فنون

شقيقان غزّيان يبدعان باللوحات التذكارية

ملّت آية المغاري وأخوها آدم من حالة الهجر للفن التشكيلي في غزة، كون البقعة التي يعيش فيها نحو مليوني مواطن في القطاع، مثقلة بالهموم والعذابات، ولا تركن أي مساحة للفلسطينيين للتجلّي بلذة الفن. فحاولا تَحجيم ما ترسمه يداهما إلى لوحات أصغر من تلك التي اعتادوا على صنعها على الجداريات والرسومات الأكبر حجمًا.
منذ صغرهما، يهوى الشقيقان رسم اللوحات والجداريات، لكن تلك السنوات صغُرت أمام أقلام الرسم في غضون أسبوعين فقط، عندما سارعا لمحاولة جذب المهتمين بالفن من خلال رسمهما للوحات تذكارية متنوعة تحمل في معانيها معاني مختلفة عن الصداقة والحب والحياة والطبيعة وغيرها من الجماليات الناعمة، لعلّها تُرضي المهمومين بغزة.
“لوحات تذكارية” هو المعرض الشخصي الأول للشقيقين المغاري، عرضا فيه 100 لوحة صغيرة، صنعاها في غضون أسبوعين فقط، بعدما لاقا طلبًا على رسوماتهما من قبل الغزّيين الذين وجدوا في ذلك الفن الجديد شكلاً من الهدايا التي يبحثون عنها للتعبير عن ذواتهم، أو إرسالها إلى المقربين من قلوبهم العامرة بالحب.
ويوضح الشقيق الأكبر آدم (27 سنة)، أنه يجد من ذلك الفن فرصة جديدة لإحياء عُطلته عن العمل التي أجبرته قسرًا على التفكير بشكل مغاير في الرسم الذي يحترفه، في ظل حالة الفقر التي يعانيها الفن في غزة، كما البطالة التي ضربت صفوف الشباب والخريجين في القطاع المحاصر إسرائيليًا، للعام الحادي عشر على التوالي.

ويقول لـ”العربي الجديد”: “فكرة اللوحات التذكارية تعالج حجّة الغزيين بعدم قدرتهم على شراء اللوحات الكبيرة، فهي أصغر حجمًا وأيسر سعرًا، كما أنّ لها شكلاً جميلاً في زوايا البيوت ومعبرة عن معاني مختلفة حسب الرسومات التي عليها”، متمنيًا أن تكون التجربة الجديدة فُرصة للتغلب على فقر الفن والجَيب في غزة.
وعلى طاولة لم ترتفع مترًا عن الأرض، داخل أحد المولات التجارية في مدينة غزة، كانت الأخت الصغرى تُرتب بعضًا من اللوحات التي واجهت بها أعين الفلسطينيين، البعض منهم استرق النظر لأعمالها خلسة وسار عازفًا في قضاء حاجته، وآخرون تجرؤوا على الاقتراب أكثر، والسؤال حول تلك اللوحات وأسعارها واستعراض رسوماتها.
وتبين آية (19 عامًا)، أنه من الصعب المجازفة برسم لوحات كبيرة وإقامة معرض لها، كونها ستكون مكلفة للزوار الذين لا يجدون في دفع مبلغ كبير في إحدى الرسومات أي جدوى، خصوصًا أن الوضع الاقتصادي والمعيشي في غزة أحدث حالة من الفراغ بين الفن التشكيلي وتقديره من قبل الفلسطينيين المنهكين بأحوالهم.
وتلفت الشقيقة الصغرى لـ”العربي الجديد”، بأنها كثفت جهدها، هي وأخوها، لرسم تلك اللوحات في فترة قصيرة، فبعضها اجتهدت في رسمها من تلقاء خيالها، والبعض الآخر رسمته بناء على طلب فتيات أخريات أردن من تلك التذكاريات أن تكون إهداءً لأنفسهنّ، أو لصديقات لهن.
وتشير المغاري إلى أن سعر اللوحة الواحدة يتراوح بين 20 و30 شيكلاً (الدولار= 3.58 شيكل)، متمنيةً أن تتعزز ثقافة الفن بين صفوف الفلسطينيين، كما تستخدمه هي للهروب من واقع الحياة الصعبة في غزة، كونها تحمل في ذاتها هاجسًا من صف البطالة الذي ينتظرها، كما أُقحم أخوها الأكبر فيه منذ سنوات.
في الأثناء، كانت صوفيا المغاري، في زيارة سريعة للمعرض لخطف لوحتها التي طلبتها من سابقتها، معبرةً فيها عن حالة التماسك بينها وبين صديقة أخرى لها، مع تعليق بسيط وضح تحت فتاتين صغيرتين “أصدقاء للأبد”، تقول إنها تنتظر إهداءها لزميلتها التي رافقتها الدرب على مدار سنوات مضت.

 العربي الجديد
اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى