العالم تريند

اغتيال صحافية “وثائق بنما”في مالطا

يوم أمس الإثنين 16 أكتوبر/تشرين الأول، كتبت الصحافيّة المالطيّة دافني كاروانا غاليزيا آخر تدوينةٍ لها. قالت “هناك أوغاد في كلّ مكان تنظر إليه الآن. الحالة يائسة”. بعد أقل من ساعة، قُتلت إثر تفجير سيارتها بالقرب من منزلها في مالطا.

 

وحوّلت قنبلة شديدة الانفجار سيارة الصحافية دافني إلى أجزاء صغيرة، وتسببت في مقتلها على الفور. وجاء ذلك بعد أيام من تلقّي الصحافية تهديدات بالقتل، بعد أن كشفت عن تورط أشخاص نافذين في مالطا في قضايا تهرب ضريبي وغسيل أموال، ضمن فضحية وثائق بنما المسرّبة، بحسب ما كشفت صحيفة “ذا غارديان” البريطانيّة.

فمن كانت الصحافية الأكثر إثارة للجدل في مالطا؟

بدأت كاروانا غاليزيا، التي كانت تبلغ 53 عاماً، وتعيش مع زوجها وثلاثة من أبنائها، مهنتها في الصحافة ككاتبة عامود صحافي في “صنداي تايمز” التي تصدر من مالطا عام 1987، لتصبح بعدها مساعدة محرر في “ذا مالطا إندبندنت”، واستمرّت في الكتابة في المطبوعة حتى بعد استقالتها من ذلك المنصب، بحسب موقع ABC الأستراليّة.

في السنوات الأخيرة، دوّنت دافني في مدوّنة خاصة، تحت اسم Running Commentary، والتي جذبت حوالى 400 ألف قارئ في أيام الذروة، بحسب “بوليتيكو” الأوروبيّة. علماً أنّ نسبة السكان في مالطا أقلّ من 450 ألف نسمة.

العام الماضي، ضُمّن اسمها في لائحة “بوليتيكو” الأوروبيّة لأكثر 28 شخصاً “يشكّلون، يهزّون، ويثيرون أوروبا”.

ووصفت “بوليتيكو”، كاروانا غاليزيا، بـ”المدوّنة الغاضبة” و”ويكيليكس المرأة الواحدة”، قائلةً “لا أحد معفيا من استجواب دافني الرقمي ولغتها الحارقة بشكلٍ دائم”.

كانت كاروانا غاليزيا الأولى التي تغطّي تورّط الوزير المالطي كونراد ميزي، ومسؤول موظفي رئيس الوزراء جوزيف مسقط، كيث ستشيمبري، بملف “وثائق بنما“.

وكشفت “وثائق بنما”، بعدما نشرت فحواها العشرات من الصحف العالمية، عن تورط عدد من قادة الدول والرياضيين في تهريب الأموال نحو بنما التي تعد جنة لتهريب الأموال.

التحقيق تم بإشراف المنظمة الدولية لصحافة التحقيق واستمر لسنوات، بعد الحصول على أكثر من 11.5 مليون ملف من أرشيف وكالة “موساك فونسيكا” البنمية، والتي تعد من أكبر مكاتب الاستشارات المالية وتوظيف الأموال عن بعد، وشملت الوثائق أرشيف الوكالة منذ عام 1977 إلى 2015.

هذا العام، ذهبت كاروانا غاليزيا أبعد من ذلك، فقالت إنّ شركة بنما “إغرينت” كانت مملوكة لزوجة رئيس الوزراء، ميشيل مسقط.

وبحسب “تايمز أوف مالطا”، أثّرت تلك المزاعم على الانتخابات العامة في البلاد في حزيران/يونيو.

يُذكر أنّ أحد أبنائها، ماثيو، عضو في الفريق الدولي للصحافيين الاستقصائيين وافاز بجائزة “بوليتزر” لعمله على فضيحة وثائق بنما، بحسب “أسوشييتد برس”.

في تدوينتها الأخيرة، قالت دافني “إنّ ستشيمبري كان في محكمة يُحاول أن يقول إنّه ليس محتالاً”، مضيفةً “يقول إنّه ليس فاسداً، بالرغم من أنّه أنشأ شركة سريّة في بنما رفقة وزيره المفضل كونراد ميزي”. كما هاجمت زوجة مسقط واتهمتها بتلقي أموالا من ابنة رئيس أذربيجان.

وأضافت “هناك أوغاد في كلّ مكان تنظر إليه الآن. الحالة يائسة”.

وأحدث اغتيال دافني كاروانا غاليزيا صدمةً في مالطا، ودان السياسيون الذين حقّقت دافني فيهم، قتلها.

وطلبت عائلة غاليزيا من حكومة مالطا تغيير القاضية المكلفة بإجراء التحقيق في مقتلها. وقالت العائلة إن القاضية كونسويلو شيري هيريرا “بصفتها الشخصية” أطلقت إجراءات قضائية ضد غاليزيا بشأن تعليقات سابقة لها. إذ كانت دافني معارضة لاذعة لحزب العمال والحكومة المالطية لسنوات. ووسعت انتقاداتها مؤخرا لتشمل الحزب الوطني المعارض، بحسب “أسويشيتد برس”.

وقال مسقط، الذي وصف كاروانا غاليزيا، بـ”أكثر المنتقدين قسوة”، إنّ قتلها “اعتداء بربري”، يساوي الاعتداء على حرية التعبير. كما طلب من الحكومة الأميركية ومكتب التحقيقات الفيدرالية (إف بي آي) المساعدة في التحقيق بالحادث.

وقال زعيم المعارضة، آدريان ديليا، إنّ الاغتيال سياسي.

وفي عزائها، وصفها محرر “تايمز أوف مالطا”، هيرمان غريتش، بـ”المحبوبة، والتي تسبب الاستياء في الوقت نفسه في مالطا المنقسمة سياسياً”.

العربي الجديد

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى