المغرب العربي

كيف سيطر الإرهابيون على تجارة السجائر في المغرب العربي؟

بات العثور على علبة #سجائر جيدة – إذا صحت العبارة – أحد الهواجس التي تقض مضاجع الكثير من المدخنين في بعض دول شمال إفريقيا، ولاسيما ليبيا وتونس، في السنوات القليلة الماضية ومنذ هزت كليهما الأحداث التي أطاحت النظامين اللذين حكماهما لعقود.

ورغم أن الأمر يبدو مختلفاً في جارتهما الثالثة، إلا أنه من المعروف أنه في #الجزائر تصنّع عدة علامات من السجائر المحلية والأجنبية.

وفي الوقت الذي لم يعثر فيه البعض عن إجابة لسبب عدم توفر التبغ بطرق عادية في أسواق شمال إفريقيا، يشير خبراء بإصبع الاتهام لعصابات الإرهابيين الذي باتوا يتحكمون في هذه الصناعة التي تدر عليهم سنوياً مليار دولار، حتى إنه أصبح يطلق على زعيم تنظيم القاعدة في بلاد المغرب، الإرهابي مختار بالمختار اسم السيد مارلبورو.

ومن الأرقام العجيبة أن أكثر من ثلاثة أرباع السجائر التي يتم تدخينها في ليبيا تصنع أو توزع بطرق غير مشروعة، كما أن أكثر من 13 مليار سيجارة تم تدخينها في منطقة المغرب العربي، مصدرها مجهول.

وتماما مثل النفط في الشرق الأوسط، حذّر خبراء من أن تجارة السجائر وتهريبها سقطت بالكامل بأيدي#الجماعات_المتطرفة حتى إنها أصبحت مصدرا رئيسيا لتمويلها.

وتقول داليا غانم يزبك، وهي باحثة في مركز كارنيغي للشرق الأوسط في #بيروت إن النزاعات في الشرق الأوسط جعلت من التهريب مصدرا مربحا جدا للدخل بالنسبة إلى الجماعات الإرهابية، بسبب أن الحدود بين الدولة رخوة كما أن الكثير من أجهزة الأمن في المنطقة، وخاصة في منطقة الساحل الإفريقي، تفتقر إلى الحاجات الملائمة لمكافحة الظاهرة.

ودأبت هذه الجماعات في السابق على الاعتمادات على الاختطافات وما تدره من فدية والابتزاز لتمويل أنشطتها، قبل أن تكتشف أن التهريب أصبح الآن مصدرا أهم للدخل.

ويقدر مكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة أن الأفارقة يدخنون سنويا ما لا يقل عن 400 مليار سيجارة، 60 مليارا منها يتم شراؤها في الأسواق السوداء.

أما الحجم الإجمالي لأرباح تجارة التبغ غير النظامي في شمال إفريقيا فيتجاوز مليار دولار.

وأضافت داليا يزبك في حديث مع موقع “العربية” بنسخته الإنجليزية أن الجماعات الإرهابية كانت تستهدف العاملين الأجانب في الشركات الدولية والتي تتواجد بكثرة في منطقة الصحراء، لتطلق سراحهم بفدية كبيرة لاحقا، لكن الوضع اختلف بعض الشيء الآن.

وأوضحت أنّ الكثير من الشركات غادرت المنطقة الآن وكان ينبغي على #الجماعات_الإرهابية أن تبحث عن معوض لمصدر دخلها غير الشرعي بما جعل من التهريب أحد أبرز الحلول.

ووفقاً لدراسة أعدتها مؤسسة “كي بي أم جيه” فإنّ تجارة التبغ غير النظامية في منطقة المغرب العربي كانت ستضخ أكثر من 565 مليون دولار من الضرائب في اقتصاديات دول المنطقة عام 2016، لو تمت عبر المسالك القانونية، غير أن جميع المبالغ الطائلة تشق أدراجها مباشرة لخزائن العصابات والجماعات غير الخارجة عن القانون، وتتقدمها المنظمات المتشددة.

وقالت داليا يزبك إنّه في بعض الأحيان لا تتورط الجماعات الإرهابية مباشرة في عمليات التهريب لكونها تتعارض ظاهريا مع عقيدتها السلفية التي تحرّم الأنشطة غير القانونية، ولذلك تلجأ الجماعات إلى فرض ضرائب على المهربين مقابل حمايتهم وحماية قوافلهم وغيرها.

وتعد السجائر المهربة مصدر أرباح طائلة نظرا للفارق بين تكاليف إنتاجها في مصانع مجهولة، وتكاليف صنع وترويج السجائر الأصلية في أوروبا.

ولا يقتصر التهريب والتجارة الموازية على التبغ بل يشمل أيضا الحاجيات الأساسية مثل السكر والخبز والبنزين ومواد البناء، بما خلق فارقا واضحا في الأسعار وجعل من تهريب البضائع تجارة مربحة جدا على الحدود المتداخلة بين دول المنطقة.

ووفقاً لتقرير مؤشر الإرهاب العالمي عام 2016 فإنّ تنظيم داعش حصّل عام 2015 أرباحا بنحو ملياري دولار، جاء معظمها من تهريب النفط الذي كان يوفر يوميا ما لا يقل عن 1.3 مليون دولار.

وحذّرت داليا يزبك من صعوبة التصدي لهذه التجارة غير القانونية التي تعد مصدر تمويل أساسياً للإرهاب. وأشارت إلى أن الكثير من الناس في الشرق الأوسط اليوم، متورطون في هذه التجارة ويعتاشون منها لدرجة أنّ مكافحة هذا السرطان يتطلب قبل كل شيء توفير بدائل اجتماعية واقتصادية لعدد مهم من العاملين في هذا الميدان ولقرى كاملة تعيش على الحدود بين دول المنطقة.

 العربية
اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى