السعودية

بحروف موجعة.. هكذا عبّر كاتب سعودي عن فاجعة فراق ابنته!

في لغة فريدة عبرت عن مشاعر الأسى والحزن، نشر الكاتب السعودي مشعل السديري مقالا في صحيفة “الشرق الأوسط” بعنوان “شمعة حياتي”، كتبه بعد وفاة ابنته العنود، يجسد فيه مشاعر الفقد والألم على فراق ابنته.

وفي تصريحات لـ”العربية.نت”، أكد أن هذا المقال هو التعبير الحقيقي والواقعي عن مشاعره تجاه فقد ابنته وإنه نقل عبر الحروف مشاعره.

وكان السديري قد استعرض في بداية المقال قصة حكى فيها عن فتاة صغيرة كانت مع والدها يعبران جسراً، فخاف الأب الحنون على ابنته من السقوط، لذلك قال لها: “حبيبتي أمسكي بيدي جيداً حتى لا تقعي في النهر”.

فأجابت ابنته دون تردد “لا يا أبي أمسك أنت بيدي، فرد الأب باستغراب: وهل هناك فرق؟! كان جواب الفتاة سريعاً: لو أمسكت أنا بيدك قد لا أستطيع التماسك، ومن الممكن أن تتفلت يدي فأسقط، لكن لو أمسكت أنت بيدي فأنت لن تدعها تتفلت منك أبداً”.

واستطرد السديري في عرض مقاله عن تلك العلاقة التي ربطته بابنته العنود “مسقطا” على قصة الفتاة التي عرضها للتعبير عن حالته مع ابنته ومشاعره بأنه قد فقد القدرة على الإمساك بيديها وعدم قدرته على مساعدتها على النجاة من الموت بفعل الانفلات اللاإرادي الذي حصل رغما عنهما هما الاثنان وأدى الى بقائه وحيدا بعيدا عنها.

وتابع في مقاله قائلا: والذي حصل بيني وبين ابنتي أن كلتا يدينا أفلتت بعضها من بعض قسراً، فطار قلبي من صدري بين السماء والأرض ومشاعره بحالة الانطفاء بعد رحيل ابنته، حيث تابع في المقال في وصف حالته الشعورية عندما كتب: وانطفأت فجأة شمعة حياتي وظللت أتخبط في ظلام دامس، لا أعرف شمالها من جنوبها ولا شرقها من غربها، ولولا قليل من الإيمان لطار عقلي وهو يربط حاله بحال الأعرابية التي فقدت ولدها فجأة وهو في ريعان الشباب، وأخذت تنوح وتقول:

ربيته دهراً أفتقه … في اليسر أغذوه وفي العسر
حتى إذا التأصيل أمكنني … فيه قبيل تلاحق الشغر
وجعلت من شغفي أنقله … في الأرض بين تنائف غبر
هربا به والموت يطلبه … حيث انتويت به ولا أدري
ما كان إلا أن هجعت له … ورمى فأغفى مطلع الفجر
ورمى الكرى رأسي ومال به … رمس يساور منه كالسكر

واستطرد السديري في مقاله أن وفاتها المفاجئة لم تخطر له على بال وصار يستعيد من خاصرة ذكرياته ما قرأ عنه في حياته أو سمعه من ويلات الفقد والغياب حيث قال: لم يخطر على بالي ساعتها غير كلارك غيبل في الفيلم الشهير (ذهب مع الريح)، عندما سقطت طفلته من على ظهر فرسها ودق عنقها وماتت، فحملها إلى غرفته وأغلق الباب وظل معها يومين كاملين، رافضاً أن توضع بالتابوت وتقبر، لأنها كانت تخاف من الظلام.

وكذلك هي (العنود) وهنا عاود السديري الربط بين قصص الموت والفناء لشخصيات سمع وقرأ عنها لم يخطر على باله أن يكون أحد أبطالها يوما ما وبين فقدانه لشمعة حياته كما وصفها ليكتب قراره الأخير بما سيفعله بهداياها، متابعا في مقاله لو أنني ذهبت إلى باريس، لسوف أذهب من المطار رأساً إلى (معرض القلوب الحزينة)، الذي سبق لي أن زرته، وهو يحوي جميع الهدايا والتذكارات لمن تحطمت قلوبهم وفقدوا الأحباب وفلذات أكبادهم. وأحمل معي آخر الهدايا التي أتت بها ابنتي لي من #إسبانيا قبل شهر، وهي الكولونيا الليمونية التي أتعطر بها (4711)، ومجموعة المراسم (BIC) التي أكتب بها، وصورتها عندما كان عمرها سنة ونصف السنة، والتي أشاهدها أمامي على مكتبي، وأضعها كلها في ذلك المعرض، مع البقية الباقية من دموعي.

وتابع الحديث عن قاع الذكريات أنه أصبح يشعر بها وهو يحاول أن يداريها في حالة التقمص الشعوري بأن الفقد أدى به إلى أن يتشابه شعوريا مع ذلك الذي أصيب بالشلل الرباعي، وظل طريح الفراش لا يتحرك، وكلما عاده زواره يقول لهم: إنني لا أريد أن أمشي وأتحرك مثلكم، كل ما أريده فقط هو أن أستطيع إلصاق جبهتي على الأرض وأسجد خاتما المقال بسؤال موجع يسأل نفسه فيه بجملة استفهامية تعجبية
متى أستطيع، متى؟!

وكان الكاتب السعودي #مشعل_السديري، قد فجع بوفاة ابنته العنود، خلال الأيام القليلة الماضية، وقد شيعت من مسجد فيصل المبارك، عقب صلاة الظهر، إلى مثواها الأخير، في مقبرة الرويس بجدة.

ويعرف مشعل بن محمد الأحمد السديري، هو الابن الثاني لمحمد بن أحمد السديري، وهو صحافي وكاتب في جريدة الشرق الأوسط. وابن خال الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود، وهو أحد رموز الكتابة الساخرة في العالم العربي، ويتمتع بشعبية كبيرة لالتصاقه بقضايا المجتمع، ويمتاز بأسلوبه البسيط في إيصال الفكرة التي يكتب عنها.

وكان رواد وسائل التواصل الاجتماعي، قد تفاعلوا مع هذه الحالة وقدموا العزاء للكاتب السديري، الذي كان قد تناول مشاعر فقد الإنسان العزيز لديه في إحدى مقالاته، بصحيفة #الشرق_الأوسط، بعنوان “هل هناك شيء يعوض الفقد”.

وكان السديري قال في مقاله هذا: “لا أدري هل أنا الذي يمسك بالقلم، أم أنه هو الذي يمسك بي؟! هل أنا الذي أتشبث به، أم أنه هو الذي تحول بيدي إلى سكين تكاد تقطع أوصالي؟!.. مهما كتبت ومهما حكيت، ومهما شكوت، ومهما بكيت، ومهما صغرت الدنيا عندي، ومهما كبرت، وطالت واستطالت، وطارت، لا تساوي عندي في هذه اللحظة حتى ولا قلامة أظفر”. وتابع السديري: “الموت حق، هذا صحيح، ولكن الفقد قاس ورهيب، لا شيء يعوض الفقد حتى لو وضعت خزائن الأرض تحت قدميك”.

 العربية
اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى