العرب تريند

لهذة الأسباب.. لن “يُرحل” اللبنانيون من دول الخليج

كثرت التكهنات والتأويلات خلال الأيام القليلة الماضية حول سيناريو توقعه البعض لترحيل ما يقارب 500 ألف لبناني مقيم في دول مجلس التعاون الخليجي، في إطار الخطوات التصعيدية الخليجية ضد حكومة لبنان، و”حزب الله” الشريك الأساسي في الحكومة.

حتى بات اللبنانيون المقيمون في دول الخليج من رجال أعمال وأرباب عمل وعمال في حالة ترقب لما ستؤول إليه التطورات المتسارعة، خشية من خسارة مصدر رزقهم.

“هذه المخاوف لا أساس لها من الصحة، وقرار ترحيل اللبنانيين من الخليج لا يعدو كونه ضرباً من الأوهام”، يجزم رئيس مجلس رجال الأعمال اللبناني – السعودي رؤوف أبو زكي في حديث خاص لـ”العربية.نت”، قائلا: “مخطئ من يعتقد أن لدى المملكة العربية السعودية نية في ترحيل اللبنانيين، وهذا يعود إلى الروابط التاريخية بين البلدين شعبا وحكومة، فضلاً عن المصالح الاقتصادية وعمليات التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة في كلا البلدين”.

ويوافق الخبير الاقتصادي والاستراتيجي الدكتور جاسم عجاقة وجهة نظر أبو زكي جملة وتفصيلا، معتبراً أن كل ما يحكى عن مسلسل إبعاد اللبنانيين يدخل في إطار “التهويل” لا أكثر وذلك لأسباب سياسية وتقنية:

أولا- في الشق السياسي، ينوه “عجاقة” بالموقف الخليجي الداعم دائما للبنان تاريخياً، وبالتالي هذا موقف ثابت لن “يتزعزع” أبداً. ولن تتخذ الدول الخليجية أي إجراءات تلحق الضرر بالمغتربين، ممن ليس لهم صلة أو انتماء إلى “حزب الله” لا من قريب ولا من بعيد، لذا لن تقبل دول الخليج أن يكونوا “كبش محرقة”.

ثانيا- تقنياً، يستبعد عجاقة احتمالية ترحيل كل اللبنانيين إذ ليس الأمر بهذه السهولة، لاسيما مع وجود أكثر من 500 ألف لبناني في الخليج يغطون حاجات سوق العمل ويتبوؤون مناصب إدارية في الشركات الخليجية، بينهم نحو 250 إلى 300 ألف مقيم في السعودية وحدها، وحوالي 150 ألف لبناني في الإمارات، و40 – 50 ألف في الكويت، والعدد نفسه في قطر.

بالتالي، يرى أن العقوبات الخليجية إن طبقت، فهي حتما ستستهدف من يثبت عليهم انتماءات حزبية، أو الذين يستغلون وجودهم للقيام بأنشطة لا تتفق وقوانين الدولة وسيادتها، لكن في أسوأ السيناريوهات لن يتخطى عددهم الـ 20 إلى 30 ألف كحد أقصى.

مسلسل الإبعاد

هذه المخاوف أعادت من دون أدنى شك إلى الأذهان، مسلسل إبعاد “فريق من اللبنانيين” المشتبه بموالاتهم لحزب الله من دول خليجية والذي بدأ منذ العام 2009. ليلحقها إعلان بلدان مجلس التعاون الخليجي في 10 يونيو 2013 عن تنفيذ عقوبات بحق المغتربين على أراضيها من “أعضاء حزب الله” تخص إقامتهم في البلد ومصالحهم المالية والتجارية.

وفي 13 مارس/آذار 2015، أعطت دولة الإمارات مهلة 24 ساعة لـ70 لبنانيا للرحيل عن أراضيها.

يعلق عجاقة على هذا التسلسل، موضحاً أن إجمالي اللبنانيين الذين رحلوا لا يتخطى عددهم الآلاف منذ العام 2009 وحتى تاريخه.

تداعيات كارثية

رغم استبعاد حدوث هذا السيناريو، غير أن لهذه الخطوة في حال تنفيذها تداعيات “كارثية” على الاقتصاد اللبناني، إذ ستتوقف تحويلات المغتربين من دول الخليج إلى المصارف اللبنانية والمقدرة بنحو 1.9 مليار دولار، وهو ما يشكل 25% من إجمالي تحويلات المغتربين اللبنانيين حول العالم (7.6 مليار دولار).

غير أن الشق الإيجابي بحسب عجاقة، سيترجم بمساهمة هؤلاء في رفع نسبة النمو في الناتج المحلي الإجمالي بنحو 1.5% نتيجة القدرة الاستهلاكية الهائلة التي يتمتعون بها، ولكن سرعان ما سيصطدمون بعدم قدرة سوق العمل على استيعاب هذا العدد الضخم لاسيما مع اجتياح اليد العاملة السورية للاقتصاد اللبناني.

ترحيل “تقني” وليس “سياسيا”

يلحظ أبو زكي، أن قرار تخفيض أعداد العمالة الأجنبية بشكل عام من دول الخليج ، قد بدأ فعلاً منذ فترة، ولكن لأسباب تتعلق بانحسار حركة الأعمال وسياسة تقليص النفقات التشغيلية التي تنتهجها الشركات الخليجية عموماً.

يضاف لهذا سياسة توطين العمالة وإحلال العمالة المحلية بدلا من اليد العاملة الأجنبية لتقليص البطالة، التي بدأتها عدد من دول الخليج ولاسيما السعودية بما يعرف بالسعودة.

هذا النهج المتبع أسفر عنه، بحسب أبو زكي، صرف نحو مليونين بين عائلات وأفراد حتى الآن.

لتأتي التطورات المستجدة على الساحة اللبنانية كعامل جديد، لكن يعود أبو زكي ليؤكد أن لا نية للسعودية لترحيل اللبنانيين، في ظل وجود مئات الشركات اللبنانية في السعودية في قطاعات الصناعة، والسياحة والمقاولات إلى جانب شركات سعودية – لبنانية باستثمارات مشتركة.

 العربية
اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى