المغرب العربي

عام على حكومة نجلاء بودن في تونس: فشل كامل

عربي تريند_ مرت سنة على تولي نجلاء بودن رئاسة الحكومة التونسية، وبذلك دقت ساعة المحاسبة على ما حققته من وعود، وما فشلت في تنفيذه.

أما الطرف الذي أنجز هذه المهمة فهو إحدى منظمات المجتمع المدني المستقلة، وهي منظمة “أنا يقظ”، التي أعدت تقريراً في هذا الشأن تحت عنوان “بودن ميتر”، خلصت فيه إلى أن من بين 17 هدفاً تعهدت رئيسة الحكومة بإنجازها عند توليها المسؤولية، فقط 4 أهداف هي بصدد التحقق، ولم تتحقق بعد.

بناء عليه، اعتبرت المنظمة حكومة بودن “الأكثر فشلاً منذ الثورة”، بعد أن راهن عليها كثيراً الرئيس قيس سعيّد، ووعد التونسيين بأنها ستنجح في مهمتها، وستقطع مع الماضي، وتحدث التغيير المرتقب. مرة أخرى يخفق الرئيس في تعيين المسؤول المناسب بالمكان المناسب.

خسرت السلطة التونسية مرة أخرى المعركة الحقوقية التي طالما استخفت بها

في خضم هذه الحصيلة الضعيفة جداً، تتهيأ تونس لخوض انتخابات تشريعية فاقدة لأي طعم، نظراً للمسار المتعثر الذي تدور فيه المنافسة بين المرشحين الذين اختاروا المشاركة. إذ لأول مرة في تاريخ تونس، وفي العالم ربما، تنظم انتخابات لم يترشح فيها أحد بـ7 دوائر انتخابية، كما نجح 10 مرشحين فيها قبل يوم الاقتراع بحوالي شهرين، وذلك نظراً لكونهم تقدموا لوحدهم في دوائرهم، وغاب المنافسون.

غياب المعارضة عن الانتخابات

كما تتسم هذه الانتخابات بغياب الأغلبية الواسعة للأحزاب والشخصيات المعارضة التي اختارت المقاطعة، وهو ما من شأنه أن يجعل هذه الانتخابات مسرحاً للتنافس بين أنصار سعيّد، الذين ينقسمون إلى تيارات ومجموعات متصارعة، وتختلف فيما بينها حول قضايا عديدة هامة، ولا يجمع بينها سوى تأييد شخص الرئيس ودعم الخطوة التي أقدم عليها يوم 25 يوليو/تموز 2021، حين أطاح بقواعد اللعبة السابقة، وفتح الطريق بشكل أحادي أمام جميع الرافضين لحركة النهضة، وقواعد اللعبة الديمقراطية التي ضبطها دستور 2014.

هكذا تضافرت مختلف العوامل التي من شأنها أن تفتح المجال أمام التشكيك في مصداقية هذه الانتخابات، ما جعل البعض، من بينهم الأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي، يطالبون بتأجيل الانتخابات، ومراجعة القانون الانتخابي، في محاولة منه لإنقاذ الصورة الشكلية لمشهد انتخابي وسياسي مهدد بالفشل، حيث قال الطبوبي إنه “لا بد من وقفة تأمل قبل الدخول في نفق قد لا نخرج منه”.تقارير عربية

في سياق موازٍ، فتحت الأمم المتحدة سجل حقوق الإنسان في تونس، وذلك في ضوء التقرير الذي قدّمته الحكومة، ورأت فيه معظم الدول تقريراً غير جدي وضعيفا، ولم يجب عن الأسئلة المهمة المطروحة عليها.

لقد عادت تونس إلى مشهد شبيه بما كان سائداً قبل الثورة، حين كان المعارضون يتوجهون نحو مدينة جنيف لتفنيد مزاعم السلطة بأن أوضاع الحريات جيدة. وكما حصل من قبل، اتهم رئيس الدولة معارضيه بأنهم ارتموا في أحضان الخارج “ولجأوا إلى جنيف بعد أن طردهم الشعب”.

لكن خطاب السلطة لم يقنع الحكومات الممثلة في مجلس حقوق الإنسان التي أجمعت حول التأكيد على “تدهور أوضاع الحريات منذ حل البرلمان في يوليو 2021 “. ودعت السلطة إلى ضمان حرية التعبير، وإعادة المجلس الأعلى للقضاء، وإلغاء التدابير الاستثنائية وحالة الطوارئ، وإعادة البرلمان والمؤسسات الدستورية.

السلطة خسرت المعركة الحقوقية

لا يمكن اتهام هذه الحكومات بكونها تأثرت بما رددته المعارضة التونسية، وإنما صاغت مواقفها بناء على ما عاينه سفراؤها، وأيضاً في ضوء التقارير التي تنشرها منظمات حقوق الإنسان في العالم. وبالتالي يمكن القول إن السلطة التونسية خسرت مرة أخرى المعركة الحقوقية التي طالما استخفت بها، ولم تأخذها بعين الاعتبار.

أما الملف الثالث المثير للجدل في تونس، فيتعلق بالاتفاق الذي توصلت له الحكومة التونسية مع صندوق النقد الدولي. اتفاق لا يزال مثار جدل بين السلطة وبقية الأطراف الاجتماعية والسياسية التي تشكك في تصريحات المسؤولين، وعلى رأسهم بودن.

يعود هذا الجدل إلى عدم نشر نص الاتفاق مع صندوق النقد. ويضاف إليه تضارب تصريحات أعضاء الحكومة، وهو ما جعل هذه المسألة بمثابة اللغز، أو النص القابل للتأويل في مختلف الاتجاهات والسياقات.

فما جاء على لسان المشرفين على صندوق النقد الدولي مخالف لما صرح به بعض الوزراء حول بعض القضايا، مثل مسألة بيع عدد من المؤسسات إلى القطاع الخاص.

تستعد المعارضة بمختلف أحزابها للقيام بمزيد من التصعيد من أجل إظهار فشل الانتخابات المقبلة

ففي الوقت الذي أكد المسؤولون بالصندوق أن الوفد المفاوض باسم تونس التزم ببيع بعض شركات القطاع العام، نفى الطرف التونسي ذلك. وازداد الأمر غموضاً عندما أعلن رئيس الجمهورية رفضه المساس بالقطاع العام، وهو الموقف الذي رحب به اتحاد الشغل. وبناء عليه يخشى أن تؤدي هذه التناقضات وعدم الوضوح إلى العودة من جديد إلى التفاوض، بعد أن اعتقد البعض أن الحكومة حسمت أمرها، وقررت أن تتحمل مسؤوليتها في ذلك.

لا نتائج إيجابية لحكومة بودن

هكذا تقترب حكومة بودن نحو نهاية سنة 2022 بدون نتائج إيجابية، سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي، إذ تدل مختلف المؤشرات على أن الأوضاع تتجه نحو مزيد من التوتر والتأزم.

فالمعارضة، بمختلف أحزابها، تستعد للقيام بمزيد من التصعيد من أجل إظهار فشل الانتخابات المقبلة، وعزلة الرئيس وأنصاره داخل دائرة ضيقة، بدون أفق أو أمل في احتمال الخروج من المأزق الراهن الذي دخلت فيه البلاد. وعلى الرغم من أن الرئيس هو الخاسر الأكبر في هذا المسار، إلا أنه مستمر في شيطنة خصومه، والوعد بمستقبل أفضل للتونسيين.

اظهر المزيد

اترك تعليقك

زر الذهاب إلى الأعلى