مصر

«إحالة الأوراق للمفتي» في مصر… إجراء شكلي لإضفاء صبغة شرعية على الإعدام

عندما تصدر المحاكم المصرية حكماً بالإعدام على متهمٍ معين في جناية ما، فإن منطوق الحكم ينص على إحالة أوراقه إلى المفتي، الذي يعد رأس مؤسسة الفتوى الرسمية في الدولة، ويتبع وزارة العدل، لكن هناك تساؤلات تطرح نفسها في هذا السياق، تتعلق بأهمية هذه الإحالة ونتائجها، ومدى أهميتها في تعطيل الأحكام من عدمه أو تأجيل دور «عشماوي»، وهو الاسم الدارج للمسؤول عن تنفيذ عقوبة الإعدام.

ورداً على تساؤلات «الراي»، أوضح مستشار مفتي مصر الأمين العام لدور الإفتاء العالمية الدكتور إبراهيم نجم الخطوات التي تتبعها «الإفتاء المصرية»، قائلاً إنه بعد تسلم دار الإفتاء ملفات قضايا المتهمين وجميع مراحل المحاكمات، مشمولة بالدفوع التي أبداها المتهم، والردود التي قامت النيابة العامة من خلالها بتفنيد دفوع المتهم، وصولاً لمنطوق القرار النهائي الذي أصدرته محكمة الجنايات، فإن مجمل أوراق القضية، يتم عرضها على لجنة فقهية في الدار.

وأوضح أن هذه اللجنة تتكون من 3 مستشارين من رؤساء محاكم الاستئناف، مختصين بقضايا الإعدام وبرئاسة المفتي نفسه، وفي اجتماعها يتم التحقق من مدى مواءمة «القرار» للشريعة الإسلامية، مضيفاً أنه يُذكر في التقرير النهائي الأدلة التي حملتها أوراق الدعوى ومعاييرها في الفقه الإسلامي على اختلاف آراء الفقهاء، وتسجل التقارير بعد الانتهاء منها بالسجل الخاص بالجنايات، ويرفق التقرير الخاص بملف القضية بعد الانتهاء من إعداده، بظرف مغلق ومختوم، يتم تسليمه لمحكمة الجنايات «في سرية تامة».

الإحالة وجوبية

وبشأن مفهوم إحالة قضايا الجنايات إلى مفتي مصر، أوضح نجم أن نظر المفتي في سلامة الحكم القضائي بالإعدام، يأتي تنفيذاً للمادة 2/‏183 من قانون الإجراءات الجنائية المصري، التي ألزمت محاكم الجنايات بإحالة قضايا الإعدام بشكل وجوبي وملزم إلى المفتي، وإلا تسرب البطلان للحكم، وبعد إرسال تقرير المفتي إلى المحكمة، تقوم المحكمة بالنطق بالحكم.

وعن إمكانية تأثير رأي المفتي في تغيير الحكم القضائي، قال نجم إن «قانون الإجراءات الجنائية الذي ألزم القاضي بعرض منطوق حكم الإعدام على المفتي كان هدفه تحقيق الاستئناس للقاضي، بحيث يتأكد من صواب حكمه إذا وافق تقرير مفتي الديار المصرية ولجنته الاستشارية، أو يتبين للقاضي ضرورة مراجعة حكمه مرة أخرى، أو يستمر في منطوقه بإعدام المتهم لقناعته بسلامة المقدمات التي ترتب عليها منطوق الحكم الذي أصدره».

قضايا الإرهاب

وبشأن ما إذا كانت قضايا الإرهاب في حاجة إلى عناية مختلفة إذا صدر فيها قرار إعدام، أشار نجم إلى أنه «يتم النظر بأوراق جميع المتهمين من دون الالتفات لأي اعتبارات سوى مواءمة الحكم القضائي لمبادئ الشريعة الإسلامية»، مؤكداً أن صفحات المفتين المصريين بيضاء من ممارسة أي ضغوط عليهم، أو وضع اعتبارات خاصة في تقاريرهم التي يصدرونها.

وأضاف ان «السقف الوحيد الذي يعلوهم (أي المفتين) هو النص الشرعي، والدار لن تستجيب لأي ضغوط ولم يحدث أنه تمت ممارسة ضغوط عليها من قبل في أي قضية».

ورداً على سؤال بشأن أمثلة لقضايا أبدى فيها مفتي مصر رفضه الحكم القضائي بالإعدام، قال نجم «إن تلك الأمور من الأسرار الخاصة ولا يمكن الاطلاع عليها، وإذا تحقق الاطلاع فيستحيل التصريح بها».

رأي استشاري

من جهته، أوضح المحامي المصري شوكت عز الدين لـ«الراي» أن جملة «إحالة الأوراق إلى المفتي»، تعني أنه لا بد وأن تحال أوراق القضية إلى المفتي لأخذ قرار بشأن المتهم فيها، مشيراً إلى أن رأيه دائماً يكون في قضايا القتل، وهو استشاري غير ملزم للمحكمة على الإطلاق، ويستند القرار إلى الآية القرآنية (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب)، وعلى ذلك يطلع المفتي على القضية بعيداً عن قرار المحكمة ثم يقرر إعدام المتهم من عدمه.

وأضاف: «اعتدنا على أن عقوبة القتل هي الإعدام وإحالة أوراق المتهم إلى المفتي تأتي بهدف التأكيد على قرار المحكمة ومن الممكن أن يرفض المفتي أن يكون الحكم على المتهم هو الإعدام، وبالتالي يرفض التصديق على الحكم الصادر ضده فتعود القضية برمتها إلى المحكمة مرة أخرى للحكم من جديد ولكن هذا الأمر لم يحدث أبداً».

الراي الكويتية

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى