العالم تريند

بايدن شكل “فريق النمر” لمواجهة خطط بوتين في أوكرانيا والتحضير مبكرا لكل سيناريو

عربي تريند_كشفت صحيفة “واشنطن بوست” في تقرير أعدته إيلين ناكشيما وأشلي باركر أن البيت الأبيض شكل خلية أطلق عليها “فريق النمر” والتي قضت عدة أشهر لتحضير سلسلة من الردود والسيناريوهات وألعاب الحرب بما فيها الحرب الإلكترونية والتدخل المحدود في أوكرانيا.

ومع زيادة المخاوف من العدوان الروسي ضد أوكرانيا قاد “فريق النمر” عمليات التحضير للرد الأمريكي بما في ذلك التدخل الشامل وسقوط عدد كبير من الضحايا. وقام فريق البيت الأبيض باستعراض لعدد من المناورات على الطاولة حضرها مسؤولون في الإدارة. وعمل على تجميع كتيب يلخص مجموعة من الاستجابات المحتملة السريعة، بدءا من اليوم الأول، وامتدادا على نحو أسبوعين من وقوع غزو روسي لأوكرانيا. وقال مسؤولون كبار في إدارة بايدن، إن هذا الجهد لم يساعدهم فقط على توقع التداعيات المحتملة، بل ودفعهم أيضا إلى اتخاذ إجراءات في وقت مبكر، مثل فضح حرب المعلومات الروسية قبل تنفيذها، لتقويض قوتها الدعائية.

 ونقلت الصحيفة عن جوناثان فاينر، نائب مستشار الأمن القومي في إدارة بايدن قوله “لا نزال نعول على طريق دبلوماسي لتجنب كل هذا، لذا لن نضطر أبدا إلى استخدام دليل اللعبة”. لكنه شدد في الوقت نفسه على أن الإعداد يتعلق بقدرة “التعامل مع هذه الحالة ومتى يتعين القيام بذلك”. وقالت الصحيفة إن “فريق النمر” هو مصطلح يشير إلى مجموعة متنوعة من الخبراء الذين يتعاملون مع مشكلة معينة ويقترحون أساليب للتحذير والرد وتم تشكيله بعدما تم الكشف عن إشارات للحشود العسكرية الروسية الضخمة على الحدود الأوكرانية في تشرين الأول/أكتوبر.

ورغم  اعتراف مسؤولي مجلس الأمن القومي إنهم لم يكونوا متأكدين من تحركات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلا أن التمارين والتخطيط القوي يظلان أمرا مهما ويستحقان العناء. وقال فاينر “في الحقيقة فما يقوم به الروس ربما لن يكون متطابقا بنسبة 100% مع أي من هذه السيناريوات”، لكن “الهدف هو أن تكون نسخة طبقة الأصل لما قد يحدث وينتهي بهم الامر عمله، وبهذا تكون الخطط جيدة لتقدير الوقت الذي نحتاجه للرد بقوة وفعالية، هذا هو الهدف في الواقع”.

 ورأت الصحيفة أن احتمال غزو روسي لأوكرانيا يعتبر أكبر أزمة في الشؤون الخارجية تواجه الإدارة منذ الخروج من أفغانستان في العام الماضي، عندما فاجأ انهيار الحكومة الأفغانية في كابول والسيطرة السريعة لطالبان على كامل أفغانستان الإدارة. وتبع ذلك هجوما انتحاريا على مطار كابول أودى بحياة أكثر من 170 مدنيا افغانيا و 13 من الجنود الأمريكيين. وتحاول الإدارة تجنب سيناريو مماثلا في أوكرانيا الذي قد تدخل بسبب الغزو في حالة غير معروفة من الفوضى وحمام الدم.

وتعلق الصحيفة أن عددا من مسؤولي إدارة بايدن شهدوا الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2014 وضمن شبه جزيرة القرم وما تبع ذلك من دعم للإنفصاليين في شرقي أوكرانيا. وتعلم فريق بايدن من تلك الدروس والطريقة التي قوى فيها بوتين سلطته.

وتقول  أندريا كيندال تيلور، المحللة السابقة في سي آي إيه بملف روسيا والزميلة حاليا في مركز الأمن الأمريكي الجديد إن الإدارة هذه المرة “قامت بعملية تحذير مدهشة” و “هم جاهزون هذه المرة بدرجة بعيدة”. ففي عام 2014 كان استثمار سي آي إيه في جمع المعلومات عن روسيا قد تراجع بسبب نهاية الحرب الباردة وتركيز أمريكا على مكافحة الإرهاب. وعندما غزت روسيا شبه جزيرة القرم “فقد أسقط في أيدينا ولم نكن جاهزين” حسب كيندال تيلور. وقال المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي في 14شباط/فبراير “نقوم بعمل كل الأشياء التي تتوقعها”.

 واشارت الصحيفة إلى أن الإدارة تعمل على مسارين الدبلوماسية والردع، بما في ذلك حرب المعلومات التي يتم كشفها للرأي العام.

ويقوم فريق النمر خلف الأضواء بالتخطيط ورسم الإستراتيجيات التي لم يتم الكشف عنها سابقا والتأكد من أن البيت الأبيض ووكالات الإدارة بحاجة للرد على اندلاع الأعمال العدوانية وجاهزة للعمل.

وقالت الصحيفة إن “فريق النمر” شكل رسميا في تشرين الثاني/نوفمبر العام الماضي وعندما طلب مستشار الامن القومي جيك سوليفان من أليكس بيك، مدير التخطيط الإستراتيجي في مجلس الأمن القومي لقيادة جهود تخطيط على مستوى الوكالات في داخل الإدارة. وجلب بيك إلى الجهود وزارة الدفاع والخارجية والطاقة والخزانة والأمن الوطني إلى جانب وكالة التنمية الدولية الأمريكية حتى تكون جاهزة للقيام بعمليات حالة حدوث أزمة إنسانية.

وشارك المجتمع الأمني وتدرب على عدة سيناريوهات يمكن أن يقوم بها الروس وتمت دراسة مزايا كل واحد منها. وتتراوح من هجمات محدودة يتم فيها السيطرة على أجزاء من أوكرانيا إلى الغزو الشامل واستبدال حكومة فولدمور زيلنسكي بحكومة احتلال.

وقال مسؤول في مجلس الأمن القومي الأمريكي، طلب عدم كشف عن هويته: “ليس عليك معرفة ما يفعلونه، لكننا نختار سلسلة سيناريوهات معقولة، ونخطط ضدها، على افتراض أن أيا منها قد يحدث”. إلا أن الدليل الذي أعده الفريق يذهب أبعد من سيناريوهات المعارك ويبحث في موضوعات تتعلق بمواجهة أزمة اللاجئين الأوكرانيين الذين قد يتدفقون إلى بولندا ورومانيا، وكذا عملية تأمين السفارة الامريكية في كييف وما هي طبيعة العقوبات التي يجب فرضها على موسكو وكيفية مواجهة حرب إلكترونية متقدمة.

وأشارت الصحيفة إلى أن الدليل الذي يحتوي على عدد من التقييمات الإستخباراتية طلبتها وكالات الإستخبارات الأمريكية تم توزيعه على مختلف الوكالات والقادة المدنيين والبنتاغون. ويتحدث الدليل عن تداعيات من “الدرجة الثانية” مثل انتقام روسي ضد العقوبات. ولهذا قام المسؤولون بالبحث عن طرق للتأكد من توفر الإمدادات الكافية من الغاز لدول أوروبا حالة قررت موسكو وقف إمدادات الغاز الطبيعي لها. وفي الوقت نفسه قامت وزارة الخارجية بالتنسيق وتخفيف الآثار الإنسانية على الدول المتضررة. وقال مسؤول مجلس الأمن القومي: “بشكل عام، أنت تخطط لمواجهة السيناريو الأسوأ، ومن ثم تقوم بالمعايرة”  و”من الأفضل القيام بذلك بهذه الطريقة بدلا من التخطيط لسيناريو وسيط وبدون أن تكون جاهزا”.

وقالت الصحيفة  إن خروج الولايات المتحدة الفوضوي من أفغانستان أحدث أضرارا لعلاقاتها مع الدول الغربية، إلا النزعة الحربية لأفغانستان جلبتها قريبا لمواجهة عدوان مشترك.

ويقول مسؤولو الإدارة إنهم عملوا ما بجهدهم هذه المرة لتقديم معلومات استخباراتية إلى دول أخرى”. وقال فاينر”لقد قمنا بتقديم أطنان من المعلومات والتأكد ان الجميع في موقف واحد”. ونظر بيك وفريقه في سيناريوهات مفاجئة، وهي غير محتملة ولو حدثت فستترك  آثارا خطيرة، وقد تعقد قدرة الإدارة على الرد. ولم يقدم المسؤولون أمثلة، لكن من المحتمل أن تكون انتشار متمحور قاتل من فيروس كورونا أو أزمة طاقة عالمية مستقلة عن الأزمة الأوكرانية. وقال مسؤول في مجلس الأمن القومي “لقد نظرنا لعدد من الأحداث المفاجئة” ودرسوا احتمالاتها وأثرها و “هي احتمالات  قد تكون عالية وبآثارعالية تتطلب التركيز عليها واحتمالات متدنية لا تهتم بها”.

وقالت الصحيفة إن هذا التخطيط جرى في  وقت أعدت فيه بقية الوكالات تحضيراتها الخاصة، فوزراة الخزانة أعدت خططا مدروسة لفرض العقوبات، وخططت البنتاغون لنشر قوات إضافة في الوقت الذي كان فيه البيت الأبيض ينهي دليله للرد. ومن بين القضايا التي شغلت اهتمام فريق النمر هي محاولة روسيا الترويج لسرد أنها الضحية، وان الغرب مع أوكرانيا يحضرون لهجوم يبدأ من شرق أوكرانيا.

وقامت واشنطن في الأسابيع الماضية بنزع السرية عن عدد من المعلومات منها أن روسيا قد تقوم بهجوم مزيف يقتل فيه عدد من الروس في أوكرانيا أو داخل روسيا نفسها وتتخذه ذريعة للغزو. وقال المسؤولون إن عملية التضليل هي جزء من استراتيجية موسكو وهو ما “دفع الإدارة لفضح التخطيط الروسي الحقيقي وعملياتهم المعلوماتية”. وعندما غزت روسيا شبه جزيرة القرم في عام 2014، لم يكن لدى الولايات المتحدة وأوروبا رزم عقوبات جاهزة. وقال دانييل فريد، الذي كان حينها منسق سياسة العقوبات بوزارة الخارجية، إنه باستثناء عقوبات حقوق الإنسان، فإن الولايات المتحدة لم تفكر قط في فرض عقوبات على روسيا. وقال مسؤول مجلس الأمن القومي: “لم تكن لدينا نفس الموارد في أوروبا أو الذاكرة القوية للتصدي للعدوان الروسي”. و “لقد قطعنا شوطًا طويلاً منذ ذلك الحين”.

ووضعت الإدارة الآن عقوبات محتملة على البنوك الروسية ومجموعة من ضوابط التصدير، والتي تخطط لفرضها إذا انتقلت موسكو إلى أوكرانيا. في مكالمة هاتفية يوم السبت، حذر بايدن بوتين من “تكاليف سريعة وشديدة” في هذا الاحتمال. وقالت الصحيفة، إن “فريق النمر” أجرى تمرينين افتراضيين على الطاولة، لاختبار الطريق لمختلف السيناريوهات. وقال مسؤولون إن بايدن اطلع على كتيب الفريق ونتائجه.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى