليجية.

فرد من العائلة

أبو منصور يعتبر علاقته بصقوره “علاقةً خاصة لا يمكن وصفها بالكلمات، ولا يشعر بها إلا من خاض تجربتها”، فصقوره الثلاثة باتت جزءاً لا يتجزأ من حياته اليومية، ولا يمكن الاستغناء عنها، يطعمها الحمام بيده، ويرفض أن يتولى عملية التغذية أو الاهتمام بها خادمه الآسيوي أو أي أحد غيره، الوحيد المسموح له بالاقتراب من صقوره هو ابنه، الذي لم يتجاوز عامه الثالث بعد.

ويتابع “أقضي معهم وقتاً ليس بالقليل، ولا أشعر أن هذا وقت ضائع، بل فيه سعادتي الحقيقية التي أشعر بها وأنا أقوم بالاعتناء بها وتنظيفها وتدريبها على القنص والطيران”.

وعن توقيت التدريب وإطعام الصقور يشرح أبو منصور لـ”هاف بوست عربي” بفخر: “الصقور من الطيور الصبورة التي تتحمل، تكفيها وجبة واحدة في اليوم، ولكننا نقوم بإعطائها وجبتين، كما أنني أقوم بمتابعة وزن صقوري باستمرار، للتأكد من قوَّتها وقدرتها على الطيران. أما عن توقيت التدريب فيكون من الصباح وحتى وقت الظهيرة، ثم هناك فترة أخرى بعد العصر وحتى غروب الشمس، وخلال هذه الفترات يمكن صيد الحبارى والأرانب وطيور الكروان عن طريق صقوري المدربة”.

الصقار المحترف بالنسبة لأبو منصور هو الذي يحرص على توفير المناخ المناسب لصقوره، من حيث درجة الحرارة وأشعة الشمس التي تساعد على الحفاظ على صحة الصقر ونمو ريشه بشكل جيد.

هواية الملوك

“هواية الملوك” كما يصفها الصقَّارون حافلة بالأسرار، فهي تعد جزءاً مهماً من التراث الكويتي، وتدريبها مسألة لها طقوسها الخاصة وليست بالأمر الهين، إذ يعتبرها الكويتيون رمزاً للشجاعة، ومبعثاً للفخر للصقارين الذين يمارسونها ويتهادون فيما بينهم بأنواع الصقور، خاصة المرتفعة الأثمان.

 أبو منصور يتحدث بشغف بالغ عن أسرار هذا العالم، قائلاً إن الصقور التي تأتي من بلاد بعيدة تكون غالية الثمن، فمثلاً عندما يأتي صقر من روسيا فهذا يدل على قوته وشجاعته، وتتراوح الأسعار ما بين 3000 دولار إلى 12000 دولار للصقر، حسب النوع والمواصفات.

كما ان ارتفاع أسعار الصقور جعل البعض يحاول تهريبها عبر الحدود، آخر هذه المحاولات كانت تهريب عدد من الصقور بين الحدود العراقية الكويتية.

ومحدّدات سعر الصقر يعرفها المربّون ويفتخرون بها، وأهمها حسب الصقار عبدالله السعدون هي ريش الصقر، سبع ريشات في كل جناح، التي مع الوقت والرعاية الجيدة تُظهر جمال الصقر وقوته، خاصة حينما يحلّق مطارداً فريسته.

 الرعاية رغم تكلفتها المادية العالية، فإن الصقارين متمسكون بها، فمنذ نعومة مخالب الصقر يتم إعداده للصيد في الأجواء العليا في مشهد يتوارثه الأجيال: يرتدي الصقار القفاز وهو يدرب صقره حماية ليده من أن ينالها أَذى، يتم تجويعه، ومن ثم يطلقه مربوطاً بخيط لمسافات قصيرة تزداد بالتدريج، وحينما يأمن له ويصبح أليفاً يمكن أن يتم إطلاقه دون خيط ليحلق في الأجواء… ثم يعود ليحطّ على ذراع صاحبه في اعتزاز متبادل.

القدس العربي

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى